باحث في ملف الإلحاد يعدد الأدلة حول صدق النبوة

  • جداريات Jedariiat
  • الثلاثاء 26 ديسمبر 2023, 02:34 صباحا
  • 249

قال الدكتور عبد الله محمد، وهو طبيب أسنان، وباحث في ملف الإلحاد، إن أهم صفة من صفات النبي الصادق أنه لابد أن لا يكون طامعاً في شيء من متاع الدنيا ولا يدَّعي النبوة من أجل تحقيق مصالح شخصية له، فالنبي الصادق يعلم أن ما عند الله أعظم من متاع الدنيا كلها.

وأكد أن النبي محمد ﷺ أزهد الناس في متاع الدنيا؛ فلم يعش حياة رغد ومتعة حتى في أحسن أحواله المادية فكانت بيوت النبي ﷺ يمر عليها الأشهر ولا توقد فيها النار وكان غالب طعام النبي ﷺ التمر والماء وهما أبسط أنواع الطعام ، فقد جاء إلى عائشة رضي الله عنها ابن اختها يسألها عن حالهم في الطعام فقالت "ابْنَ أُخْتي، إنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلى الهِلَالِ، ثُمَّ الهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أهِلَّةٍ في شَهْرَيْنِ؛ وما أُوقِدَتْ في أبْيَاتِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ نَارٌ، فَقَالَ: يا خَالَةُ، ما كانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: الأسْوَدَانِ: التَّمْرُ والمَاءُ". (صحيح البخاري 2567)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال" خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الدُّنْيَا ولَمْ يَشْبَعْ مِن خُبْزِ الشَّعِيرِ". (صحيح البخاري 5414)

كما لم يتمتع رسول الله ﷺ بمتع الدنيا - وهو قادر على ذلك- وذلك لأن الدنيا ومتاعها لم تكن غايته وهمه الشاغل فهو يعتبر نفسه مجرد عابر سبيل في هذه الدنيا فلا يحتاج منها إلا ما يبقيه حيًا ليبلغ رسالة الله ، فلم يسعَ إلى الغنى ولا أن يكون ملكًا بل كان أكثر الناس تواضعًا لأنه يعلم أن متاع الدنيا زائل حتى أنه كان ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه ؛ فقد قال عَبْد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه: "نَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً ؟ فَقَالَ : مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا" (رواه الترمذي 2377)

وتابع: بل كان طعامه ﷺ بأقل القليل من أنواع الطعام وكميته حتى أنه كان يتضور جوعاً من نقص المال والطعام في بيته وذلك لأنه لم يكن همه ولا حرصه ﷺ جمع المال ولا أن يملأ بطنه بالطعام الفاخر؛ فحين كان عُمَرُ رضي الله عنه يذكر ما أَصاب الناس مِنْ الدنيا قال : "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ" والدقل هو التمر الردئ . (صحيح مسلم 2978) ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "مَا أَكَلَ النَّبِىُّ ﷺ خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ" ، مسموطة يعني: مشوية  (صحيح البخاري 5385).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَبِيتُ اللَّيَالِي الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا ، وَأَهْلُهُ لاَ يَجِدُونَ عَشَاءً ، وَكَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ" (رواه الترمذي 2360)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه "أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يربط على بطنه الحجر من الغرث – يعني الجوع -"  (السلسلة الصحيحة 1615) .

وأكمل: قريشًا لما أتت النبي ﷺ في بادئ دعوته لكي تغريه بالمال الكثير وبالسلطة ليترك أمر الدعوة إلى الإسلام ، رفض جميع عروضهم على الرغم أنه كان في بادئ الأمر ولم يُسلِم من أصحابه إلا القليل وكان في حالة ضعف فقد كان عرضًا مغريًا لو كان همه حقًا جمع المال، فقد ورد في الحديث الصحيح " أَرْسَلَتْ قريشٌ ، عُتْبَةَ بنَ ربيعةَ - وهو رجلٌ رَزِينٌ هادىءٌ - فذهب إلى رسولِ اللهِ ﷺ يقولُ : يا ابنَ أَخِي ، إنك منا حيثُ قد علمتَ من المكانِ في النسبِ ، وقد أَتَيْتَ قومَك بأمرٍ عظيمٍ فَرَّقْتَ به جماعتَهم ، فاسمَعْ مِنِّي أَعْرِضْ عليك أمورًا لعلك تقبلُ بعضَها . إن كنتَ إنما تريدُ بهذا الأمرِ مالًا جَمَعْنا لك من أموالِنا حتى تكونَ أكثرَنا مالًا . وإن كنتَ تريدُ شَرَفًا سَوَّدْناكَ علينا فلا نَقْطَعُ أمرًا دونَك . وإن كنتَ تريدُ مُلْكًا مَلَّكْناكَ علينا . ... فلما فرَغَ قولُه تلا رسولُ اللهِ ﷺ صَدْرَ سُورَةِ فُصِّلَتْ : حم . تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . بَشِيرًا وَنَذِيرًا ؛ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ...." (فقه السيرة 107 بإسناد حسن)

ومما يؤكد ذلك أيضًا أن النبي ﷺ قد أجاز الله له خُمس الغنائم التي يغنمها المسلمون من الحروب، ولكنه ﷺ كان يتصدق بها كلها على فقراء المسلمين ولا يبقي في داره منها درهماً واحداً، حتى أنه يوماً تذكر أن في داره سبعة دراهم لم يتصدق بها ففزع لذلك وأمر بلالًا رضي الله عنه أن يتصدق بها

فقد قال رسول الله ﷺ "إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْءٌ، إِلَّا الْخُمُسَ ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ" (رواه أبو داود 2694) أي أن الخمس الذي كان حقاً له من الغنائم لم يأخذه ﷺ لنفسه ، بل كان يتصدق به على المسلمين .

ومما يؤكد أيضًا أن النبي ﷺ لم يدَّعي النبوة من أجل جمع المال وحب الدنيا أنه حين مات ﷺ لم يترك لأهله أي أموال كثيرة أو ذهب وفضة أو ميراث كبير ، حتى الأرض التي كان يملكها قد تصدق بها للفقراء

فقد قال عمرو بن الحارث رضي الله عنه : "مَا تَرَكَ النَّبِىُّ ﷺ إِلاَّ سِلاَحَهُ وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً"( صحيح البخاري 3098) .

حتى أنه ﷺ مات ودرعه مرهونة عند يهودي لأنه ﷺ لم يجد مالاً يعطيه إياه فرهن درعه عنده؛ فعن عائشة رضي اللّه عنها زوج النبي ﷺ أنها قالت " تُوُفِّيَ النبيُّ ﷺ ودِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بثَلَاثِينَ.(صحيح البخاري 4467)

وتسائل في ختام حديثه: هل ترون بعد عرض هذه الأدلة القاطعة أن النبي ﷺ قد ادَّعي النبوة من أجل جمع المال ومصالحه الشخصية؟

تعليقات