أفلا تبصرون .. الامتصاص المائي المعجز في النبات!

  • أحمد نصار
  • الأحد 31 ديسمبر 2023, 07:42 صباحا
  • 138
تعبيرية

تعبيرية

قال الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى، المفكر الإسلامي، إنه عندما نضع قطعة من الحلوى أو السكر في الماء فإنها تتفتت وتذوب وتنتشر في الماء بعد مدة وجيزة لدرجة أنك لن تجد قطعة السكر في الماء فقد تحول الماء إلى محلول سكري حقيقي واختفت قطعة السكر.

وأضاف: عندما يسير الإنسان والحيوانات غير الصحراوية في الصحراء، فإن الخطر من الجفاف وفقدان الماء الجسمي يهدد الإنسان بالهلاك وعندما تغمر النباتات الوسطية بالماء فإنها تموت، ولكننا نرى نباتات مائية مغمورة وطافية عاشت في الماء وقد حافظت على شكلها ووظائفها الحيوية وعلاقاتها المائية، كما أن النباتات الصحراوية حكمها حكم الحيوانات الصحراوية والكائنات الحية الدقيقة المستوطنة  للبيئة الصحراوية الجافة، قد هيأها الله سبحانه وتعالى للعيش في البيئة الجافة وممارسة الأنشطة الحيوية، ولكن غياب الماء عن النباتات والكائنات الحية الوسطية لمدة يقتلها ويقضي عليها، وتختلف النباتات المائية عن نباتات البيئة الوسطية عن نباتات البيئة الجافة في المحتوى المائي وامتصاص الماء وفقده ولكن في النهاية هناك حالة توازن مائي معجز في كل نبات .

 وأوضح : أن النبات، يحتاج  كباقي الكائنات الحية إلى قدر كاف من الماء، فالماء أحد المركبات الأساسية في سيتوبلازم الخلية النباتية وتحتاج العمليات الحيوية من هدم وبناء في النبات إلى الماء مصداقاً لقول الله تعالى : (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون )الأنبياء (30)، لافتا إلى أن النبات يحصل على حاجته من الماء من التربة بواسطة جذوره المتشعبة فيها، غير أن النبات يفقد الجزء الأكبر من الماء عن طريق الأوراق في عمليتي النتح(Transpiration) والإدماع (Guttation) وعملية الإدماء ( Bleeding) وعند قطع أحد فروع النبات أو ساقه ويصعد الماء الممتص من الجذور إلى الساق المتصل بالجذر إلى الساق والأفرع الجانبية إلى الأوراق والأزهار والثمار.

ولفت إلى أن الاتزان المائي في النبات يتوقف على العديد من العمليات الحيوية  تتمثل في امتصاص الماء، وصعود العصارة، والنتح والإدماع، الإدماء، موضحا أنه في عملية الامتصاص يحصل النبات على الماء عن طريق الشعيرات الجذرية، مضيفا أنه على الرغم من صغر المسافة التي تشغلها منطقة الامتصاص من الجذور إلا أن وجود الشعيرات الجذرية بهذه المنطقة يضاعف إلى حد كبير سطح الامتصاص. كما أن تغلغل هذه الشعيرات الجذرية بين حبيبات التربة تعرض سطح الامتصاص من الجذور لأكبر مساحة ممكنة من الوسط الخارجي.

وأرف: ويسلك الماء الداخل إلى الجذور بعد دخوله من الشعيرات الجذرية وبشره الجذور عدة طبقات من القشرة (Cortex) ثم يصل إلى البشرة الداخلية (Indodermes)إلى الخشب (Xylem) فباقي أجزاء النبات بالآليات التالية:

1.    التشرب (imbibitation) :

حيث تتشرب جدر خلايا الشعيرة الجذرية الماء حتى تتشبع به، ثم من جدر الشعيرة المشبعة إلى جدر خلايا البشرة غير المشبعة فأوعية الخشب فالساق والأوراق  نتيجة نقص خلاياها للماء بالنتح.

