هيثم طلعت: إبهار النظام المعلوماتي الذي يُشفر للكائنات سيظل حَجَر عثرة في وجه الإلحاد
- الأربعاء 25 ديسمبر 2024
تقول الشبهة "إن
دين الإسلام دين دموي وليس فيه حريات ما ذنب من ولد مسلما ولا يريد الإسلام "
ورد على هذا نبدأ
معكم بسرد أدلة وضوابط حد الردة في الإسلام، ونبدأ بأدلة حد الردة وهي تتمثل في
عدة روايات نأخذ منها روايتين صحيحتين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أولها ما روته
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يَحِلُّ
دَمُ امرِئٍ مُسلِمٍ، إلَّا رَجُلٌ قتَلَ فقُتِلَ، أو رَجُلٌ زَنَى بَعدَما
أُحصِنَ، أو رَجُلٌ ارتَدَّ بَعدَ إسلامِه." (تخريج المسند لشعيب 25794) .
وما رواه الإمام
البخاري عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يَحِلُّ دَمُ
امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ،
إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بالنَّفْسِ، والثَّيِّبُ الزَّانِي، والمارِقُ
مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَماعَةِ" .( صحيح البخاري 6878)
ثانيا: نستعرض
معكم ضوابط تطبيق حد الردة
أولا: لا بد أن
يكون المرتد مسلما بالغا عاقلا ثم يجهر بردته أمام الناس سواء بالقول أو الفعل
فالذي يرتد سرا لا يقام عليه حد الردة وإن لم يجهر بها فكيف سيعلم الناس بحال ردته!!
ثانيا: لا بد
وأن يستتاب أولا ثلاثة أيام قبل إقامة الحد عليه والاستتابة تعني أن نطلب منه
التوبة و أن يرجع عن ردته ويعود للإسلام مرة أخرى
فيقول الإمام ابن قدامة رحمه الله "ومن ارتد عن الإسلام من الرجال
والنساء، وكان بالغا عاقلا: دعي إليه ثلاثة أيام، وضيق عليه، فإن رجع، وإلا
قتل" (المغني لابن قدامة ٩/٣)
ثالثا: إذا ارتد
المرتد وهو خارج الدولة الإسلامية فلا يلاحقه أحد، ويحق لولي الأمر فقط أن يقيم حد الردة
على المرتد ولا يحق ذلك للعوام.
ثالثا: نتجول في
وجود حد الردة عقلا ومنطقا.
أولا: يحق لأي
دولة أن تسن من القوانين ما تشاء ومن لا يعجبه قوانينها فليغادر ولا يسكن فيها وقد
سنت الدولة الإسلامية وجوب حد الردة فلها الحرية في ذلك فلا تريد أن يتمتع
بخيراتها من انقلب ولاؤه عنها فلها الحرية في منح أو منع خيراتها عمن تشاء.
وذلك مثل الدول
المعاصرة اليوم والتي تسن قانون الخيانة العظمى لمن ينقلب ولاؤه عنها فيتم قتله
ومع ذلك لا نرى من يقول إن قانون الخيانة العظمى هو تقييد للحريات وظلم لمن انقلب
ولاؤه على بلده ولكن نجد الصياح موجه لكل ما هو إسلامي فقط.
ثانيا: هذا
المرتد الذي أعلن ردته نسأله ما الغاية من كونك تسكن في بلد إسلامي ثم تخرج بكل
تبجح وتقول إن إسلامكم ما هو إلا خرافة وإني قد تخليت عنها ثم تسب وتشتم رموز هذا
الدين، ما الغاية من ذلك إلا أنها حماقة لأنك تعلم أن المسلمين أهون عندهم
أن يُشتَم ويُسَب آباءهم من أن يُفعَل ذلك في دينهم فلا تلومن إلا نفسك حين
تستفزهم
!
ثالثا: وجودك في
بلد إسلامي ولك كامل الحرية هو خطر على من لا يعلم شؤون دينه لأنك تفتنهم في دينهم
وتدعوهم إلى الكفر وبالتالي يخسرون آخرتهم الأبدية والتي هي أهم من الدنيا الزائلة
فيجب كسرك حتى لا تكون فتنة وليس هذا لسبب ضعف في حجج الدين وإنما لضعف علم
المفتون ولتمرسك في الخداع والتدليس (وملاحدة اليوتيوب اليوم أكبر دليل على ذلك).
رابعا: تريد
الردة؟ تفضل هاجر من دولة الإسلام ولا تأكل من خيراتها ثم ارتد خارجها ولن يلاحقك
أحد.. ها هو الحل أمامك إلا إذا كنت تريد استفزاز المسلمين في أغلى ما يقدسونه.
خامسا: ما ذنب
من ولد مسلما ولم يختار الإسلام فلماذا يعاقب بقوانين لم يوافق عليها، فنقول له
وهل أنت قد اخترت قوانين بلدك العلمانية في عقوبات السرقة والخيانة العظمى مثلا؟؟
قطعا لا، ورغم ذلك فهي تطبق عليك وأنت لا تعترض ولا تقول إن هذا تحجيم لحريتك لأنه
قد اتفق عليها من هم سبقوك فما بالك لو قلنا انه قانون إلهي، وأما عن الذي دخل
الإسلام حديثا فقد علم قبل دخوله قوانين الإسلام وعلم بوجود حد الردة وقد وافق
عليه منذ البداية.
بعض اعتراضات
منكري السنة !
يقولون أن
القرآن يقول "لا إكراه في الدين"، وهذا مخالف للحديث وهذا معناه أنه يحق
لأي أحد الدخول والخروج من الإسلام دون أي عقوبات، فنأخذ بالقرآن ونترك الحديث
الرد : لو قرأتم
نهاية الآية لعلمتم أن الآية موجهة للكفار الذين لم يدخلوا الإسلام أصلا (وليس
للمسلمين بالفعل لتبرير خروجهم من الإسلام دون وجوب حد الردة عليهم) فنقرأ بقية
الآية يقول عز وجل في سورة البقرة " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد
تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن
بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ
وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)" فنجد أن الله يقول فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن
بالله، أي أنهم لم يدخلوا الإسلام بعد ولم يؤمنوا بعد ، فهؤلاء هم من لا يكرهون في
الدين.
اعتراض آخر ألا
وهو الاستشهاد بقوله عز وجل في سورة الكهف "من شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر...(29)"، فيقولون إن التخيير هنا ينفي وجود العقوبة، فنرد ونقول أولا هذه الآية نزلت في
المشركين أصلا وليس في المؤمنين.
نزلت الآيات في
جماعة من عظماء المشركين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: باعد عنك
هؤلاء الذين رائحتهم رائحة الضأن، وهم موالٍ وليسوا بأشراف؛ لنجالسك ونفهم عنك،
يعنون بذلك: خبابًا وصهيبًا وعمارًا وبلالًا
رضي الله عنهم ومن أشبههم، فأمره
الله عز وجل ألا يفعل ذلك، وأن يُقبل
عليهم، ولا يلتفت إلى غيرهم من المشركين.
ثانيا : أسلوب
الآية هو أسلوب تهديد بدليل تكملة الاية تقول "إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا
يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ
مُرْتَفَقًا"، يعني التخيير لا ينفي
العقوبة وإلا لنفى عنهم عقوبة الاخرة هذا إن قلنا أن الآية نزلت في عموم
الناس بما فيهم المؤمنين، ولكنها نزلت في المشركين أصلا فلهم الحرية في الدخول في
الإسلام أو عدم الدخول فيه.