هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
الانفجار الكبير تعبيرية
كتب:أحمد
إبراهيم
نشرت
صفحة نهاية الإلحاد، زاوية جديدة نحو نظرية الانفجار الكبير، حيث أوضحت أنه "طالما تكلمنا عن حدوث الكون، فلا بد أن يتطرق الكلام إلى نظرية الانفجار الكبير theory
of the big bang واستدلال كثير من المتصدرين في مجال نقد الإلحاد
بها في سياق البرهنة على حدوث الكون علميا، و بالتالي ثبوت المقدمة الأولى من برهان
الحدوث المشهور . وأشهر من قام بتوظيف نظرية الانفجار الكبير هو الفيلسوف اللاهوتي
البروتستانتي وليام لين كريج، في صياغاته الجديدة المعروفة باسم الدليل الكوني الكلامي
Cosmological
Kalam Argument,
التي يستعملها كثيراً في إثبات وجود الله والرد على الملحدين في هذا الصدد. والصواب
أنه قد قام الدليل على أن الكون لا يمكن أن يكون أزليا ثابتا، وأنه قطعاً له بداية.
وتابعت:
لكن نموذج الانفجار الكبير تحديداً والكلام عن فرضية المفردة الأولى ليس مما قام عليه
الدليل العلمي القاطع، بل هو نظرية تفسيرية تقبل الصواب والخطأ. والأولى عند الاستدلال
بحدوث الكون هو عدم الانخراط في الحديث حول ثبوت المفردة ووقوع الانفجار الكبير
" لأنه ينزل بالدليل من مرتبة اليقين العقلي القاطع إلى مرتبة النظرية التفسيرية
الظنية، وهذا يضعفه في الحجاج بلا شك ويجعله قابلاً للأخذ والرد، وقد وقع في هذا الأمر
عدد غير قليل من الأفاضل الذين يردون على الإل.حاد، وفي كتب مشهورة منشورة. نسأل الله
أن يهدينا إلى الصواب والحق بإذنه ".
وأضافت : فإن خلق الكون ليس من الأحداث التي يمكن قياسها على الأحداث الطبيعية التي تقع في العالم، وليست ناشئة عن النظام الطبيعي لأنها هي سبب وجود النظام الطبيعي، كما أنه لا يصح أن نقيس الأحداث التي صنعت بها السيارة على ما تلاها من أحداث تقع للسيارة أو تحدثها السيارة، فإنه لا يمكننا مثلا العودة بالسيارة من خلال أعمالها وأنشطتها إلى الماضي لنستنتج من هذه الأعمال كيف نشأت السيارة في الأصل، بالعكس فإن كل ما تقوم به السيارة من وظائف ومهام لا يمكننا مهما عدنا في الماضي إلى الوراء من استنتاج كيفية نشأتها وظهورها إلى الوجود، بل هذا يتطلب استنتاجا عقليا من جنس مختلف تماما، وهذا هو ما يقتضيه العقل " كذلك خلق السموات والأرض فإنه لا يمكن معرفة كيفيته عن طريق متابعة القوانين الفيزيائية: لأن القوانين الفيزيائية كانت بعد خلق الكون".
ولفتت
إلى أن مهمة العلم الطبيعي هي استقراء الأحداث
الجارية التي تقع أمامنا في الطبيعة لنتمكن من استنتاج الأحداث التي لم تقع أمامنا،
أما الأحداث الاستثنائية الفريدة فلا يمكن قياسها على سائر الأحداث الطبيعية العادية،
لهذا لا يمكن معرفة كيفية نشأة الكون عن طريق استقراء أحداث الكون، وهذه عقبة معرفية
كبرى تتمثل في عدم قدرتنا كبشر على تصور آلية وكيفية هذه الأحداث الفردية الاستثنائية
العظيمة من خلال القياس على أنماط الحوادث الجارية في نظام الكون.
وأوضحت:
أن سبب هذا الأمر هو أننا كبشر لم نشهد كوناً يخلق من قبل لنعرف آلية وكيفية نشأة كوننا
هذا، فبأي عقل يسوغ لنا أن نتخذ من المسلك الاستقرائي طريقا لمعرفة كيفية وقوع هذه
الأحداث التي نعلم أنه لا يصح قياسها على شئ مما يدخل في نطاق تجربتنا البشرية؟ منوهة
إلى أن الوحي، قد جاء بهذه القاعدة المنهجية
في قوله تعالى: {مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ
أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}. فلأننا لم نشهد خلق الكون
ولا خلق الإنسان فلا يسوغ لنا أن ننساق وراء العلماء الماديين الذين ينصرون الاعتقاد
الفلسفي المادي والرؤية الإل.حادية في تمديد دائرة العلم الطبيعي حتى تتسع لمسائل النشأة
الأولى، سواء نشأة الحياة على الأرض أو نشأة الكون بأسره. فهذه المسائل ما زالت من
المشكلات والمعضلات لدى العلماء الماديين، لأنها ليست من الفجوات المعرفية التي يمكن
شغلها والتغلب عليها في المستقبل مع تقدم العلم وتطوره، بل هي من الغيب المحض الذي
لا يمكن بلوغه إلا عن طريق خبر الوحي، فنحن لا نقبل فيها بأي سلطان معرفي سوى خبر الوحي
الصادق .
وتابعت : يضاف إلى هذا أن الحدث الذي نشأ منه نظام
ما، لا يمكن أن يكون خاضعا لقوانين لذلك النظام نفسه الذي كان سبباً في إنشائه، وإلا
وقعنا في الاستدلال الدائري أو الدور بتعبير علماء المنطق، وهو أن يكون الشئ دالاً
على نفسه بواسطة أو بغير واسطة، فهذا النطاق من المجالات المعرفية التي لا تخضع للقوانين
المادية الطبيعية ولا للأسباب الكونية المعتادة، بل هو مبني على أسباب وقوانين مغايرة
لما نألفه ونعرفه في عالمنا المادي الطبيعي، ولأجل هذا فنحن لا نقبل فيه إلا كلمة الوحي
ولا نرجع فيه إلا إلى ما ورد في نصوصه، وليس للعلم الطبيعي فيه كلمة ولا رأي ولا قول
معتبر إلا الظن والتخمين، والظن لا يغني من الحق.