أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتب: أحمد إبراهيم
نشرت صفحة نهاية
الإلحاد، أنه هناك ما يسمى بدليل التخصيص، وهو اختصاص كل كائن بصفاته التي هو
عليها دون غيرها مثل اتصاف الإلكترونات بالشحنة السالبة والبروتونات بالشحنة
الموجبة، رغم أن غير ذلك ممكن، لكن هناك من خصّ كل كائن بصفاته هذه دون غيرها دون
سبب ذاتي في الكائن نفسه.
ويعتمد هذا
الدليل على أنه يجوز عقلا أن يكون كل جزء من العالم على خلاف صورته وصفته وحاله
التي هو عليها الآن، فكونه على هذه الصورة التي هو عليها الآن يحتاج إلى مخصص
يخصصها بالوجود دون غيرها من الصفات والأحوال الممكنة.
وضربت الصفحة
أمثلة توضيحية، تمثلت في الأكسجين، هو عبارة عن غاز في درجة الحرارة العادية وكذلك
الهيدروجين، فلم هما على هذه الصفة دون سواها؟ لماذا يغلى الماء مثلاً عند درجة
100 مئوية عند مستوى سطح البحر؟ لماذا الإلكترون سالب الشحنة والبروتون موجب
الشحنة؟ لابد من وجود من منح كل شيء صفاته هذه خصوصا أنه لا يوجد سبب ذاتي في الشيء
نفسه يجعله متصفا بهذه الصفة دون سواها أو كما يقول بعض العلماء التجريبين: "
لماذا خرج العالم على هذه الصفة دون غيرها؟ ولماذا هذه القوانين الفيزيائية
والكيميائية والبيولوجية دون غيرها؟
وتابعت: أنه قد
جاءت الآيات القرآنية بالدلالة على أن الأشياء قد خلقت على صفة وهيئة مخصوصة وأن
في الإمكان خلقها على صفات وهيئات مختلفة تماما عما هي عليه كما في قوله تعالى
{أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ
سَاكِنًا} وقوله تعالى {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ
بِمَسْبُوقِينَ ﴿٦۰﴾ عَلَىٰ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا
تَعْلَمُونَ ﴿٦۱﴾ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا
تَذَكَّرُونَ ﴿٦۲﴾ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ﴿٦۳﴾ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ
نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴿٦٤﴾ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ
تَفَكَّهُونَ ﴿٦٥﴾ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴿٦٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٦٧﴾
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ﴿٦۸﴾ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ
الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴿٦۹﴾لو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا
فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴿٧۰﴾ وقوله تعالى {(٧)فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ
رَكَّبَكَ}. ↔️ فهذه وغيرها من الآيات المشابهة تفيد كون صفات الأشياء متعلقة
بإرادة خالقها وعلمه وحكمته، وأنه لو أراد غيرها لفعل.
وتطرقت الصفحة إلى ما يسمى بالخواص الانبثاقية، وهي نشوء صفات جديدة
للمركبات الجديدة لم تكن موجودة في مكوناتها الأولية، ومن أبرز مثال لها الماء؛
فهو سائل في درجة الحرارة العادية وله القدرة على إطفاء النار، بينما مكوناته
الأكسجين والهيدروجين غازان أحدهما يشتعل والآخر يساعد على الاشتعال وتأجيج
النيران. فاختصاص الماء بصفة السيولة وإطفاء النيران خاصية انبثاقية نشأت دون وجود
أصل لها في المكونات الأولية لجزيء الماء من أكسجين وهيدروجين. وقس على هذا عشرات
الألوف من التفاعلات الكيمائية والبيولوجية التي تنتج لنا مركبات ذات صفات غير
مسبوقة في مكوناتها الأصلية ولا يمكن اختزالها في هذه المكونات.
وتابعت: أنه من الخواص الانبثاقية البارزة كذلك صفات الوعي والإدراك
والإرادة في الكائن الحي لا سيما الإنسان، والتي لا يمكن تفسيرها بأنها نتاج
التفاعلات الكيميائية في المخ او حتى جهاز العصبي كله. وهذه الصفات - خصوصا الوعي-
تصلح أن تكون دليلا مستقلا على وجود الله؛ فإن مجرد إدراك الإنسان لذاته وأن له
ذاتا مختلفة عن ذوات الآخرين أمرٌ لا يمكن تفسيره بأنه نتاج العمليات
الكهروكيميائية والعصبية في المخ، فهذا الوعي مشكلة عويصة لمنكري الخلق حتى أنهم
يعتبرونها معضلة صعبة. فهذه كلها أمثلة لخواص انبثاقية في الكائن الحي ليست موجودة
في أجزائه ولا يمكن توقعها قبل اجتماع كل هذه الأجزاء، مما يدل على أن هناك من منح
الكائن هذه الخاصية وأكسبها إياه، وأنها ليست نتاجا طبيعيا لاجتماع ذراته أو
جزيئاته أو وحداته البنائية أيا كانت.
وختمت الصفحة أنه وبالجملة، فإن صفات الأشياء وخصائصها قد تكون على
وجه ما أو وجه آخر أو وجه ثالث أو رابع... إلخ. لكن اختصاصها بوجه دون ما عداه
--دون وجود موجب لهذا الاختصاص في الشيء نفسه-- يدل على وجود مخصص خارجي خصّها
بهذه الصفة أو مرجح خارجي رجح هذه الصفة على ما عداها من الصفات الممكنة.