هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
رد الباحث في
ملف الإلحاد الدكتور عبد الله محمد، على الشبهات حول آية "وامرأة مؤمنة ان
وهبت نفسها للنبي"
وتقول الشبهة:
أنا قرأت آية من القرآن أزعجتني جدا؛ لأنها مليئة بالشهوانية بشكل بشع، هذه الآية
تقول: "وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها"،
فيدعي الملحد أن الآية ليست شهوانية فحسب، وإنما بها خطأ لغوي في قوله خالصة لك
بعد أن قال إن أراد النبي أن يستنكحها.
وفي الرد قال
الباحث في ملف الإلحاد: لنقرأ الآية من البداية ونرى ماذا تقول، يقول تعالى:
"وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من
دون المؤمنين" والإشكال غالبا يتمثل في لفظين وهما "وهبت"
و"يستنكحها"، فغالب الظن أنه أعتقد أن معنيهما قبيح لا يليق بكلام الله،
لذا دعنا نوضح له ما التبس عليه.
وتابع: إن الهبة
في الآية الكريمة معناها الزواج بدون مهر، فهي تهب مهرها للنبي ﷺ، وهذا هو المعنى
الذي عليه إجماع المفسرين، -تصفح اي تفسير معتبر إذا شئت- فلا يوجد مفسر معتبر
يقول أن معنى الهبة مختلف عن الزواج بدون مهر، وهنا يتضح لك أن شبهتك نتجت من جهلك
أصلا وليست نتيجة تفكيرك كما أوهمت نفسك.
أما معنى كلمة
نكاح فلربما فهمتها بمعنى الزنا مثلا أو أنه فعل قبيح أو شيء مثل ذلك. ورغم أننا
نجهل ما هو معجمك الذي جئت منه بهذه المعاني، إلا أن القرآن نفسه سيجيب عليك ويقول
لك ما معنى نكا، نقرأ في سورة الأحزاب الآية ٤٩ يقول الله تعالى: "إذا نكحتم
المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن". إذاً النكاح هنا في الآية لا علاقة
له أصلا بالدخول او المس، فهو مجرد عقد زواج اسمه النكاح، حتى نحن في أيامنا هذه
نقول عقد النكاح فهل نقصد عقد الزنا؟! فعندما أقول عقد نكاح ابنتي فهل أقصد بذلك
عقد زنا ابنتي؟!!
وهنا يتضح لنا
أن الشبهة نابعة من الجهل، فلو بحثت قليلا عن معنى هذا الكلام لما اعتبرت هذه
الآية شبهة أصلا.
فيكون معنى
الآية هو لو أرادت امرأة أن يتزوج منها النبي ﷺ بدون مهر فهذا حلال للنبي ﷺ. لكن
الزواج هنا زواج تقوم به أسرة وأولاد وليس ما فهمته أنت من هذه المعاني القبيحة،
ولو تتبعت سبب نزول الآية لما خطر على بالك أن الآية تدل على الشهوانية، وهكذا للمرة الثالثة نجد أن جهلك هو ما
أوقعك في المشكلة.
أما عن سبب
نزولها فعن سهل بن سعد قال: أتت النبي ﷺ امرأة، فقالت: أنها قد وهبت نفسها لله
ولرسوله ﷺ، فقال ﷺ: ما لي في النساء من حاجة. فهذه المرأة جاءت بنفسها للنبي فقال ﷺ
له: ما لي في النساء من حاجة، فالله عز وجل يقول للنبي أنه لو أراد ذلك فهي مباحة
له. (رواه البخاري).
وتسائل: أين
الشهوانية؟!، بل إن النبي ﷺ قال لها: "ما لي في النساء من حاجة"، هو ﷺ
أصلا لم يستخدم الرخصة التي رُخصت له من الله عز وجل.
فقال رجل:
زوجنيها، قال: أعطها ثوبا، قال: لا أجد، قال: أعطها ولو خاتما من حديد، فاعتل له،
فقال: ما معك من القرآن؟ قال: كذا وكذا قال: بما معك من القرآن. فالنبي ﷺ زوجها
لشخص آخر..
ولا شك أن النبي
ﷺ كان أعف الناس وكان أحكم الناس لشهوته، فقالت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها: "إنه كان أملككم لإربه" (رواه البخاري) يعني أكثرهم تحكما في
شهوته. فلا شك أن النبي ﷺ كان بعيدا تماما عن أن تدفعه شهوته إلى أشياء قبيحة.
وهذا له شواهد
أخرى في صحيح الإمام مسلم في رواية تقول أن رسول الله ﷺ رأى امرأة فأتى امرأته
زينب وهي تمعس منيئة (اي: الجلد أول ما يُوضع في الدباغ) لها فقضى حاجته، والشاهد
من الرواية أنها تدل أن النبي ﷺ كان يستطيع التحكم في شهوته وأن شهوته لم تدفعه
إلى الزنا أو إلى إكمال النظر إلى أي امرأة تمر من أمامه، بل كان متحكما في شهوته
وحريصا كل الحرص على قضائها فيما يرضي الله عز وجل مع إحدى زوجاته.
فهذا الذي يقول
أن النبي ﷺ كان شهوانيا - وحاشاه ﷺ - هذا الشخص لم يقرأ في سيرته ﷺ سطرين حتى.
وأكمل: البعض
يتساءل عن فائدة وجود هذه الآية في القرآن الكريم، فنقول له أنك إذا قرأت سبب نزول الآية
لعلمت أنها جواب على المرأة التي أرادت أن تهب نفسها للزواج من النبي صلى الله
عليه وسلم دون مهر، يعني الآية لم تنزل ابتداءً ولكن نزلت جواباً على حادثة بعينها
ففائدة هذه
الآية هي توضيح الحكم لهذه المرأة وغيرها من النساء اللواتي يردن أن يفعلن مثلها
فتلك هي فائدتها في زمانهم أن هذا الزواج جائز لهن
أما فائدتها في زماننا فتتلخص في جملة " خالصة لك من دون
المؤمنين " أي تحريم زواج الهبة على جميع المسلمين وأنها لا تجوز لأحد سوى
النبي صلى الله عليه وسلم والذي بالطبع قد صعدت روحه الشريفة إلى بارئها فيكون هذا
الزواج محرماً على المسلمين جميعاً إلى يوم القيامة، فهي فائدة فقهية لتوضيح حكم
زواج الهبة للنبي صلى الله عليه وسلم ولباقي المسلمين جميعاً
وواصل: عموماً
النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخدم هذه الرخصة وهو ما يؤكد انه ليس كاتبها وآخر أمر لدينا لما قال أن الآية فيها
خطأ نحوي في قوله تعالى "خالصة لك" بعد قوله "إن أراد النبي أن
يستنكحها".
وواصل: أولا
هذا في البلاغة اسمه أسلوب الالتفات، وأسلوب الالتفات يعني الانتقال في المخاطبة
من ضمير إلى ضمير، أي تلتفت من ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب وهكذا (ومثاله فواتيح
سورة الفتح: ((إنا) فتحنا لك فتحا مبينا (ليغفر) لك الله ما تقدم من ذنبك وما
تأخر)).
واختتم متسائلا:
ثم من أين علمت أن هناك خطأ؟! ما هو المصدر الذي اعتمدت عليه لاكتشاف هذا الخطأ؟!
أم إن ذوقك الخاص - إن كان لديك أصلا - كافي لإثبات وجود خطأ؟!