هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
مجرد سؤال
أكد الدكتور
عبدالله محمد، طبيب أسنان، والباحث في ملف الإلحاد، أن الإنسان يجب أن يعلم إجابة
سؤال مهم، وهو: من هو الذي أخبرنا بأن الإسلام هو دين الله الخالق؟ وهو النبي محمد
بن عبد الله ﷺ الذي وُلِد في قبيلة قريش، تلك القبيلة العربية التي اشتُهرَت
بفصاحتها وكثرة شعرائها وتجارتها مع القبائل المجاورة فلم تتجاوز فنون هذه القبيلة
الشعر والتجارة ورعي الأغنام لا أكثر من ذلك، فلم تشتهر مثلاً بالطب ولا بالهندسة
أو القضاء والعلم والتاريخ ولا أديان أهل الكتاب السابقة، سوى بضعة أشخاص لا
يتجاوزون عشر رجال ممن كانوا على النصرانية ولم يكن لهم اختلاط بالناس.
وأوضح: أنه فجأة صعد هذا النبي محمد ﷺ على جبل في قريش ليقول لهم بصوت عال أنه منذر لهم من الله وهو نبي مرسل من عنده، فهل يا ترى هو صادق في دعواه العظيمة هذه؟!
وأردف محمد قائلا: لا شك أن أمر هذه الدعوى لا يخرج عن ثلاثة احتمالات، تتجسد في أن يكون هذا الدين من تأليف وكتابة صاحبه محمد ﷺ، وأن يكون من تأليف شخص آخر وقد أعطاه لمحمد ﷺ لينسبه لنفسه، وأن يكون صادقاً في دعواه وأنه نبي خالق الكون عز وجل.
وأكمل: سنعمد هنا على طريقة الاستبعاد؛ فإذا نفينا واستبعدنا أول احتمالين فلن يبقى إلا الثالث لأن دعواه لا تخرج عن هذه الاحتمالات الثلاثة وبذلك يكون من اليسير الحكم على دعواه ﷺ.
وتابع: ونبدأ
بتناول أول احتمال ولكن قبل البداية علينا أن نعرف شيئاً عن دعواه حتى نحكم عليها
ونتساءل هل في إمكانه ﷺ أن يؤلف هذا الدين، هل قدراته وعلمه تمكنه من ذلك أم أن
شأن هذه الدعوى يفوق قدراته المعرفية بكثير؟!
وأشار إلى أنه
إذا تصفحت الدين الإسلامي المتمثل في "القرآن الكريم والسُنَّة النبوية"
سنجد أنه تطرق وتكلم في كل مجالات الحياة ونذكر بعضها لا كلها، مثلا نجد أن
الإسلام قد تناول، أمور القضاء والأحكام فنجد قد تحدث عن أحكام السرقة والقتل
العمد وغير العمد والتعدي على أملاك الغير وأحكام المواريث وتوزيعها بشكل عادل
وأحكام الزنا والإفساد في الأرض والتشديد على الحكم بالعدل والزجر الشديد في النهي
عن شهادة الزور...إلخ، وكذلك أحكام الزواج والمهر وحقوق الزوجة وحقوق الزوج وأحكام
الاحتفال بالمواليد وحقوق الأبناء وحق الطلاق وضوابطه وحل المشاكل الزوجية بل وتفاصيل
الحياة الزوجية وحال المطلقة ونفقتها باختلاف أحوالها ...إلخ.
ولفت إلى محاسن
الأخلاق والحث عليها مثل الأمانة وبر الوالدين وتربية الأبناء والبعد عن الفواحش
والبعد عن الإفساد في الأرض والعدل بين الناس ومساعدة الغير وعدم الخصام ونشر
المحبة والنهي عن التبذير وسوء استخدام الموارد والمعاملات كلها بين الناس في
البيع والشراء والإقراض .... إلخ.
وألمح إلى قوانين الحروب وتنظيمها وقواعد الحفاظ على الأرواح البريئة مثل الأطفال والنساء وكبار السن وأحكام ما بعد الانتصار وأحكام أهل الذمة وحفظ الأرواح وعدم الإكراه على دخول الإسلام، فما فيها حقوق العبيد من حيث مأكلهم وملبسهم وتزويجهم والزواج منهم وتحريم التعدي عليهم بالقول أو الفعل، تاريخ الأمم السابقة من الشرائع السماوية والحضارات الوضعية وتفاصيل دقيقة في أحداث قبل زمانه بمئات السنين مثل معتقداتهم وأحداث أخرى دقيقة تفصيلية، وكذلك فصاحة القرآن وبلاغته التي تعجَّب منها فطاحلة العرب في الشعر والأدب بل وتحدي العرب أجمعين أن يأتوا بمثل هذا القرآن بل بمثل سورة واحدة منه.
