مُعضلة نشأة الخلية الأولى بين الخلق والتطور!

  • أحمد نصار
  • الأربعاء 27 ديسمبر 2023, 2:14 مساءً
  • 711
الخلية

الخلية

أكد الدكتور محمود عبدالله نجا، الأستاذ بكلية الطب جامعة المنصورة، أنه عندما نناقش معضلة مثل  نشأة الخلية الأولى من وجهة نظر الإسلام والعلم، سنجد أن الإسلام أكثر احتراما للعقل، فسيناريو الخلق المُباشر (حمأ مسنون = مصبوب على صورة) يقف خلفه خالق عليم، بينما فرضية التطور تقوم على محاسن الصُدف، فتهدمها مُعضلات كثيرة، وأولها تفسير نشأة الخلية الأولى، فكيف للمادة غير العضوية للأرض أن تتحول لمواد عضوية صالحة لبناء البروتين والحمض النووي، وأيهما نشأ أولاً، البروتين أم الحمض النووي؟،

وتابع: لا يمكن لأحدهما أن ينشأ بدون الآخر! ثم كيف تعارف كلاهما على بعض، وعلى جدار الخلية الدهني وحدث بينهم تآلف لتركيب خلية صالحة لأداء الوظائف الحيوية، ومنها التكاثر لأجل الاستمرار. إن العاقل سيدرك بداهةً أنه يستحيل حل هذه المعضلات بدون خالق قادر على إيجاد مكونات الخلية في نفس التوقيت، ثم دمجها معاً بطريقة صحيحة تجعلها قادرة على أداء وظيفتها بطريقة سليمة.

وأردف قائلا: إن  أول من لفت الأنظار لمُعضلة نشأة البروتين والحمض النووي، كان العالم فرانك ساليزبيري عام 1971م، عندما قال بضرورة خلق الكل في لحظة واحدة (١). ونفس الكلام توصل له العالمان ريكاردو، وزوستاك في مقال منشور في مجلة العلوم الأمريكية عام ٢٠١٠ بعنوان (أصل الحياة على الأرض)، فقالا؛ إن صناعة الپروتين بحاجة لإنزيمات معقدة لفصل جديلتيّ الحمض النووي، لاستخلاص المعلومات من الجينات، ولذا فإن تصنيع الپروتينات يتطلب وجود الپروتينات، والمعلومات المخزنة في الجينات. ونفس الاعتراف تم نشره عام ٢٠١٥ في مقال علمي نشرته مؤسسة دسكفري بعنوان (أكثر عشرة معضلات تواجه نظرية التطور)، وهو مُقتبس من كتاب (أكثر من الخيال = More than myth)، ويناقش المقال معضلة أيهما أسبق للوجود الحمض النووي أم البروتين، فقال كاتبه كاسي لوسكين لابد من الاعتراف بضرورة حدوث كل شيء في وقت واحد.

وأكمل : أنه بالرغم من الاعتراف بضرورة تواجد الحمض النووي، والبروتين معاً كشرط أساسي لنشأة الخلية، إلا أنهم استكبروا عن الاعتراف بالخلق المباشر، وحاولوا إيجاد حل بديل، فاقترحوا نشأة الحياة بجزيئات أبسط، وهي الرنا RNA، وهي جديلة مفردة من الحمض النووي، وقد انتشرت هذه الفرضية بشكل كبير(٢). ولكن سرعان ما اعترف العلم بفشلها، وبأنها أسوء نظرية لتفسير نشأة الحياة، فلا يمكن تطور الرنا بدون البروتين، ومن الصعب تحول الرنا إلى  حمض نووي كامل، ولم يتم اكتشاف حفرية لخلية بدائية بسيطة تتكون من غشاء خلوي، وجزيء رنا .

وأوضح"نجا" أنه بالبحث عن أقدم حفرية سنجد أن لها تركيب مُعقد، ففي مارس عام ٢٠١٧ نشرت مجلة نيتشر اكتشاف أقدم حفرية لكائن حي قبل حوالي 4 مليار سنة، ومع ذلك تشبه في تركيبها تلك العُضيات التي تم اكتشافها في صخور أحدث (٨). وهناك الكثير من المقالات العلمية التي تقولها صراحة (لا يوجد شيء اسمه كائن حي بسيط، فالتعقيد في التركيب ينطبق على كل الكائنات الحية، وحتى البدائية، منوها إلى أن كل ذلك دفع العلماء للاعتراف باستحالة نشأة الخلية من الأبسط للأعقد، فنشرت مجلة العلوم الأمريكية مقال عام ٢٠٢٠ ذكرت فيه أنه لابد من وجود كل مركبات الخلية في وقت واحد، فظهرت نظرية الانفجار الكبير للخلية، أو نظرية كل شيء، والتي تنص على ضرورة تواجد مركبات جدار الخلية الدهني، إلى جوار بروتينات الخلية، إلى جوار الأحماض النووية، وجزيئات الرنا، وبطرقة ما حدث تفاعل بين هذه المركبات فنشأت الخلية مُعقدة منذ اللحظة الأولى، وبدأ العلماء بالفعل في البحث عن بيئة صالحة لتكون كل شيء في وقت واحد، وكلها بيئات طينية معرضة للحرارة والبخر، ولكن للآن لم يصلوا لشيء يمكنهم من خلق الخلية المُعقدة معمليا من مركبات الأرض البسيطة . 

تعليقات