رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

مقام الوصل.. قصة قصيرة لعبير عبدالله

  • جداريات Jedariiat
  • الإثنين 21 أكتوبر 2019, 7:51 مساءً
  • 1356
القاصة عبير عبدالله

القاصة عبير عبدالله

أخيرًا جئتك يا سيدتى،أمى أنت وأم كل المحبين والمحتاجين، عشاقك يسعون إليك من مشارق الأرض ومغاربها، فى رحابك يتنسمون الراحة والاطمئنان، أينجذبون إليك؟!، أم تجذبينهم أنت؟!، ولكنى جئتك على أية حال!، كلها بيوت للوهاب الرزاق العليم؛ فلماذا يختصونك أنت بالذات؟!، هناك شىء ما بداخلى دائمًا يبعدنى،أهو العقل؟، أم المنطق؟، أم من يدّعون حبك واشتياقهم لك وهم..

أنهيت صلاتى وتسبيحى، جذبنى إليه، كلما التفت وجدته، شىء ما يشدنى ويثنينى فى ذات الوقت، مثله كثيرون  طالما وقعنا فى حبائلهم ولن تنطلى -علىّ أنا- أيًا من خدعهم وتمثيلهم الذي يغشون به كل من تدمى كفوفهم من التصفيق لهذا الفن العظيم!

حىّ، حييي ، وحدوووه ،لا إله إلا هوووه، حىىىّ، صلوا على رسول الله وأهل بيته أشرف صلاة وسلام، جئتك يا ستنا يا طيبة يا عظيمة، جئتك يا أم العواجز جئتك.


أنفاسه تتابع فى صعوبة، يشير بعينيه - إذا التقطها -  ويرفع كلتا يديه، موجوووود، جئتك يا حبيبة، أجبتك من أجل شفيعى يا غالية، حى، حى، صلوا علـيـــــــه.


صرفت نظرى عنه بصعوبة فلا ينقصنى إلا هؤلاء!، يمثلون دور الانجذاب والدروشة وربما التقط أحدهم محفظتك أو تليفونك المحمول أو أى شىء تضعه بسلامة نية جوارك،أو على أقل تقدير يطلب منك أن تفك زنقته التى لن تنتهى بمساعدتك ويلح فى طلبه ويخجلك، استعذت بالله من الشيطان الرجيم وقلت أبدأ صلاة السنة.


الله أكبر، سامحه الله يشغلنى وينكمش فى وقفته بين يدى الله ويحنى ظهره ويضم كتفيه ويطأطئ رأسه ولكنه يكثر من حركاته فى الصلاة ! كيف؟!


الله أكبر، سجدت بين يدى الله واستغفرته سبحانه ودعوته أن يجنبنى مكر شياطين الإنس والجن وكيدهم ويحسن ختامنا، رفعت رأسى، كأنما أصابته الرعشة الشديدة ولم تحمله قدماه فركع قاعدًا وهو يتلفت يمينًا وشمالًا، ويرفع رأسه تارةً ويخفضها أخرى وكأن أنفاسه قد تقطعت وذاب وجدًا وانجذابًا، ترى ماذا سيطلب منى؟!، أو سيفعل معى بعد هذه المسرحية التى يعلم جيدًا  أننى أراها وقد اختار مكانه قريبًا منى بعد أن شد على يدى محييًا دون سابق معرفة؟!، وهل أنا صيده الذى يمارس ألاعيبه من أجله؟! فكثيرًا ما وقعت فى مثل هذه الألاعيب وقد تبت الآن ولا يلدغ مؤمن من جحرٍ مرتين، الله أكبر، أستغفر الله العظيم، أبعده عنى يارب ومن كان على شاكلته، شغلنى وأضاع منى صلاتى، سامحنى يا رب، الله أكبر، جلست للتشهد الأخير وقلت بعدها أغير مكانى وأعيد صلاتى وأستكملها ، ولكنه ظلّ ساجدًا وقد طالت سجدته ولم يرفع رأسه بعدها ولم يهزها ورعشته قد هدأت وكأن ولهًا شديدًا قد أصابه فأعجزه عن الحركة كما يقولون !.

  سلمت خاتمًا صلاتي، قلت أذهب إليه وأهزه،أيكون مقام الوصل استباه حقيقة؟!،لكننى واصلت جلستى وعينى لم تنزل عنه؛ فلربما كان من محاسيب الست بالأونطة– وهو كثيرون– وأقع أنا ثانيةً بل رابعةً وخامسةً فى حبائله كمن سبقوه، انتفضت فجاةً وقد ألمّ بى خاطر ،هززته برفق فلم يتحرك، رفعت رأسه، لا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم، (إنا لله وإنا إليه راجعون) لقد وصل ونال مقام الوصل، مات مصليًا ساجدًا فى بيت الله فى رحاب السيدة الطاهرة ،ذهب ليلقى الأحبة، لقد وصل، لقد وصل وحملته الملائكة وحرمنى شيطانى قاتله الله !.

 رحمتك يا رب، رحمتك يا رب، سامحنى، ليتنى قبّلت قدميك ولازمتك.

امتلأ بيت الله بأهله، ومحاسيب السيدة والمجذوبين، آلاف مؤلفة تبكيه وتدعو له، ليتنى مثله !، ليتنى مثله....

شاركت فى غسله وتكفينه والصلاة عليه والقيام بكل ما يلزم تجاهه وتجاه أهله ،كأنه توأمى لعل الله يغفر لى ويسامحنى، أو قد شككت فيه؟!، ليتنى ما فعلت، اغفر لى يارب،وحدوووه، لا إله إلا الله، حيييى، حيييى، موجود واحد لا سواه، محسوبك يا سيدتى يا عظيمة يا شريفة، محسوبك ياسيدتنا زينب، اللهم صلى وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وأهل بيته ألف صلاة وسلام، اقبلنى يا رب، اقبلنى يا رب،ولم أغادر جوار السيدة أبدًا علنى أصل يومًا وأنال مقام الوصل، علنى..

تعليقات