كيف تكون العبادة سببًا في معية الله بينما الأمة المسلمة اليوم أضعف من الأمم الكافرة؟.. هيثم طلعت يرد

  • جداريات Jedariiat
  • الثلاثاء 05 سبتمبر 2023, 5:35 مساءً
  • 722

رد الدكتور هيثم طلعت، الباحث في ملف الإلحاد، على سؤال يشغل بال الكثيرين، يقول: كيف تكون العبادة سببًا في معية الله بينما الأمة المسلمة اليوم أضعف من الأمم الكافرة؟

وأوضح في كتابه "مناعة إيمانية" أن هذا السؤال مهم جدًا، والجواب لا علاقة بين الأفضلية وبين التقدم الحضاري، فلا يلزم من كون الإنسان فاضلاً وصالحًا أن يكون متقدمًا حضاريًا، فقد يكون الشخص ملتزمًا بتعاليم الإسلام لكنه فقير بسيط، وقد يكون العكس، فالعبرة ليست بالثراء المالي المجرد، وقد كان الكفار عبر التاريخ يحتجون على الأنبياء بنفس هذه الحجة فيقولون للأنبياء: أتباعكم فقراء، كما قال الكفار لنوح عليه السلام {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} ﴿٢٧﴾ سورة هود، ونفس الحال حصل مع كفار مكة {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ﴿٣١﴾ سورة الزخرف.


وأوضح أن الكفار دائما ما يحتجون بهذه الحجة الساقطة {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} ﴿٧٣﴾ سورة مريم، متسائلا: أي الفريقين أفضل ماديًا؟ فهذه حجة خاطئة تمامًا، فما علاقة التقدم المادي بكوني على حق أو على باطل؟

وتابع: كم من الأمم كانت متقدمة حضاريًا وهي من أبعد الناس عن شرع الله ودينه ووحيه {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} ﴿٩﴾ سورة الروم.


وأردف: كانوا متقدمين ماديًا لكنهم بالمقياس الأخروي... بالمقياس الديني، في غاية التخلف والبعد عن وحي الله.

وبين الدكتور هيثم طلعت، الباحث في ملف الإلحاد أن التقدم المادي والثراء المالي ليسا معيارًا على صاحب الحق {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ﴿٨٣﴾ سورة غافر.


وذكر أن التقدم الدنيوي المفتَقِد للتسليم للوحي الإلهي هو باب فتنة عظيمة، وقد يكون باب استدراج يُستدرج به الغافلون ليكون هذا التقدم شغلهم الشاغل ومنتهى ما يأملون من الحياة فيهلكون كافرين {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} ﴿٥٥﴾ سورة التوبة، {وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} ﴿٣٣﴾ سورة الزخرف.


وشدد على أن التقدم المادي ليس ممدوحًا في ذاته وليس مذمومًا في ذاته، وإنما يُمدح بقدر تزكيته بالوحي الإلهي، وبقدر تطبيق الدين فيه، وبقدر انتفاعك به في دينك، وبقدر ما تستخدمه في نفع الناس وصلاح أحوالهم، وهذا هو التقدم المطلوب.

وأشار الباحث في ملف الإلحاد، إلى أن معيار التفاضل الحقيقي بين البشر ليس في تقدمهم المادي ولكن في التفاضل بالتقوي والعمل الصالح، ويأتي التقدم المادي كوسيلة وليس كغاية، يأتي كوسيلة لخدمة ونفع الناس.


وأكمل: يكون تقدما ماديا مُزكَّى بالوحي الإلهي وهو وحده التقدم المطلوب، ومعنى الاستخلاف الحقيقي في الأرض هو: استخلاف عبودية لله، واستخلاف تزكية إيمانية لكل مناحي الحياة {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} ﴿٤١﴾ سورة الحج، وهذا هو معنى الاستخلاف الحقيقي في الأرض.

واختمم الدكتور هيثم طلعت، جوابه على السؤال قائلا: اعلم أنَّ المسلم إذا فعل ما عليه يَسَّر اللهُ له أسباب كل خيرٍ وسعادة وتقدم في الدنيا، ونجاة ورفع درجة في الآخرة {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} ﴿٥٥﴾ سورة النور.

تعليقات