لماذا خلقنا الله ابتداءً.. ولماذا لم يتركنا في العدم دون أن يوجدنا؟

  • جداريات Jedariiat
  • الإثنين 13 نوفمبر 2023, 01:58 صباحا
  • 201

رد الباحث في ملف الإلحاد، الدكتور محمد سيد صالح، على سؤال يثيره الملاحدة، يقول: لماذا خلقنا الله ابتداءً، ولماذا لم يتركنا في العدم دون أن يوجدنا، فهل هو بحاجة لخلقنا لذلك خلقنا؟

وبين أنه لا بد من تأصيل شيء ألا وهو أن الإنسان محدود في جميع مدركاته، لأنه محدود في جميع حواسه فضلاً عن نقصانه كما تم بيان ذلك في الرد على السؤال السابق، والمحدود الناقص يستحيل أن يدرك المُطلق الكامل مهما حاول إلى ذلك سبيلا، لأنه محدود بحدود لا بد من الوقوف عندها ولا يستطيع تجاوزها، ومن صفات الله سبحانه كما أخبر عن نفسه حين قال  «ليس كمثله شيء» فالله لا مثيل له، ومادام لا مثيل له فيستحيل قياس أفعاله على أفعال البشر

وتابع: لما اعتاد الإنسان على السؤال من الغاية والسبب، فكان هذا لعلمه أن الإنسان الذي هو مثله في النقصان عاجز عن تحقيق الشيء إلا بواسطة وأسباب، أما الله سبحانه فلا يحتاج للواسطة وللأسباب بل هو الذي أوجد الأسباب ابتداء وهو من يقل للشيء كون فيكون ولما كان الإنسان لا يفعل الأشياء إلا لحاجة لها، ظن في الله أنه يفعل الأشياء أيضاً لحاجته لها، وهذا قياس فاسد، والسؤال على هذا سؤال غير صحيح فهل من الممكن أن تقيس درجة الحرارة بجهاز خُصص لقياس نسبة السكر لدى الإنسان؟! بالطبع لا، ولن تحصل على نتيجة من جهاز قياس الحرارة إذا قمت بالقياس به على شيء آخر غير الحرارة.

وواصل: كذلك الأمر مع الله إن حاولنا أن نقيسه بالقياسات التي نقيس بها أنفسنا أن نصل إلى نتيجة لأننا استخدمنا أداة قياس لا تناس مع من نقيس.

وفي رده على أصل السؤال: لماذا خلقنا الله، وهو ليس بحاجة إلينا؟ قال كنت قد جلست يوماً مع الدكتور عمرو شريف أستاذ ورئيس أقسام الجراحة السابق بكلية الطب والباحث في مثل هذه القضايا، وسألته عن هذا السؤال، وأجابني إجابة ماتعة بالنسبة لي، تختلف تماماً عن الإجابة المعتادة، أن الله خلقنا لعبادته، لأن هذه الإجابة لا يبحث عن السائل أو المتشكك، ولأنه هذه الإجابة قد ترسخ عنده فكرة أن الله بحاجة له ليعبده، وكانت إجابته على النحو التالي مع زيادات من عندي وبعض التفصيلات، في الحقيقة هناك إجابتان على هذا السؤال، إجابة حقيقية وأخرى منطقية، والإجابة الحقيقية هو أننا لا نعرف لماذا خلقنا الله سبحانه، وهذا من حيث الأصل لا يزعجنا في شيء، لأنه لا يترتب عليه نفعاً لنا أو ضراً، ولن يغير من واقع وجود الإنسان شيئاً.

ولكن نُقرب صورة ذهنية على ذلك ننظر إلى هذا المثال: كل منا يملك هاتفاً محمولاً في يده أو في جيبه، ويوجد بالهاتف بعض الأشياء التي تبدو لنا غير مفهومة؛ لأننا لسنا متخصصين في صناعة الهواتف، فلو نظر كل واحد منا على فتحات السماعة الموجودة في هاتفه مثلاً لربما يجدها خمسة فتحات، وقد يسأل الإنسان نفسه سؤالاً ألا وهو: لماذا جعل صانع الهاتف فتحات السماعة بهذا العدد، ولم يجعلها ستة فتحات أو سبع فتحات بدلاً من خمس حتى يرتفع الصوت ارتفاعاً أكثر مما هو عليه، إن أدركنا الإجابة أو لم ندركها فهذا لن يغير عن واقع الهاتف وحقيقة وجوده في شيء

وسيظل الهاتف هاتفاً مصنوعاً بمواد وأدواتٍ ودقةٍ تؤكد أن لها صانع، وتعاملنا مع الهاتف سيجعلنا ندرك أن غاية صنع الهاتف هو التواصل مع كل من بيعد عنا.

