إعجاز السماء المبنية والأعمدة المخفية!

  • أحمد نصار
  • الأربعاء 03 يناير 2024, 09:26 صباحا
  • 24
تعبيرية

تعبيرية

قال الدكتور أحمد سنان الكامل، الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، إن قول الله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ) سورة النازعات آية :”27-28″. جاء فيه ذكر السماء وهي مفرد، وجمعها سماوات، وهي: كل ما أحاط بالأرض، وهي: سبع سماوات طباقا.

 

وتابع: تطلق السماء، على كل ما علا. سواء كان علو قريب كسقف للبيت، أو كالسحاب أو كالغلاف الجوي للأرض أو كسماء الدنيا. أو بعيد كالسماء السابعة. وتطلق على بعض أجزائها، من باب إطلاق الكل و إرادة الجزء، وتطلق أيضا ويراد بها الكل. كما تطلق الأرض ويراد بها الجزء منها، وتطلق ويراد بها جميع الأرض الظاهر والمخفي منها عن أعيننا. وكل ذلك يفهم من خلال سياق الكلام، لافتا إلى هذا الكلام مذكور ومبثوث في كتب التفسير، ذكره المفسرون في تفاسيرهم

 

  وأردف قائلا: إن القرطبي- عليه رحمة الله- في تفسيره: أوضح أن السماء : كل ما علاك فأظلك ، ومنه قيل لسقف البيت : سماء . والسماء : المطر ، سمي به لنزوله من السماء . قال حسان بن ثابت : ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء

 

وأكمل : والسماء التي نريد أن نتحدث عنها هي : تلك الأجرام السماوية، الموصوفة “بالبناء”. فقد وصف الله سبحانه وتعالى السماء بأوصاف كثيرة، ووصف ما فيها، ولكن الملاحظ من خلال تتبع الآيات نجد انها تؤكد على أن السماء “بناء” . فقد ورد هذا اللفظ ومضمونه في عدة مواضع: (بناء، بنيناها، بناها، وما بناها، طباقا، بغير عمد، تشقق السماء، سقفا محفوظا، ذات الحبك، بروجا وزيناها، ذات الرجع) وهذه الأوصاف كلها، لا تخرج أوصاف الأبنية.

 

وأوضح: أن البناء: يكون له سقف، وحوائط (جدران) وعمدان، وأبواب، و يكون في ذلك السقف زينة، و يكون البناء مترابط، ويكون هذا البناء في مكان محدود وملموس، وقد يكون طوابق متعددة، وقد يكون فيه حراسة، وقد يكون فيه أبراج، وقد يحصل في سقفه شقوق، وكل بناء له طول وله عرض، وكل بناء يكون فيه الإضاءة.

 

  وأشار إلى أن البناء يكون منظم ومرتب له مقاسات واتجاهات محدودة.. ولا يفارق معظم الأوصاف السابقة، فتعتبر أساسية في كل بناء، فكل الأوصاف السابقة التي تكون في الأبنية، أطلقها القرآن على السماء، مصداقا لقوله تعالى:(اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ *بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا* ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)سورة الرعد: “آية ٢”.، وقوله تعالى" (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي *السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا* لِلنَّاظِرِينَ)سورة الحجر: “آية 16”. وكذلك في قوله تعالى (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ *سَقْفًا مَحْفُوظًا* وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) سورةالأنبياء”آية:32″.بجانب قوله تعالى (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا )سورة الفرقان:” آية25″.، والآيه الكريمة (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ *بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا* وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ )سورة لقمان: “آية 10”.

 

ونوه إلى أنه بعد هذا العرض للآيات الكريمة والتي اشتملت على لفظ البناء وما تضمنه. الذي يدل على أن السماء ( *بناء* ). ومعلوم أن البناء فيه الإتقان والإحكام. فما هو تعريف البناء عند أهل التفسير ؟! حيث قال الطاهر بن عاشور -عليه رحمة الله- عند تفسيره للآية: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)سورة غافر:”آية64″، وأن البناء : ما يُرفع سمكه عن الأرض للاتقاء من الحر والبرد والمطر والدواب . ووصف السماء بالبناء جار على طريقة التشبيه، ووقال أيضا عند قوله: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ *بَنَاهَا* )سورةالنازعات:”آية27

 

وَالْبِنَاءُ: جَعْلُ بَيْتٍ أَوْ دَارٍ مِنْ حِجَارَةٍ، أَوْ آجُرٍّ أَوْ أَدَمٍ، أَوْ أَثْوَابٍ مِنْ نَسِيجِ الشَّعْرِ، مَشْدُودَةٌ شُقَقُهُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بِغَرْزٍ أَوْ خِيَاطَةٍ وَمُقَامَةٌ عَلَى دَعَائِمَ، فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بِأَدَمٍ يُسَمَّى قُبَّةً وَمَا كَانَ بِأَثْوَابٍ يُسَمَّى خَيْمَةً وَخِبَاءً. وبناء السماء : خلقها ، استعير له فعل البناء لمشابهتها البيوت في الارتفاع . انتهى

 

 وأكمل : إذن: فالسماء بناء وليس فراغ أو فضاء.! فهي مبنية ومادتها المجرات والنجوم والكواكب والشموس والأقمار والنيازك والدخان والجاذبية، فهي متماسكة ومترابطة مثل البناء على الحقيقة.

 

وتطرق الباحث إلى ما أكده تقرير علمي، نشرته قناة الجزيرة في موقعها يدل على اكتشاف لتشكل المجرات وتطورها بأن هناك ما يشبه (السقالة) التي تدعم البناء، وشبكة تربط بين المجرات لكنها باهته للغاية مما يجعل من الصعب اكتشافها، منوها إلى أن وجه الإعجاز في جملة الآيات السابقة، يؤكد أن التشبيه البليغ والتمثيل في الوصف بالشيء المعلوم لما هو غير معلوم ومجهول وهو: البناء سواء كان مثل القبة أو مثل: الخيمة والخباء.. فيجعل صورته في ذهن السامع كالمشاهدة، وكذلك قد استعمل علماء الفضاء نفس المعاني والمصطلحات التي ذكرها القرآن بعد أن كان اعتقادهم بأن السماء فراغ وفضاء.. فعادوا إلى تسميتها بالبناء الكوني أو النسيج الكونى، والآن يتأكد الكلام ويزداد وضوحا عندما وجدوا ما يشبه “السقالة” التي تدعم البناء، و”الشبكة” التي تربط بين المجرات كما سبق ذكره. وهذا يدلنا على أن الاكتشافات العلمية تقترب كثيرا من الحقائق القرآنية، إلى حد التطابق، فهذه الشبكة من الشعيرات الباهتة التي يصعب اكتشافها هي بمثابة الأعمدة غير المرئية المذكورة في القرآن.

 

 

 

 

تعليقات