وتابع: والآن
نرجع إلى احتمالاتنا الثلاثة ونتساءل؛ هل بإمكان رجل يعيش في الصحراء لا يملك من
العلوم ولا أدوات البحث مثل الكتب العلمية "التي لم تتواجد في زمانه
أصلا" أو المدارس أو محرك البحث جوجل أو أي شيء يعينه على التعلم والمعرفة،
بل ولم يكن له أصدقاء ذوي علم ومعرفة فكل تلك العلوم التي تناولها القرآن بشكل
دقيق وبشيء من التفصيل... هل يعقل أن يكون من تأليفه؟ كيف ذلك وفاقد الشيء لا
يعطيه، فلم يكن يملك شيئاً من كل تلك العلوم والمعارف التي تعينه على تأليف هذا
الدين الذي تحدث في كل شؤون الحياة (وهذا لا ينقص من قدره مثقال ذرة، لأنه ﷺ مقيّد
بثقافة وعلم بيئته).. فكيف عَلِم ونظَّم كل تلك القوانين؟!
وأكمل.. كيف علم
تاريخ الأمم السابقة؟ هل كان يملك محركات بحث أم ذهب إلى معرض الكتاب الدولي
واشترى كتب التاريخ بلغاتها الأجنبية وترجمها للعربية واقتبس منها بل وصحح بعض
الأحداث فيها، مع عدم وجود أحد من أهل الكتاب بالقرب من النبي ﷺ سوى ورقة بن نوفل
والذي مات في بداية الإسلام ؟!، وكيف علم بأمور الفضاء والفلك والطب والزراعة
والأحياء.... إلخ، هل تعلمها بالمدرسة أم كان يقرأ كتب أرسطو وجالين المليئة
بالمصائب العلمية؟!
وتسأل: هل يقول بهذا الاحتمال إلا شخص مختل؟!، قطعاً يسقط هذا الاحتمال الأول بمجرد قراءة القرآن ومعرفة سيرة النبي ﷺ وبساطة البيئة التي يعيش فيها وإدراك استحالة أن يكون هذا الدين الكبير الذي شمل الحديث عن كل شيء من تأليف هذا النبي الذي يعيش بالصحراء ولم يتعلم من العلوم والمعارف شيئاً سوى التجارة ورعي الأغنام.
وأضاف: وأما بخصوص ثاني احتمال فنقول لقائله هذه القاعدة البحثية المنهجية وهي ( إذا كنت ناقلاً فالصحة وإذا كنت مدَّعياً فالدليل ) يعني إذا كنت ناقلاً لخبر يقول أن النبي ﷺ كان يتعلم من أحد أو يأخذ الإسلام من أحد الأشخاص فعليك بإثبات صحة هذا الخبر ولا شك أن قريش قد قالت هذا الافتراء بالفعل وقد رد القرآن على هذا الاعتراض المتهافت في سورة النحل الآية 103 حيث قال عز وجل" وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ یَقُولُونَ إِنَّمَا یُعَلِّمُهُۥ بَشَرࣱۗ لِّسَانُ ٱلَّذِی یُلۡحِدُونَ إِلَیۡهِ أَعۡجَمِیࣱّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِیࣱّ مُّبِینٌ " ومعنى هذه الآية من تفسير الطبري بتصرف " ألا تعلمون كذب ما تقولون، إن لسان الذي تميلون إليه بأنه يعلم محمداً ﷺ هو لسان أعجميّ، وذلك أنهم فيما ذُكر كانوا يزعمون أن الذي يعلِّم محمدا ﷺ هذا القرآن عبد روميّ، وهذا القرآن لسان عربيّ مبين." فيستحيل النقل عنه.
وواصل: أما إن
كنت مدَّعياً ولست ناقلاً فأين دليلك على ادعائك أم أنه مجرد تكهن وكلام فارغ بلا
دليل !!، ومن جهة أخرى فإن هذا الاحتمال أيضا ساقط بسبب استحالة اجتماع كل تلك
العلوم في شخص واحد في هذا الزمان الذي تغيب فيه أساليب البحث والتعلم في كل هذه
الشؤون لنفس الشخص، وعلى كل حال لا يوجد دليل على نقل النبي ﷺ الإسلام من أحد
بعينه.
وأكمل: فلا يبقى أمامنا سوى الاحتمال الثالث أن هذا الإسلام ليس من تأليف النبي محمد ﷺ ولا من تأليف أحد آخر أعطاه له لينسبه لنفسه فنستنتج في النهاية حتمية نبوة النبي ﷺ وأنه ليس ﷺ مصدر هذا الدين، بل هو وحي الله الخالق عز وجل له عن طريق جبريل عليه السلام، لافتا إلى مما يثبت ذلك أيضاً هو اختلاف أسلوب القرآن اختلافاً جذرياً عن أسلوب الأحاديث لأن القرآن معلوم أنه مُوحَى به من الله لفظاً ومعناً أما الأحاديث الشريفة فهي وحي بالمعنى فقط وبتعبير النبي ﷺ الشخصي، فلو كان القرآن من كلام النبي ﷺ الشخصي لتشابه أسلوبه مع أسلوب الأحاديث بل ونجد ما يعرف بالحديث القدسي فهو وحي باللفظ والمعنى وتجده يختلف تماماً عن أسلوب الأحاديث الغير قدسية والتي هي من تعبير النبي صلى الله عليه لفظاً ؛ فهذا يقدح في كون الإسلام من تأليف النبي ﷺ.
واختتم: لا يدَّعي أحد أننا مسلمون من باب هذا ما وجدنا عليه آباءنا بل إن إيماننا بالإسلام يقوم على قواعد صلبة وراسخة وحجج دامغة !