كذلك الحال، إن أدركنا حكمة خلقنا، أو لم ندركها فهذا لن يغير من الحقيقة التي نحن عليها في شيء فالإنسان موجود وحكمة وجوده الكاملة عند الله الحكيم مُطلق الحكمة، وربما نصل باستنتاجنا المحدودة إلى شيء من هذه الحكمة المُطلقة، إذن ننتقل إلى الإجابة التي يستنبطها العقل بواسطة المنطق.

وأكمل: هنا عادت إجابة د: عمرو شريف _ الإجابة المنطقية: أن الله سبحانه وتعالى متصف بصفات كثيرة كالقدرة والمشيئة والحكمة والعدل والرحمة والعفو وغير ذلك من صفاته سبحانه

وقد خلقنا سبحانه لنتعرف على صفاته العُلا ولمعرفة صفة العفو يلزم من ذلك وجود مخلوق يُخطئ، ثم يتوب فيعفو الله عنه ولولا وقوعنا في الغلط لما فهمنا صفة العفو، وكذا لمعرفة صفة الرحمة لدى الله فالأمر يُلزم أن يكون هناك مخلوق يُبتلى ثم برحمة من رحمته يرفع عن البلاء، ولولا وقوع الابتلاء علينا لما فهمنا صفة الرحمة وهكذا في كل صفاته.

أما أن يظن الإنسان أن الله خلقه لحاجة فهذا ظن ساذج منه، فما الحاجة التي يمكن أن يحتاجها الله منك أيها الإنسان المسكين، وهو الذي مدك بكل الحاجات؟!  هل ستطعمه؟!  كيف هذا وهو الذي سخر لك صنوف النباتات ليطعمك؟!  هل سترزقه بالمال؟! كيف هذا وأنت تطلب الرزق منه؟!  هل ستكسيه؟! كيف هذا وهو سخر لك جلود الحيوانات لتكتسي بها؟!  الإنسان محتاج لكل شيء دوماً، فكيف يعُطي المحتاج مالك الحاجات كلها؟!

وشدد أنه على الإنسان أن ينظر فيما ينفعه، ويبحث على ما يصل به إلى مراد الله، وقد أراد الله منا أشياء نفعلها كعبادته فقال تعالى «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» ثم لم يتركنا سدى بل أعطانا القدرة على عبادته فقال تعالى «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها» وهيأ لنا الحياة، وسخرها لنا فقال تعالى «الذي جعل لكم الارض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون» وهدانا وأرشدنا إلى الطريق الحق، قال تعالى «الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق وتودوا أن تلكم الجنة أو ورثتموها بما كنتم تعملون» فقد أخبرنا الله بالمطلوب منا وأعطانا القدرة على فعل المطلوب منا وهيأ لنا الحياة، وسخر لنا ما فيها، وأرشدنا إلى الطريق الموصل للسعاد الأبدية والجنة، فليس من المعقول أن نتخلى عن سبل الوصول لما يسعدنا ويرضينا وننشغل بما لا ينفعنا.

 

واستخلص الباحث في ملف الإلحاد عددًا من النقاط في هذا الصدد كما يلي: 

ـ أن الإنسان محدود وحدوده تجعله لا يستطيع فهم كل شيء، ولا أن يجيب لنفسه عن كل سؤال، وإلا لأصبح مُطلق كالإله وهذا لا يستقيم.

ـ  أن لله صفات أراد أن تُفعل بوجودنا

ـ  ليس عدم معرفتي بالشيء أنه لاوجود له، فعدم العلم بالشيء، ليس دليلاً على عدم وجوده.

ـ  خلقنا الله ولم يتركنا سدى بل أرشدنا للطريق الصحيح الذي في نهايته السعادة الأبدية للجنة.

ـ  على الإنسان أن ينشغل بالطريق الواضح المرسوم له، والذي يصل من خلاله إلى الجنة، ويترك الطريق المشوش الذي قد يصل به إلى الضياع.

 

تعليقات