"الزغبي" يرد على شبهة ملك اليمين (خاص)

  • أحمد نصار
  • السبت 02 ديسمبر 2023, 09:23 صباحا
  • 1458
الدكتور محمد جاد الزغبي

الدكتور محمد جاد الزغبي

 

قال الدكتور محمد جاد الزغبي، الباحث في ملف الإلحاد، إن هناك بعض الملحدين، ينكرون ملك اليمين والسبي وشرعنة ذلك في الإسلام فكيف باغتصاب النساء وأزواجهن أحياء؟

وتابع في تصريحات خاصة لـ"جداريات" أن هذه الشبهة كالعادة-من الشبهات التاريخية التي يُعاد تدويرها من العلمانية المعاصرة أو من الغرب وهي من نوعية الشبهات التي تمثل حجة على صاحبها نفسه لا حجة على الإسلام.

وأوضح أن هناك بعض الشبهات، هي أدلة على صحة وصدق الرسالة والإسلام ولا تمثل أي مطعن في الشريعة الإسلامية، بل على العكس عندما نشرحها ونفندها يكتشف القارئ بسهولة هنا أن الحجة على الخصم لا علينا.

ونوه إلى أن سبب بروز هذه النوعية من الشبهات أن من يثيرونها يلعبون على نقطتين هامتين، هما لعبة اختلاف الزمن، وهي لعبة سياسية معروفة يتم استخدامها في السياسة وفي الدين عندما يلجأ الخصم لذكر واقعة تاريخية دون أن يشرح سياقها، وهذا تدليس صريح لأن القاعدة التاريخية تقول بأن الحكم على الواقعة أو الحدث التاريخي يكون عن طريق معالجة زمنه وظروف الواقع الفعلي يوم حدثت الواقعة التي يثور بسببها النقاش، مشيرا إلى أن الحكم على واقعة أو حدث تاريخي بمقاييس العصر الحالي فهو جهل حقيقي لأن مثير الشبهة نفسه إذا تعرض لنفس الظروف سيفعل المثل أو ربما يعجز عنه، مثال ذلك من التاريخ، من تحدثوا مثلا عن وحشية نابليون ومنهم المؤرخ الأمريكي (آلان شوم) الذي شَبّه نابليون بجنكيز خان.

ولفت إلى أن الواقع يقول إن نابليون كان متوحشا فعلا لكن ذكر هذه الحقيقة وحدها وبتجرد دون الإلمام بسياق الثورة الفرنسية ودور أوربا يجعل الأمر كما لو أن الوحشية كانت من نصيب نابليون وحده بينما الواقع التاريخي يقول بأن وحشية نابليون ضد الجيوش الإنجليزية إبان الثورة الفرنسية كانت رد فعل لا أكثر، كون الإنجليز هم من أرسلوا جيوشهم لقمع ثورة الشعب الفرنسي أي أنهم كانوا جيش احتلال يهاجمون بغرض الدفاع عن ملك مستبد فكيف يمكن أن نصف نابليون بالوحشية وهو هنا قائد فرنسي يدافع عن بلاده ضد غزو صريح.

وأكمل: أما وحشية نابليون فيصلح إثباتها في غزوته على مصر حيث كانت غزو توسعية وحرب غير مشروعة لجأ فيها نابليون للقتل والحرق والتخريب.

 وأضاف الزغبي، أن النقطة أو اللعبة الثانية وهي الاكتفاء بذكر الشبهة دون ذكر دور الخصم نفسه، مؤكدا أنها لعبة معروفة أيضا حيث يتم ذكر واقعة حقيقية حدثت بالفعل وتكون مستنكرة بعصرنا الحالي، لكن دون ذكر الطرف الآخر الذي قد يكون السبب الرئيسي لها.

