أستاذ عقيدة: الإيمان بوجود الله ليس مجرد قضية تسليميه عاطفية

  • أحمد نصار
  • الأربعاء 06 ديسمبر 2023, 10:43 صباحا
  • 95
تعبيرية

تعبيرية

أكد الباحث الدكتور سلطان العميري، أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى، أنه من المهم جدا لكل أحد معرفة أن الإيمان بوجود الله ليس مجرد قضية تسليميه عاطفية، وليس قائما على مجرد عجز المخالف عن إقامة الدليل على النقيض، وإنما هو قضية تصديقية استدلالية برهانية صادقة، ولذلك نجد أن من أقوى الأدلة العقلية الدالة على وجود الله سبحانه دليلين هما دليل الخلق والإيجاد، ودليل الإحكام والإتقان.

وتابع: أن دليل الخلق والإيجاد، هو المقصود به، الاستدلال على ضرورة وجود الله بحدوث الكون بجميع مكوناته وأحداثه، فالكون حدث من الأحداث وفعل من الأفعال فلا بد له من مُحدث وفاعل يقوم بإحداثه وفعله وإيجاده من العدم، فكل شيء يحدث بعد أن لم يكن فإنه يجب أن يكون له سبب وفاعل، وهذا الاستدلال (أن كل فعل لا بد له من فاعل ) استدلال عقلي يقيني لا يختلف فيه أصحاب الفطرة الإنسانية السليمة .

وأشار إلى أن دليل الخلق والإيجاد يقوم على مقدمتين أساسيتين هما، أن الكون حادث غير قديم ، وأن الحادث لا بد له من مُحدث، منوها إلى أن الكون حادث غير قديم، أي أن الكون الذي نشهده ونعلمه له بداية في وجوده، فقد كان معدوما ثم انتقل من العدم إلى الوجود، موضحا أن هذا الدليل ثابت من جهتين، من جهة العقل ومن جهة العلم، أما من جهة العقل فيكفينا فيه أن نذكر في ذلك كلام ابن حزم رحمه الله حيث قال : ( لو لم يكن لأجزاء العالم أول لم يكن لها ثان، ولكننا نشهد في العالم حوادث متعددة ومتعاقبة، يحدث الثاني فيها بعد الأول، والثالث بعد الثاني، وهذا دليل ظاهر على أن العالم ليس قديما ).

 

ونوه إلى أن الجزء دليل على الكل، فما كان في أجزائه له بداية ونهاية فإنه يدلنا ضرورة أن هذا الكل – الذي يحوي هذه الأجزاء التي هذه صفتها- له بداية وستكون له نهاية بالتأكيد، بعد أن علمنا بدلالة العقل المبني على دلالة الحس الضرورية أن الكون حادث نزيد هذا الدليل قوة بما يؤكد على هذه الدلالة من خلال العلم التجريبي في تطوراته الحديثة في عدد من اكتشافاته المتأخرة.

وأردف : فمن العلماء المؤمنين الذين أكدوا على هذه الحقيقة العالم الفيزيائي المعاصر بول ديفيز حيث يقول : (أهم اكتشاف علمي في عصرنا هذا هو أن الكون المادي لم يكن موجودا أبدا)، وأما من العلماء الملحدين فنذكر قول العالم الفيزيائي المعاصر ستيفن هوكنج : (ومع تراكم الدليل التجريبي والنظري، أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن الكون لا بد له من بداية في الزمان، حتى تمت البرهنة على ذلك نهائيا في 1970).

ومن أهم الشواهد العلمية التي يعتمد عليها العلماء في إثبات حدوث الكون، من خلال قانون الديناميك الثاني، والذي يعني أن الطاقة الحرارية لا تنتقل من الأجسام الحارة إلى الأجسام الأقل منها حرارة، ولا يمكن أن يحدث العكس. ومعنى هذا أن الكون سيصل إلى نقطة ينتهي فيها والنهاية تدل على وجود البداية.

وتطرق "العميري" إلى نظرية الانفجار العظيم، والتي تشير إلى أن العالم قد خرج إلى الوجود نتيجة انفجار كبير منذ ما يقرب من خمسة عشر ألف مليون سنة. أي أنه من قبل كان عدما ثم ترجح وجوده على عدمه ولا يترجح شيء على شيء بدون مرجح، فقد أثبتا بما لا يدع مجالا للشك عند أي عالم من العلماء – مؤمنا كان أم ملحدا- بأن الكون حادث من العدم بعد أن لم يكن .

 

 وتابع: أما بالنسبة لمسألة الحادث لا بد له من مُحدث ، فهي تعني أن أي فعل يحدث في الوجود لا بد له من فاعل يقوم به ويؤثر في وجوده، لأنه يستحيل في المعدوم أن يُحدث نفسه أو أن يقع بغير فاعل، حيث أن هذا مبدأ عقلي ضروري ومن أجلى القوانين التي يخضع لها البشر في تعاملاتهم الحياتية، كالعلم بأن الجزء أقل من الكل، ولنأخذ مثالا على ذلك للاستدلال على ما نناقشه من قضية وجود الخالق وهو مبدأ السببية، لاسيما بعد أن علمنا بضرورة العقل وتأكيد ذلك بالشواهد العلمية أن الكون حادث من العدم بعد أن لم يكن، لنا أن نتساءل : هل هو حادث من غير فاعل؟ وهذا بالطبع مناقض للضرورة العقلية والنفسية التي يجدها الإنسان في داخله والواقع أيضا يدل على هذا التناقض.

  وأضاف أن الضرورة الرياضية، تدل على ذلك وتثبت بطلان الاحتمالات الأخرى كالحدوث بالصدفة المفاجئة أو التطور طويل الأمد، ومن أظهر الأمثلة على ذلك تكون البروتين والذي أثبت العالم السويسري تشارلز بوجين من خلال حسابه للعوامل التي يمكن من خلالها تكون بروتين واحد بالصدفة يتطلب نسبة واحد إلى عشرة أُس مئة وستون وهذا رقم لا يمكن النطق به أو التعبير عنه وهو عند علماء الرياضيات يساوي صفر لأن أعلى نسبة للاحتمال عندهم هو واحد إلى عشرة أس مئة وخمسون، واكتشف أن كمية المادة التي تلزم لحدوث هذا التفاعل بالمصادفة أكثر مما يتسع له هذا الكون بملايين المرات ويتطلب بلايين السنين لتكونه.

تعليقات