أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
مشكة الشر
قال الدكتور
محمد سيد صالح، الباحث في ملف الإلحاد، إنَّ انكار الإنسان لوجود الله بحجة وجود
الشر في الحياة لنْ يجعل الشر ينتهي مِن الحياة، بلْ يُسهم في زيادة الشر في
الحياة، لأنَّه يعتقد أنَّ الحياة عبثية يعيش فيها الإنسان ما يعيش ثم يذهب بعد
موته إلى التراب دون أنْ يجدَ مَن يعاقب الظالم ويُكافئ المظلوم.
وبين في كتابه
"لماذا الإسلام وسط الزحام" أن هذا الفكر الإلحادي يُؤدي بالبعض إلى
ارتكاب صنوف وألوان مِن الجرائم ولا يُبالي الواحد منهم بالآخرين ما دام يجد في
ارتكابه للجرائم لذته ومتعته، وما دام سيموت ولن يجد مَن يُحاسبه على أفعاله.
وبين أنَّ
الناسَ الذين يتصرفون بِمَعْزل عن العدالةِ شريطةَ أن يُحصنوا أنفسهم مِن العقاب،
يعيشون بالتأكيد حياة أحسن مِن النَّاس العدول الأمناء، والسببُ أنَّ العدول لا يأخذون إلا
حقهم فقط، أمَّا غير العدول فيأخذونَ كلَّ ما يسعهم أنْ يأخذوه، فضلًا على أنَّ
العدول ينحازون بمسؤولياتهم على حساب أنفسهم؛ لأنَّ العدل يتطلب مِن صاحبه أن
يُضحي بالمال والوقت أحيانًا، أمَّا غير العادل فسيجد سبيلًا للتخلص مِن مسؤولياته
متى كان التخلص منها في مصلحته، فربما يُحَمِّلها غيره؛ ليرتاح هو من مشقتها.
وتابع: مثلًا لو
وجدتَ حقيبة مُلقاة على الأرض فيها خمسة آلاف دولار، وبطاقة شخصية تدل على صاحبِ
الحقيبة، فالعدلُ يطالبك أن تبحثَ عن صاحب الحقيبة مِن خلال قِسْم الشرطة أو السجل
المدني الذي يملك بيانات النَّاس، وهذا يحتاجُ إلى انتقالاتٍ مِن مكانٍ لمكانٍ
وهذه الانتقالات تحتاجُ لمالٍ وبعض مِن الوقت، وفي النهاية لنْ تستفيدَ شيئًا،
فالمالُ سيعود لصاحبه، وأنتَ لربما تأخرت على عملك، أمَّا لو كنتَ غير أمينٍ، ستأخذ المال
وتشتري الهاتف الذي تتمناه والملابس الجميلة، والعطر المميز.
وإذا قال قائل:
إنَّ الأمانةَ لها ثمرة؛ ألا وهي إعجاب الآخرين بكَ، وقربهم منكَ، ومعاملتهم
الحسنة لكَ، فَمِن الممكنِ أنْ يتفادى الإنسان هذا الأمر بشيءٍ مِن المكرِ؛ تتظاهر
بالعدل والأمانة، لكنْ مِن داخلكَ تكونُ غير عادل وغير أمين، فتتلذذ مثلًا بقتلِ
إنسانٍ يُعكر صفوك في سبيل أنَّك ترتاح منه، ثم تذهب وتبكي في جنازته، بل تأخذ
أنتَ واجب العزاء بنفسكَ، ومن الممكن أن تسرقَ أموال جارك، ثم تذهب في الصباح
لتبحث معه عن السارق "وهنا تكون سعدتَ بالمالِ، واستفدتَ مِن
خيانتكَ وظلمكَ، وأيضًا جنيتَ ثمرة العدلِ مِن إعجاب النَّاس، وسعادتهم بكَ
بنفاقكَ ومكركَ".
وذكر أن هذا
الفكر هو فكر بعضٍ مِن الفلاسفة السوفسطائيين كـ (ثراسيماخوس وغلوكون).
وأوضح أنه في الحقيقة، وفي ظلِّ التفكير المادي الإلحادي، هذا الكلام منطقي
جدًّا، فَمَا المَانع إذا كنت آمن العقاب أن أسرق وأقتل وأغتصب، وأتلذذ بكلِّ
شهواتِ الدنيا على حسابِ غيري ما دمتُ سأموت وأصبح مجرد حفنة مِن التُراب وأتساوى
مع غيري؟!
وأردف: أمَّا
الإيمان بالله سبحانه، ويوم الحساب، والجنة والنار، كلُّ هذه أمور تجعل الإنسان
يعرفُ أنَّ حياته لم تنتهِ بعد موته، بلْ سينتقل إلى دارٍ أخرى يُرَدُّ فيها
المظالم لأهلها.
وشدد الباحث في
ملف الإلحاد على الإيمانُ باللهِ يجعل الإنسان يفكر في عدمِ ظُلمِ النَّاس، وإن
كان بداخله يميل إلى ذلك خشية العقاب في الآخرة، والإيمان بالله يُعيد الإنسان
لفطرته، ويجعله يُدرك أنَّ هناك مشاعر لا تُقاس بالنظرة الإلحاديَّة الماديَّة.
واختتم بالقول بأن الإلحاد يدعو إلى الفساد ونشره، والإيمان يدعو إلى العدل والأمانة والحفاظ على حقوق الآخرين "فإنكارك لله بسببِ بعض الشرور التي تقع في الحياة، لن يقضي على تلك الشرور، بل يزيد بها".