رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

نبات يفترس الحيوانات.. التطوريون في ورطة!

  • أحمد نصار
  • الخميس 04 يناير 2024, 10:01 صباحا
  • 126
نبات

نبات

صدر النبات صوت أنين خافت وحزين وكأن إنساناً في النزع الأخير يئن ويبكي، تجري الفريسة نحوه لمعرفة الصوت، وعندما تقترب من هذا النبات ينغلق عليه الباب وهو بداخله كما يفعل المصعد الكهربائي مع الصاعد المتسرع، يفاجأ الإنسان بالمشهد المرعب والعجيب، يصرخ ولكن لا مجيب، فقد أغلقت عليه الشجرة أبوابها وأنزلت عليه الأحماض منهمرة لتشل حركته، تحتضنه الشجرة حضن الموت إلى أن تطمئن لموته، وتبدأ في تحليل جسمه ثم التغذي عليه، وبعد مدة تفتح الباب وتلقي بهيكله العظمي المفتت خارج ساقها القاتل".. هذا ما أكده  الدكتور محمد كامل عبد المجيد طلبه، رئيس قسم الأحياء في كلية المعلمين (تربية عين شمس لاحقاً)، الأسبق، في إحدى محاضراته.

 

ومن جانبه يقول الدكتور، نظمي خليل أبو العطا، الباحث في علوم النبات، والإعجاز العلمي في القرآن، إن هذه العملية، تسمى بالأيض (Metabolism)المشتمل على عمليتي البناء والهدم، ففي عملية البناء( Anabolism)  يحول الكائن الحي المواد الغذائية إلى مكونات خلوية حية  وحيوية ضرورية لنمو الكائن الحي واستمرار حياته، أما في عملية الهدم (Catabolism)فتتحلل بعض مكونات الخلية الحية، وتخرج نواتج ذلك إلى خارج الخلية، أو تُبعد عن عمليات البناء فيها، أو تُعاد إليها مرة أخرى.

 

وتابع أن عمليات البناء والهدم تعمل في اتزان إلهي عجيب، يحفظ على الكائن الحي حياته والاستمرار فيها، وعندما يختل هذا الاتزان الحيوي، فإن الكائن الحي يسير في طريق المرض أو الموت والفناء.

 

وأردف قائلا: إن النباتات المفترسة أو اللاحمه مجموعة من النباتات موطنها الأصلي جزيرة مدغشقر وأواسط آسيا واستراليا، وبعضها يباع في محلات بيع النبات والأزهار في البحرين والخليج العربي، وهي نباتات مستوردة من موطنها الأصلي أتت إلينا مع كل شيء مستورد في حياتنا، وقد أدى انتشار البرامج العلمية في بعض المحطات الفضائية إلى عرض أفلام رائعة عن تلك النباتات، ولكن يعاب على هذه البرامج أن الذين أعدوها يقيمون تصوراتهم لنشأة الحياة بأنها نشأت بالصدفة والعشوائية، لذلك يسندون كل فعل حيوي إلى الكائن الحي، وأنه طور نفسه للحياة الجديدة.

وأوضح "أبو العطا" أن الافتراس كما نعلم هو علاقة حيوية يجهز فيها كائن حي (مفترس) على كائن حي آخر "فريسة" ويتغذى عليه، متابعا: "تعودنا أن نرى الحيوان يفترس الحيوان أو الإنسان، ولكن ليس من الشائع أن نرى النبات يفترس الإنسان ويقتنصه، وتعودنا أن نرى الإنسان يقتنص الحيوان، والحيوان يقتنص الحيوان والإنسان بآليات مختلفة، ولكن لم نتعود أن نرى النبات يقتنص الحيوان أو الإنسان".

 

 وأكمل: أنه من العجيب أن ورقة النبات الرقيقة اللطيفة الجميلة في النبات قد هيأها الله سبحانه وتعالى مرة لتكون زهرة جميلة مختلفة الأشكال والألوان، ويحولها مرة إلى شوكة قوية تدافع عن النبات، وإلى معلاق Tendrilيتعلق به النبات على النبات والجدران، ومرة إلى مخزن لتخزين الغذاء، وأخرى إلى معدة وجهاز قنص يقتنص ويتغذى به النبات على الحيوان، علاوة على وظيفتها المعتادة في القيام بعملية البناء الضوئيPhotosynthess  بتثبيت الطاقة الضوئية، وشطر ثاني أكسيد الكربون وتثبيت كربونه، وشطر الماء وتثبيت هيدروجينه وانطلاق أكسجينه، فسبحان الخالق القادر (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) [طه50 ].

 

ولفت إلى أن هذه المجموعة النباتية المفترسة تعيش في بيئات فقيرة في النيتروجين الضروري لبناء سيتوبلازمها وبروتينها، وأنزيماتها، وأغشيتها, وعضيتها, ولكن الرزاق لم ينساها، وساق إليها رزقها النيتروجيني في هذا الحيوان الذي تقتنصه وتتغذى عليه .