وأردف : أن أفضل مثال لها هو هذه الشبهة، فالذي يعترض على مبدأ أخذ الجواري والسبايا في الحروب في عهد الإسلام الأول والوسيط يتجاهل تماما أن عُرْف الحروب في تلك الأزمنة هو استرقاق الأسرى والتعامل معهم بطريقتين لا ثالث لهما، إما الاسترقاق التام والتعامل مع الأسرى كسلعة بالبيع والشراء وغيرها، وإما الفداء المالي في مفاوضات الحروب، وهو ما كان الإسلام يتعامل بموجبه نظرا لأنه طبيعة العصر نفسه، أي أن شريعة الإسلام لم تنزل لإقرار العبودية وإنما نزلت لتتعامل مع أمر واقع من الخصم تتعامل معه بسياسة رد الفعل.

 وتابع "الزغبي" قائلا : ولشرح الرد على الشبهة بنقاط محددة وواضحة نقول:

أولا فقد جاء الإسلام لتحرير الإنسان من عبودية الشرك وعبودية البشر، وجاءت الشريعة الإسلامية لنسف هذه المعاملات غير الآدمية نسفا، لكن موضوع الرقيق كانت أمرا عاما وشاملا على مستوى العالم وقتها، وناتج من نواتج الحروب، فكان لزاما على الشريعة الإسلامية تنظيم ذلك لأن دولة الإسلام تدخل الحروب مع مختلف الخصوم ويقع لها أسرى بيد العدو.

وأردف: فلو رفضنا نحن المبدأ ورفضنا أخذ الأسرى واسترقاقهم، فسيكون هذا الأمر بمثابة نقطة ضعف كبرى يستفيد منها العدو استفادة عالية حيث سيلجأ إلى التوحش والتوسع في الهجوم على بلاد المسلمين واستباحة أعراضهم بينما يكتفي المسلمون بمحاربة جيوشهم في ميدان القتال دون أن يكون لهم رد فعل يهابه العدو فيردعه عن أن يمارس ذلك علينا.

وأكمل: ثانيا، وفقا لعلم أصول الفقه فإن شريعة الإسلام تبيح بعض المحظورات عند الاضطرار رغم كونها محظورات نزل فيها النهي المشدد، مثال ذلك المكوس والجمارك، فمن المعروف أن المكوس والرسوم الجمركية وغيرها هي من أشد المحرمات في الإسلام، ولكن حدث في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اشتكى تجار المسلمين من أنهم عندما يذهبون للتجارة في بلاد الروم فإن السلطات هناك تقوم بأخذ ضرائب محددة ومغالى فيها على كل السلع والبضائع قبل أن يسمحوا لها بالمرور إلى بلادهم.

وأوضح أنه في نفس الوقت الذي يأتي فيه تجار الروم ببضائعهم إلى بلاد الإسلام فيبيعون ويشترون تحت حماية الدولة دون أن تحصل منهم الدولة درهما واحدا.

فكان قرار الخليفة عمر بن الخطاب بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وفرض رسوما جمركية على بضائع الروم وقام بإنشاء أول جهاز للجمارك للتعامل مع البضائع الأجنبية كرد فعل على ما يفعله الروم.

وأشار إلى أن هذا يعني أننا عند اللجوء لمبدأ المعاملة بالمثل نقوم بتطبيق اضطراري لذلك.

وهذا يعني ببساطة أنه إذا توقف العدو عما يفعل توقفنا نحن على الفور.

وهو نفس المبدأ الساري في موضوع السبايا والرقيق، فلو كان هناك وقتها قانون عام يمنع الاسترقاق لامتنعت دولة الإسلام عن لك تلقائيا لأن الاسترقاق محرم في أصله عندنا.

وأوضح أنه رغم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، إلا أن شريعة الإسلام لم تطبق هذه الأمور بمثل ما يتم تطبيقها من الخصوم بل طبقته بفوارق شديدة الاتساع، أولها أن معاملة الرقيق في الإسلام تكاد تناهز معاملة الأحرار أمام القانون.