2.    الامتصاص النشط للماء ِActive water absorption : حيث ينتقل الماء من التربة إلى الشعيرة الجذرية بآلية أسموزية بسيطة عندما تكون قوة الامتصاص الأسموزية (osmosis absorption) للشعيرة الجذرية أعلى من المحلول الأسموزي للتربة فتزداد درجة امتلاء خلايا الشعيرة الجذرية وتخفض قوة امتصاصها الأسموزية عن قوة امتصاص خلايا القشرة الملاصقة وهكذا يستمر انتقال الماء من خلية إلى أخرى حتى يصل إلى أوعية الخشب ويندفع الماء الممتص إلى داخل أوعية الجذر الخشبية بقوة دافعة تنشأ عن الفرق بين ضغطي محلول التربة والعصارة الخشبية الذي يطلق عليه الضغط الجذري (Root pressure).

ونوه إلى أن هناك قوة أخرى يدخل الماء بواسطتها إلى الجذور وهي قوة الامتصاص السلبي للماء (passive water absorption) الناتج عن النتح، فعندما تفقد خلايا النسيج الوسطي في الورقة بعض مائها بعملية ا لنتح  (Guttation ) ترتفع قوة امتصاصها الأسموزية وتسحب الماء من الخلايا المجاورة لها وهذه بدورها ترفع قوة امتصاصها الأسموزية ومن ثم تسحب الماء من الخلايا المجاورة لها، وهكذا إلى أن يصل السحب إلى الأوعية الخشبية للورقة،  وعلى ذلك وتابع: يتعرض الماء في هذه الأوعية إلى شد من أعلى، ولما كان الماء في الأوعية الخشبية يكون خيطاً متصلاً من الجذر إلى الورقة فإن قوة الشد تنتقل إلى أسفل خلال عمود الماء كله، وعندما تصل هذه القوة إلى عمود الماء في القنوات الخشبية في منطقة الامتصاص يبدأ الماء في الانتقال إلى هذه القنوات من الخلايا الحية الملاصقة لها، فتزداد قوة الامتصاص الأسموزية للخلايا الأخيرة وينتقل الماء إليها من التربة، ويدخل معظم الماء إلى الجذر بآلية الامتصاص السلبي، وهذه القوة قادرة على امتصاص الماء من التربة إلى أن تقترب نسبته فيها من النسبة المئوية للذبول الدائم، وفي هذه الحالة يكون الضغط الأسموزي لمحلول التربة مساوياً  ضغطاً جوياً تقريباً، أما الامتصاص المباشر النشط للماء فلا يستطيع امتصاص الماء من التربة إذا تعدى الضغط الأسموزي لمحلول التربة ضغطين جويين  .

وأشار إلى أن العوامل المؤثرة في امتصاص الجذر للماء تتأثر قوة الجذر على امتصاص الماء بالعوامل الآتية : تركيز محلول التربة ـ المحتوى المائي للتربة ـ درجة حرارة التربة والجو ـ  تهوية التربة.

وأكمل: بالنسبة إلى محلول التربة فإن امتصاص النبات الوسطي للماء يقل بزيادة المحتوى الملحي لمحلول التربة، وتستطيع النباتات الوسطية أن تساير الزيادة في تركيز محلول التربة إلى حدود معينة وبعدها يعجز النبات عن امتصاص الماء من التربة ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى دورة الماء لتخليص ماء البحر من الملح ثم هطول الأمطار العذبة للزراعة والري ومع ذلك نحن نرى غابات نبات الشورى أوابن سينا(Avicena mareena) تنبت وتنموا وتزهر وتزدهر في المياه المالحة للخليج العربي وغيره من البحار والخلجان المالحة، كما أن النباتات الملحية تعيش في تربة ذات محتوى ملحي مرتفع مثل نبات الخريزة Salicornia والسويدة Suaeda  وغيرها تعيش في الأراضي المالحة ، وهكذا هيأ الله سبحانه وتعالى تلك النباتات بضغط أسموزي داخلي مرتفع جعلها تعيش في تلك الأرض المالحة لتحافظ على الكساء الخضري لهذه الأرض وتوفر الرزق للعديد من الحيوان والنبات والأسماك والكائنات الحية الدقيقة في هذه البيئة.

 

تعليقات