الرد على شبهة لا حاجة إلى (الإله) في الأديان!

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 26 أكتوبر 2023, 5:18 مساءً
  • 723

كتب: أحمد إبراهيم

من الشبهات، التي يطلقها بعض الملحدين والعلمانيين، أن الأديان في حد ذاتها لا حاجة لها إلى "الإله"، وأن الدين لوحده يمتلك المقومات التي تجعل المجتمع يعيش بمفرده دون الحاجة إلى إله يوجه .

ففي كتابه "الإسلام يتحدى.. مدخل علمي إلى الإيمان" يؤكد المفكر الإسلامي الهندي، وحيد الدين خان، أن بعض يستدلون بالتاريخ أو الاجتماع خطأهم الأساسي أنهم لا يدرسون الدين بشكل صحيح وكامل، ومن هنا يكون لهم الدين شيئا غريبا، ومثال ذلك أن ترى شيئا مربعا من زاوية منحرفة فيتراءى لك مثلثا. أن الخطأ الذي يقعون فيه هو أنهم يتناولون الدين على أنه مشكلة موضوعية، فهم يجمعون في سلة واحدة كل ما أطلق عليه اسم "الدين"، من رطب ويابس، في أي مرحلة من التاريخ، ثم يتأملون في ضوء هذا المحصول حقيقة الدين!!

وتابع: أن موقفهم ينحرف من أولى مراحله، فيبدو لهم الدين جراء هذا الموقف الفاسد عملا اجتماعيا، لا كشفا لحقيقة، ومن المعلوم أن لكل ما يكشف عن حقيقة من الحقائق مثلا أعلى، ولابد عند البحث عن هذه الحقائق أن ندرس مظاهرها وتاريخها في ضوء مثله الأعلى.. مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الأمور التي تأتي بها أعمال اجتماعية فليس لها مثل أعلى، منوها إلى أن الدين يختلف عن ذلك كل الاختلاف، فليس من الممكن البحث عن حقائقه، كما يبحث عن تطورات فنون العمارة والنسيج والحياكة والسيارات، لان الدين علم على حقيقة يقبلها المجتمع أو يرفضها، أو يقبلها في شكل ناقص، ويبقى الدين في جميع هذه الأحوال حقيقة واحدة في ذاتها، وإنما يختلف في إشكاله المقبولة، ولهذا لا يمكن ان نفهم حقائق (الدين) بمجرد فهرسة مماثلة لجميع الإشكال الموجودة في المجتمعات باسم الدين.

وأردف خان قائلا: ولنأخذ على سبيل المثال لفظ (الجمهورية). فهي قيمة سياسية لنظام خاص بالحكم وفي ضوء هذه القيمة نستطيع ان نحكم على بلاد بأنها جمهورية، أو بأنها ليست كذلك، لكنا لو ذهبنا نبحث عن معاني (الجمهورية) في النماذج السياسية التي توجد عبر القارات، ويلتصق بها لفظ (الجمهورية)، ثم زعمنا ان كل هذه البلاد قائمة (على أسس جمهورية)، فسوف تصبح كلمة الجمهورية بلا معنى. ففي هذه الحالة ستختلف (جمهورية) الصين عن (جمهورية) الولايات المتحدة الأمريكية. وستعارض (جمهورية) إنجلترا (الجمهورية) العربية المتحدة. كما أن (جمهورية) باكستان ستصطدم (بالجمهورية) التي تلتزم بها الهند. فإذا تأملنا كل هذه المشاهدات في ضوء (فلسفة التطور) فان هذه الكلمة سوف تفقد معناها حتما، لان فرنسا التي أنجبت النظام الجمهوري سوف تبرهن على أن (الجمهورية) بعد (نشوئها وارتقائها) تتمثل في ديكتاتورية ديجول العسكرية، لافتا إلى أن هذا النهج في التناول يؤدي إلى نتيجة غريبة، هي انه لا حاجة إلى (الإله) في الأديان!!

وأكمل : إذ يوجد مثال لهذا في تاريخ الأديان وهو مثال البوذية. التي تخلو تماما من فكرة (الإله). ومن ثم آمنت جماعة من الناس بضرورة البحث عن دين مجرد من الإله، ولو أننا سلمنا بالفكرة القائلة بان شيئا مثل (الدين) لابد منه للإنسان، لحاجته إلى الوعي الخلقي والتنظيم الاجتماعي، فلا داعي إذن للإله إن يوجد، وربما قيل: إن الدين الذي يصح لهذا العصر يلزم أن يكون مثل البوذية فان إله العصر الحاضر هو (مجتمعه وأهدافه السياسية)، ورسول هذا الإله هو (البرلمان) الذي يوجه الشعب إلى ما يرضيه.

 

وأضاف: أن معابد هذا الإله العصري ليست المساجد أو الكنائس القديمة، وإنما هي المصانع الكبيرة والسدود العظيمة وأن لهؤلاء الباحثين الاجتماعيين المزعومين قدرة كبيرة على خلق هذه الأفكار الجديدة، التي تنتقل من (دين الإله) إلى فكرة (الدين بغير الإله) وذلك ناشئ عن الطريق المعوجة التي سلكها بحثهم، وهم يغمضون أعينهم عن جميع النواحي العلمية الأخرى التي تلقي ظلالا من الشكوك حول جداولهم الارتقائية. ومثاله أن علماء الاجتماع والإنسان قد توصلوا بعد أبحاثهم الفنية الدقيقة إلى أن (نظرية الإله) شكل ارتقائي لفكرة تعدد الآلهة، غير أن هذا الارتقاء ضل طريقه واتجه إلى طريق غريبة، وحير العلماء كما شوش أمره على نفسه، بارتقائه الباطل من فكرة تعدد الآلهة، غير أن هذا الارتقاء ضل تعدد الآلهة إلى فكرة الإله الواحد.

تعليقات