"ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون".. هيثم طلعت يكشف عن أكبر مغالطة يقع فيها الملحد
- الإثنين 25 نوفمبر 2024
رد الدكتور هشام
عزمي على سؤال: إذا كان الشر مخلوقًا لله، لماذا لا يجعله هذا متصفًا بالشر؟
وبين خلال حديثه في كتاب أنه للإجابة على هذا السؤال يجب
التأكيد على أن الشر يطلق باعتبارات عديدة،
الأول باعتبار
الفاعل، قصده ونيته وغايته، فالسارق والزاني والقاتل يرتكبون أفعالاً يعلمون أنها
شر عمدًا وقصدًا وعن نية مسبقة، فهذا فاعل شرير قصد الشر وسعى إليه، وهذا مريدٌ
للشر ومتعمدٌ له حتى لو لم يتمكن من ارتكاب جريمته لسبب أو لآخر.
والثاني باعتبار المفعول، فمن يقع عليه ضرر أو أذى يرى أن ما وقع عليه شر،
كمن يصاب بالمرض أو يصاب في حادث أو تقع عليه عقوبة في عمله، ولا يشترط التلازم
بين الفاعل الشرير والمفعول، فقد يكون مرتكب الحادث غير متعمد وبدون قصد، فلا
يعتبر مريدًا أو متعمدًا للشر، كذلك مدير العمل الذي يوقع عقوبة على أحد الموظفين
قد يكون مريدًا للعدل ومراعيًا للقوانين وملتزمًا بقواعد الثواب والعقاب، فلا يصح
وصف الضرر الذي وقع على الموظف بأنه صدر عن نية شريرة أو ما شابه، بل الشر هنا في
المفعول لا الفاعل.
والثالث باعتبار النتيجة النهائية، مثل الطالب الذي يرسب في الامتحان بسبب
صعوبة المذاكرة وطول السهر والإجهاد وعدم القدرة على التركيز ساعة الامتحان،
فاجتمعت عليه هذه العوامل كلها وكانت نتيجتها النهائية شر وضرر بالنسبة للطالب،
فهذا الشر في النتيجة النهائية رغم أنه بذل وسعه في المذاكرة وفي لجنة الامتحان.
وأوضح أن كون الشر مخلوقًا لله لا يقتضي أن يكون الله متصفًا بالشر، لأن الشر
المخلوق إنما هو في مفعولات الله وليس في فعل الله تعالى، فالله عندما أراد كونًا
وجود الشر، لم يكن ذلك لأجل تحقيق الشر، بل لأجل غاية نبيلة وهدف سام يتفق وكمال
الله تبارك وتعالى، فهذا الشر في المفعول مجرد وسيلة لتحقيق غايات كلها خير وبركة،
فتكون النتيجة النهائية التي هي غاية الله ومراده خير لا شر.
وتابع: لتقريب هذا المفهوم للأذهان دعونا نضرب مثالاً بالطبيب الذي يجري عملية جراحية كبرى لمريض بورم خبيث في البطن، فهذا الطبيب هو الفاعل وهو يقصد الخير لا الشر، لكن فعل العملية الجراحية وشق البطن ونزف الدم واستئصال جزء من الأمعاء هو شر وألم وضرر وأذى في وقته، لكن النتيجة النهائية وهي شفاء المريض من الورم الخبيث ونجاته من الموت هي خير. هذا فقط مجرد مثال لتقريب مفهوم الشر في الفاعل والمفعول والنتيجة النهائية، ولله المثل الأعلى.