الرد على شبهة "سرقة المسلمين لعلماء الغرب"

  • أحمد نصار
  • السبت 06 يناير 2024, 1:02 مساءً
  • 306
تعبيرية

تعبيرية

قال الدكتور عبد الرحيم خير الله الشريف، عميد كلية الشريعة جامعة الزرقاء، إن هناك شبهة تردد بكثرة على لسان الطاعنين بالإعجاز العلمي، بأن علماء الإعجاز، يسرقون جهود، وأبحاث علماء الغرب وينسبونها للإعجاز القرآني.

وتابع: لنتأمل ماذا قال علماء الإسلام في بعض أشهر مظاهر الإعجاز العلمي.. حين آمنوا بما دل عليه القرآن الكريم من مظاهر علمية خالفت ما تعارف عليه أشهر علماء غير المسلمين.. إن وجدوا ، مشيرا إلى مسألة كروية الأرض:فقد جاء في معجم البلدان 2/379 بتعريف خط الاستواء: ” خط الاستواءَ من المشرق إلى المغرب وهو أَطولُ خط في كرة الأَرض، بل أن السماء كروية، وكل ما فيها يدور.. وهو لا خلاف فيه

 

وبين أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال في مجموع الفتاوى 25/195: ” إن الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد لا خلاف بين العلماء قال إن السماء على مثال الكرة وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة، وأن الإيمان بدوران الأرض حول الشمس، أدى إلى التفسير الصحيح لظاهرتي الكسوف والخسوف

 

وأشار "الشريف" إلى ما قاله الغزالي في كتاب تهافت الفلاسفة: أن  خسوف القمر عبارة عن انمحاء ضوئه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس من حيث أنه يقتبس نوره من الشمس والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب فإذا وقع القمر في ظل الأرض انقطع عنه نور الشمس. كقولهم إن كسوف الشمس معناه وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس وذلك عند اجتماعهما“.

 

 

كما تطرق الباحث إلى مسألة أن القرآن أول من نقض نظرية الجنين القزم التي ذكرها فلاسفة اليونان والعهد القديم، لافتا إلى أنه كانت تلك النظرية راسخة كأنها حقيقة ثابتة لا جدال فيها. وهذا لم يمنع العلماء من تقديم النص القرآني عليها.

 

لافتا إلى ما قاله ابن حجر في مقدمة شرحه لكتاب القدر في صحيح البخاري: “وزعم كثير من أهل التشريح: أن مني الرجل لا أثر له في الولد، إلا في عقده. وأنه إنما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك “. انظر: فتح الباري13/311، وكذلك ما قاله ابن القيم: ” الجنين يُخلق من ماء الرجل وماء المرأة، خلافاً لمن يزعم من الطبائعيين أنه إنما يخلق من ماء الرجل وحده “. انظر:  تحفة  المولود1/272.

 

وأكمل : أن القرطبي قال “بَيَّنَ الله تعالى في هذه الآية [يقصد قوله تعالى: ” يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ ” (الحجرات 13) ] أنه خلق الخلق من الذكر والأنثى.. وقد ذهب قوم من الأوائل، إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدم الذي يكون فيه.. والصحيح: أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة؛ لهذه الآية، فإنها نصٌّ لا يحتمل التأويل ” انظر: الجامع لأحكام القرآن  16/342.

 

وأشار الدكتور الشريف إلى ما نوه عنه الباحث عبد الدائم الكحيل حول وجود سبع طبقات للأرض كما للسماء، مستشهدا بقوله تعالى في سورة الطلاق: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا(12) “، ويقول الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب 30/26 ” خلق سبع سموات بعضها فوق بعض مثل القبة، ومن الأرض مثلهن في كونها طباقا متلاصقة“. ثم ذكر أن العلماء الطبيعة في زمنه لم يثبتوا للأرض إلا ثلاث طبقات.

 

وتابع : علينا أن ننظر إلى تفسير المفسر الكبير الطاهر بن عاشور الذي توفي قبل أقل من ثلاثين عاما وسأذكر نص كلامه بطوله لتعلموا كيف أن المفسرين يثبتون الإشارة العلمية في القرآن الكريم وإن خالفت ما عليه العلماء الطبيعيون في زمانهم. فتصديق القرآن مقدم على تصديق الطبيعيين، وكذلك ما جاء في تفسير التحرير والتنوير 18/4471 ” والسبع السماوات تقدم القول فيها غير مرة، وهي سبع منفصل بعضها عن الآخر لقوله تعالى في سورة نوح (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا)

 

وأضاف:  وقوله (ومن الأرض مثلهن) عطف على (سبع سماوات) وهو يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون المعطوف قوله (من الأرض) على أن يكون المعطوف لفظ الأرض ويكون حرف (من) مزيدا للتوكيد بناء على قول الكوفيين والأخفش أنه لا يشترط لزيادة (من) أن تقع في سياق النفي والنهي والاستفهام والشرط وهو الأحق بالقبول وإن لم يكن كثيرا في الكلام، وعدم الكثرة لا ينافي الفصاحة، والتقدير: وخلق الأرض، ويكون قوله (مثلهن) حالا من (الأرض)، ومماثلة الأرض للسماوات في دلالة خلقها على عظيم قدرة الله تعالى، أي أن خلق الأرض ليس أضعف دلالة على القدرة من خلق السماوات لأن لكل منهما خصائص دالة على عظيم القدرة.


تعليقات