باحث في الإعجاز العلمي: القرآن الكريم مليء بكنوز تخبرنا بصدق عن عظمة الخالق

  • أحمد نصار
  • الأحد 31 ديسمبر 2023, 07:23 صباحا
  • 544
الخيل

الخيل

أكد الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن، الدكتور ناصر أحمد سنه، أن القرآن الكريم مليء بكنوز من الإعجاز التي تخبرنا بصدق عن عظمة الخالق.

 

وتابع: يقول جل شأنه “وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ(5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ(6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(8)” (سورة النحل:5-8)، لافتا إلى أن تقرير القرآن الكريم يؤكد أن تلبية “ضرورات الانتفاع المادية” من الخيل للركوب، عطفت الآية الكريمة كلمة، “وزينة” تلبية لحاجات أخري، حاجات تذوق الجمال عند النفس البشرية السوية، وتنميتها وإثرائها.

 

وأردف قائلا: قد ورد الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على تكريم الخيل والعناية بها؛ فمن ذلك أن النبي، صلي الله عليه وسلم قال: ”خير مال المرء مُهْرةٌ مأمورة أو سكة مأبورة” (مسند أحمد، برقم: 15284) (سكة مأبورة: أي نخل ينبتُ على صفين ملقح). وروي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: “رُئِيَ يمسح وجه فرسه بردائه فسئل عن ذلك؟ فقال: إني عُوتبت الليلة في الخيل” (موطأ مالك، برقم: 890).

 وفي الصحيح عن جرير بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْوِي نَاصِيَةَ فَرَسٍ بِإِصْبَعِهِ وَهُوَ يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ”(صحيح مسلم، برقم: 3479).

 

وأكمل : الرواة قد اختلفوا في عدد خيله، صلي الله عليه وسلم كما اختلفوا في أسمائها وألوانها، ولكن المشهور والمتفق عليه، ستة خيول: “السَّكْب”: الخفيف السريع الجري، و”المُرْتَجز”: يقال غيث مرتجز، و”ذو رعد”، لجهارة صهيله وحسنه، و”لِزَاَزُ”: الشديد المجتمع الخَلْقِة، و”اللُحَيْف”: طويل الذنب، كأنه يلحف/يغطي الأرض بذنبه، و”سَبْحَةَ”: حَسَنُ مدّ اليدين في جريه، و”الِظَّرَبُ”: ما نتأ من الحجارة وحُدّ طرفه، وقيل هو الجبل الصغير. وحكي عن ابن خالويه قال: كان للنبي، صلي الله عليه وسلم من الخيل: سَبْحَة، واللْحيف، ولِزَاز، والظَّرِب، والسَّكْب، وذو اللَّمَّة، والسَّرْحَان، والمُرْتَجِل، والأدْهَم، والمُرْتَجز، وذكر في موضع آخر مُلاوح والوَرْد، واليَعْسُوب. وذكر غيره: ذو العُقَّال والسَّكْب، واللْحيف، ولِزَاز والظَّرب، وسَبْحة، والبَحْر، والشَّحَاء.

 

وأوضح "سنه" أن الله تعالي،قد خلق الكون وما به جميلاً، في ذاته، وليس انعكاسا من المشاهد/ المـتأمل/ المراقب، وجمالها ـ يشتي صنوفه، وهنا مدار القول علي جمال الخيل، ولا يخلو كائن حي.. دقيق أو كبير من جَمال وإبداع ـ يُعد معياراً في تناول العلوم وفلسفته ونظرياته، وتلك نظرة جديدة، ومبدأ حديث في العلم. إن الجمال، بوصفه قيمة ايجابية ذات صفة موضوعية، يبدو شعوراً بحضور بما هو جميل. والجميل، بطابعه الحسي الواقعي المتعين يبدو في جزئيته وتنوعه وتغيره، مشاركة أصيلة في الماهية الكلية.

ولفت إلى أن عروبة الخيل وأصالتها، أمر أكدته الكشوف الأثرية، والآداب العربية. وكما حرص العرب على حفظ شجر أنسابهم، حرصوا على إثبات أنساب خيولهم سواء بسواء، وثمة مصنفات كاملة موضوعة في أنساب الخيل، كما فعل ابن الكلبي، والأصمعي، والغندجاني وغيرهم، موضحا أن عناية العرب بخيلهم قد بلغ أن أطلقوا على كل ما يتصل بها اسماً، ولم تقاربهم في ذلك أي لغة أخرى. فثمة أسماء تشمل أطوار حياتها، ومشِّيها، وعَدْوها، وأصواتها، وعتقاها، وأنواعها، وألوانها، وأوصافها الخ. فوليد الفرس أول ولادته”مُهراً”، ثم “فُلْواً”، وبعد سنة واحدة “حَوْلي”، وفي الثانية “جَذْعاً”، والثالثة “ثِنْيِاً”، فإذا دخل الرابعة “رَباعاً”، وفي الخامسة “قادحاً”، حتى يبلغ الثامنة، فإن تجاوز إلى نهاية عمره سمى”مُذَكّى”.

ونوه إلى أن الخيول النجدية، تعد من أجود أنواع الخيل وأعرقها، وهي تمتاز بصغر رأسها (من أهم ميزات الحصان العربي الأصيل، وعليها يتوقف حسنه وأصالته)، فرأسه جميل التكوين (أحسنها ما كان على شكل هرم؛ قمته إلى أسفل وقاعدته لأعلي)، ناعم الجلد، قليل لحم الخد، بارز عضلاتها. ورأس الأنثى أصغر قليلاً من رأس الذكر، ويمتاز بجبهة عريضة تُزيّنها غُرَّة (بياض) في وسطها، وعينان واسعتان سوداوان، يسترسل عليهما شعر الناصية فيقيهما من أشعة الشمس المحرقة. وقد أشار رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى أهمية شعر الخيل :”لاَ تَقُصُّوا نَوَاصِي الْخَيْلِ وَلاَ مَعَارِفَهَا وَلاَ أَذْنَابَهَا فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا وَمَعَارِفَهَا دِفَاؤُهَا وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ”(سنن أبي داود، برقم: 2180). لذا فالعرب يستقبحون جزّ نواصي خيولهم، وعادة ما يرسلونها إلى الجهة اليمنى من العنق.

 

تعليقات