هناك مشوهون.. أين التقويم في خلق الإنسان؟.. محمد سيد صالح يرد على الشبهة

  • جداريات Jedariiat
  • الأربعاء 11 أكتوبر 2023, 05:04 صباحا
  • 1122

رد الباحث في ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، على شبهة يقول صاحبها، أن ما نراه من تشــوهات في أجسام البعض يُكذب القرآن لأنها تتعارض مع قول الله: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) فأين هذا التقويم من الأساس؟!

وبين أنه لكي نفهم معنى الآية علينا أن لا نُخرج الآية عن سياقها بل ننظر في ما قبلها وما بعدها، فهذه الآية في سورة التين، وقد أقسم الله في بداية سورة التين قَسماً شديداً، فقال تعالى : ( والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين… ) قد أقسم الله سبحانه بالتين والزيتون وبجبل الطور بسيناء، وبالبلد الأمين أي مكة المكرمة. وفي هذا قسمٌ عظيم، والقسم عادة لا يأتي إلا لإثبات شيء غير واضح، فليس من الطبيعي أن يكون القسم على شيء معلو، ثم جاءت الآية المذكورة في الشبهة بعد القسم مباشرة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) إذن هناك شيء خفي في الإنسان غير الجسد الواضح لنا وهو الذى أقسم الله عليه.

وذكر ن الآية ليس المقصود منها الجسد إنما مقصود منها شيء خفى، وهو "التكريم" قد كرم الله سبحانه كل بني آدم قال سبحانه : (  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ في ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) وتكريم الإنسان يتمثل في أمورٍ عدة منها أنه كرم الإنسان بالفطرة السليمة البيضاء، قال تعالى: ( فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ ) ( الروم :٣٠ ) وبالعقل والإدراك الذي امتاز بهما عن سائر المخلوقات الأخرى، { وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ } على الركاب من الإبل والبغال والحمير والمراكب البرية. وَ في الْبَحْرِ أي في السفن والمراكب وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ من المآكل والمشارب والملابس والمناكح. فما من طيب تتعلق به حوائجهم إلا وقد أكرمهم الله به ويسره لهم غاية التيسير، { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } بما خصهم به من المناقب وفضلهم به من الفضائل التي ليست لغيرهم من أنواع المخلوقات. فضلاً على أنه فضل الإنسان على كثير من خلقه كما هو واضح بالآية، وسخر للإنسان الكون بإثره.

وذكر أن الإنسان هو المخلوق الذي يفكر ويتدبر ويتأمل ويتكلم ويستكشف ويعمر، متسائلا: هل سمعنا يوماً أن نوع آخر من المخلوقات قام ببناء حضارة ؟! لا يوجد سوى الإنسان.

وتابع: هل سمعنا يوماً أن هناك دابة قامت باستخدام الإنسان وركوبه؟ بل الإنسان وحده هو القادر على ركوب العديد من المخلوقات كركوب الحيوانات من الخيل والجمال والحمير وركوب الجمادات كالسفن والسيارات والطائرات، حتى الإنسان المــشوه أو الذي خُلق بــعاهةٍ أعجزته تتسخر له الدنيا، فرغم عجز الإنسان الــمشوه أو المشلول لكنه يركب الدواب ويلبس من جلودها، ويأكل من الأرض وما سمعنا يوماً عن دابة ركبت فوق إنسان وساقته ووجهته.

وشدد على أن الكثير يعرف استيفن هوكينج، هذا الرجل كان مــصاباً بمرض اسمه " تصلب جانبي ضموري" أفقده هذا المرض القدرة على الحركة والكلام وعاش عمره كله على كرسي مخصص له ومجهز ومع ذلك لم يعيقه هذا المرض عن الفكر والعلم فكان أحد أبرز علماء الفيزياء النظرية، وعلم الكون على مستوى العالم وهنا يتجلى معنى قول الله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، فرغم مرضه الذي أقعده عن الحركة إلا أنه كان عالماً مؤثراً بعلمه.

وأوضح أن أحسن تقويم بمنظور الإنسان ليست معياراً ليقاس عليه منظور الله في حُسن التقويم، فالله سبحانه ليس مقيداً أو خاضعاً لمنظور الإنسان إنما له مُطلق الإرادة وقد اراد الله ان يجعل الإنسان في أحسن تقويم بالصورة التي شاء أن يكون عليها.

ولفت إلى أن السورة نفسها تجيب بنفسها على هذا السؤال؛ قال تعالى: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) ) التين، أي أن الله خلق الناس جميعاً في أحسن تقويم أي على فطرة سليمة بيضاء وعقل وإدراك  ثم يرد من الناس الذين دنــسوا فطرهم و تعالوا و تكابروا وانكروا الحق إلى أسفل سافلين أي إلى العذاب ثم استثنى الذين آمنوا وعملوا الصالحات الطيبات واطاعوا اوامر الله فهؤلاء لهم أجر كبير.

وأكمل: من الممكن أن يكون هناك رجل سليم البدن معتدل الهيئة صحيح الجسد لكنه منكراً للحق معانداً ومـــات على ذلك وهذا سيرد أسفل سافلين ، و رجل آخر قعيد مـــشوه لكنه مؤمناً بالله مطيعاً له سليم الفطرة، فهذا له الأجر الكبير وفي هذا دلالة على أن أحسن تقويم المقصود بها الفطرة السليمة التي خُلق عليها الإنسان والعقل الواعي الصريح الذي ينتج فكراً واعياً فإن خالف فطرته السليمة أصبح من الســـافلين وإن وافقها أصبح من المؤمنين.

ولفت إلى أن حتى وإن افترضنا أن المقصود بالآية هو حُسن الهيئة والجسد فالآية تتكلم  عن النوع الإنساني ولم تتكلم عن الأفراد بأعينهم، بمعنى أن مجمل النوع الإنسان أحسن من غيره من أنواع المخلوقات الأخرى. فالقياس دائماً يكون على الغالبية لا على الندرة والقلة، وغالب النوع الإنساني أحسن من غالب الأنواع الأخرى، فالإنسان قائماً يمشى على قدمين وله يدين بعكس المخلوقات الأخرى التي خلقها الله منكبة على وجهها نحو الأرض تمشى.

وكما أن النوع الإنساني اغلبيته على أحسن هيئة وصورة وندرته عاجزه و مشوهه، كذلك أيضاً باقية المخلوقات أغلبها صحيحة وندرتها عاجزة و مشوهه.

واختتم: هنا سيظل الإنسان أحسن تقويماً من غيره من المخلوقات إذا قسنا غالب النوع الإنساني الصحيح وندرته المشوهه، على غيرها من سائر المخلوقات التي اغلبيتها صحيح وندرتها مشـــوهه.

تعليقات