 

  وأشار إلى أن من هذه النباتات المفترسة، نبات القدر أو الجرة (Nepenthes)، ويسميه البعض بنبات السلوى لاحتوائه على السوائل السكرية، وفيه تتحور الورقة إلى شكل جرة أو قدر له غطاء عمقه 30سم في بعض الأنواع وعرضه 12 سم بحيث يسمح بدخول الحشرات الكبيرة، وبعض الطيور الصغيرة والزواحف، وللنبات ألوان زاهية، وروائحه زكية وبداخله سائل، وكل الطرق والتراكيب تهيأت لإغراء الفريسه واقتناصها، فقمة القدر متدحرجة إلى الداخل وكل شيء يسمح بالمرور في اتجاه الداخل، ويحول دون المرور للخارج، والجدار الداخلية مغطاة بزوائد وحراشيف زلقة شمعية الملمس، وبعض الزوائد المتدلاة للداخل كالحبال الهابطة إلى الوادي من أعلى الجبل، وفي قاع القدر بعض الماء المتجمع من إفرازات الورقة وماء المطر، والمخلوط بالإنزيمات الهاضمة للبروتين، والكاوية للفريسة التي تفرزها مجموعة كبيرة من الغدد الداخلية عددها ستة آلاف غدة في كل سنتيمتر مربع، وبعد سقوط الفريسة في السائل ينغلق الغطاء عليها وتبدأ عملية القتل والهضم والامتصاص والتمثيل الغذائي للفريسه .

 

ونوه أيضا إلى أن هناك نبات الفخ أو الديونيا ( Dionaea): فقد تحور نصل الورقة إلى صمامين متمفصلين عند العرق الوسطي، وفي حوافهما أشواك متبادلة الوضع في الصمامين، وعلى السطح العلوي للورقة زوائد استشعار باللمس، فعندما تلمس الفريسة، سواء أكانت حشرة أو ضفدعة، أو عصفور صغير، أو زاحف أصغر ينطبق المفصلان في سرعة خاطفة على الفريسة كما ينطبق الفخ الحديدي الذي يضعه الصياد للطيور والحيوانات، وبذلك تقتنص الورقة الفريسة وتحبسها في الفخ وتمنعها من الهرب والحركة، ثم تغرقها بالإنزيمات والسوائل الحارقة فتقتلها وتحللها, ثم تمتص عصارتها المهضومة والمتحللة، وبعد تمام امتصاص العصارة تفتح الورقة مصراعيها ملقية بالفضلات أسفل النبات، حيث تجد البكتيريا المحللة والفطريات الهاضمة رزقها فيه, وهكذا تعاد دورة الغذاء بافتراس حيوان جديد .

 

وأكد الباحث في علوم النباتات أن نبات الفخ أو الديونيا ( Dionaea)، يستطيع تمييز الفريسة الصالحة للهضم والامتصاص بأنزيماته الخاصة عن الفريسة غير القابلة للهضم والامتصاص، فيمسك القابلة، ويطرد غير القابلة قبل أن تموت  أو يفرز عليها العصارات الهاضمة، ولا يكتفي النبات بالمصائد الهوائية السابقة بل هناك المصائد  المائية التي تصطاد الحيوانات السابحة في الماء في أكياس مثانية ( Bladders)ولكل مصيدة مثانية فتحة البواب المزودة بالملامس الاستشعارية، وعندما يلامس الحيوان تلك الملامس الاستشعارية يفتح الباب للداخل فيندفع الماء حاملاً الفريسة إلى داخل المثانة, حيث تحجز إلى أن يتم قتلها في هذا الجُب العميق  وتحليلها وامتصاص عصارتها المهضومة .

 

وختم كلامه قائلا: لقد حاول باحثوا نظرية التطور البحث في هذه النباتات المفترسة عن مبررات لتطويرها ونشأتها بالصدفة والعشوائية والطفرة والانتخاب الطبيعي، ولكن جاءت محاولاتهم غير علمية ولا تصمد أمام الحقائق الكونية، متسائلا: من حول هذه الورقة من ورقة إلى ومصيدة، وجهاز تحليل وهضم وامتصاص ( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين) ، ومن أعلم هذه النباتات أنها تحتاج إلى النتروجين وأنها في بيئة فقيرة فيه ؟! هل لها عقل يفكر، هل عندها تفكير مدبر؟!، ومن أنبأها أن هذه الحيوانات تحتوي النيتروجين الذي تفتقده في غذائها، وأنها ستموت أن لم تحصل على هذا النيتروجين؟ ومن أعطاها هذه الآليات المعجزة للإحساس والإمساك والهضم والامتصاص؟! ومن زودها بالإنزيمات الهاضمة للبروتين، وكل النباتات تحصل على نيتروجينها من البيئة الأرضية، فمن حول هذه النباتات  إلى المصادر النتروجينية الحيوانية الحية ؟!

"لا إجابة علمية عقلية  شرعية شافية سوى أن الخالق خلق هذا النبات، وأودع فيه علمه وقدرته،  ليعلم الإنسان أن الله على كل شيء قدير" قال الله تعالى في كتابه العزيز: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ).

تعليقات