حيث يلتزم مالك الرقيق بعدم تكليف العبد بأعمال تفوق قدراته، كما أن الرقيق من حقهم وجوبا اللجوء للمكاتبة التي تمنحه الحرية وليس لسيده أن يعترض، بل إن العبد إذا سرق بسبب الجوع يتم تطبيق حد السرقة على سيده الملتزم بإطعامه، ناهيك على التزام سيده بسلامته وحفظ آدميته التزاما وجوبيا.

وأردف "الزغبي" قائلا: بينما قررت شريعة الإسلام ذلك كان العدو يطبق العبودية المطلقة على الرقيق فليس للعبد رجلا أو امرأة أو طفلا أي نوع من الحقوق بل إن سيده يملك حياته نفسها فلا توجد أي مساءلة على أي سيد إذا قتل سائر عبيده أو عرضهم لمخاطر الموت بسبب اللهو، لافتا إلى أنه مثلما كان يحدث علنا في احتفاليات الرومان بمصارعة العبيد حيث ينزل العبيد لساحات المصارعة للقتال حتى الموت وكان هذا تقليدا متكررا للرومان يشاهده جمهور غفير منهم.

 وأضاف أن  أصول الفقه، قد قررت قاعدة كاشفة توضح موقفها من الاسترقاق وهي قول العلماء (الفقه يتشوف للعتق)، بمعنى أن الشريعة الإسلامية قررت عشرات النصوص والقواعد التي تؤدي إلى أن يكون عتق الرقيق هو أقرب القربات إلى الله، حيث جعلت الشريعة العتق كفارة للعديد من الذنوب كما جعلته أفضل الوسائل لإدراك الجزاء الأخروي العارم

 وأكد "الزغبي" أن بخصوص النساء، وبينما كانت المرأة الحرة نفسها في الغرب تتم معاملتها معاملة الرقيق جاءت الشريعة الإسلامية بقواعد صارمة تحكم وطء الجارية منها أن وطء الجارية لا يحل إلا بعد تمام حيضة كاملة وذلك احتياطا لوجود الحمل، ويحرم الوطء حال وجود الحمل حتى تتم الولادة حفظا للنسب.

ونوه إلى أن الجارية إذا حملت فلا يرث ابنها العبودية كما كان يحدث زمن الشرك أو في الغرب، بالإضافة إلى أن الطفل يكتسب نسب والده تلقائيا، هو ما كان مستحيلا في زمن الشرك وفي الغرب.

وتابع: أما أهم نقطة في هذا الأمر فهي أن الجارية التي تصبح (أم ولد) يحرم بيعها ويكتسب أولادها حقوقهم في الميراث وغيره دون تفرقة بينه وبين أولاد الأحرار.

ويكفي أن نعلم أن هناك العديد من خلفاء المسلمين كانت أمهاتهن من الجواري ولم يمنعهم ذلك من امتلاك سدة الحكم دون إنكار.

وتابع:  ولا شك أن كل هذه الأحكام في الإسلام كانت مرتبطة بوجود الرق كصفة عامة أما في حالة انتهائه فلا مجال لتحليل ذلك، فأين هذه الضوابط مما حدث في الغرب حتى زمن قريب للغاية حيث لم يحصل الزنوج في أمريكا مثلا على بعض حقوقهم إلا في النصف الثاني من القرن العشرين!، مشيرا إلى أنه بالعموم لم يحصل الأرقاء على حقوقهم في الغرب إلا بعد معارك دموية ونضال امتد لعقود سقط بسببه الآلاف صرعى لكي تتم معاملتهم معاملة آدمية!

وختم "الزغبي" كلامه أن في هذا الأمر دوما ما أتذكر قصة المناضل الأمريكي المسلم (مالكوم إكس) الذي أسلم وناضل من أجل حقوق الزنوج تأثرا بشريعة الإسلام في معاملة الرقيق.

ولقي ربه شهيدا بعد أن نجح في مهمته.

 


تعليقات