أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتب: أحمد إبراهيم
كثيرون من
الدعاة يتصورون أن الرد على الملحدين أمر هين، وأنه بمجرد أن يلتقي بشاب ملحد سوف
يقنعه بوجود الله في أقل من 30 دقيقة، ولكن عندما يخوض أحدهم التجربة مع شباب ملحد
يغير رأيه فورا بعد المناقشة معهم، كون أنهم لا يؤمنون بالقرآن ولا الأحاديث
النبوية، إذن إن المناقشة والمجادلة مع الملحدين من الشباب في حاجة ماسة إلى رجل
دين واسع الأفق وقارئ جيدا في مختلف فنون وعلوم الحياة، لكي يكون قادرا على الرد
بالعقل والمنطق على هؤلاء الشباب.
وقد نوه الدكتور
محمد العريفي لهذا الأمر المهم، فقد ذكر الله -تعالى- الإلحاد في كتابه، ولا يزال
الإلحاد -أيها المسلمون- يطوف بعقول بعض الناس، وإنك إذا تأملت اليوم في واقعنا
وجدت أن مثل هذا الإلحاد بدأ ينتشر عند بعض المسلمين مع -الأسف!- فبدأت تطفو على
السطح لهم صفحات ومنتديات وجروبات من خلال شبكة الإنترنت، وصار لهم مواقع، وصار
لهم مناقشات ونواد ومقاهي يجتمعون فيها
سواء في داخل هذه البلاد -على قلتهم- أو في خارجها، فنسافر أحيانا إلى بعض البلدان
فنلتقي بمن كانوا مسلمين أو هم لا يزالون مسلمين لكن عندهم شيء من اللوثة تتأثر
بذلك الإلحاد أو ببعض عقائده أو بقراءة بعض كتبه، أو المشاركة في بعض منتدياته أو
ما شابه ذلك.
وتابع : ولقد
كان السلف -رحمهم الله تعالى- يُحذرون الناس من أن يقع في قلوبهم شك في وجود رب
العالمين أو في أحقيته بالعبادة، ولقد ذكر أهل العلم أن الإمام أبا حنيفة رحمه
الله -تعالى- ناظر يوما قوما من السومانية، قال: وكان هؤلاء السومانيه قوما ملحدين
ينكرون وجود الله -تعالى- ويقولون إن هذا الكون وجد هكذا صدفة من غير خالق، من غير
موجِد، وأن ما نرى من جبال وأحجار وأشجار و مخلوقات متنوعة على إتقانها وجلالة
هيبتها ودقة صنعتها أن هذا كله إنما وجد هكذا صدفة دون أن يكون له خالق و موجد -جل
في علاه-.
فناظرهم أبو
حنيفة -رحمه الله تعالى- فإذا بهم يتأففون عنه ويترفعون عن حواره و يظنونه ضالا في
عقيدته، فواعدهم من غده أن يلتقوا عند الأمير -يعني عند أمير البلد- فلما كان
الموعد تأخر عليهم أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- فأخذوا يتكلمون عنه ويذمونه
ويقولون للأمير: هؤلاء علماؤكم يتأخرون عن مواعيدهم!.
وعندما دخل أبو حنيفة قال له الأمير: تأخرت يا أبا حنيفة. قال: نعم؛
إني لم أجد مركبا ينقلني من ضفة النهر إلى الضفة الأخرى. قال له: فماذا فعلت؟
"لما لم تجد مركبا يحملك" فماذا فعلت؟ هل قطعت النهر سباحة؟.
قال: كلا، إنما
بينما أنا واقف على جانب ضفة النهر فإذا بسحابه تمر علينا، وإذا ببرق عظيم ورعد
شديد، وإذا هذا البرق تنطلق منه صاعقه فتشق شجرة عظيمه كانت بجانبي تشقها إلى
نصفين فيقع نصفها هكذا صدفة في البر ونصفها في البحر، وصدفةً إذا بالنصف الذي في
البحر تنطلق قطعة من حديد كانت موجودة على الأرض ثم تلتصق بغصن من أغصان هذه
الشجرة، ثم هكذا يلتصق هذا الحديد بذلك اللوح ثم يقبل على هذا الجزء الذي على
الماء ثم يبدأ يقطعه حتى صُنع منه قارب يستطيع أن يسير في الماء، ثم دنا هذا
القارب صدفةً إلى جانب الشط فركبت فيه، ثم صدفة هكذا انطلقت الواح من يمين ويسار
وصنعت مجاديف، والتصق بعض الأخشاب ببعض حتى صنعت مجدافين، ثم جعلت تجدف من نفسها
دون أن يكون لها صانع، دون أن يكون لها مجدف، دون أن يكون لها موجِّه و لا قبطان
يقود هذا القارب، فإذا نحن بعد قليل في الضفة الأخرى، فها نحن الآن بين أيديكم
تعالوا نتحاور، هل وجد هذا الكون صدفه أم أن له صانع؟.
قال: فالتفت
السومانية إلى الأمير وقالوا: عالمكم هذا مجنون. قال لهم أبو حنيفة: لما؟ قالوا:
معقول أن يوجد قارب كامل من غير صانع؟ ثم هذا الفأس يوجد من غير صانع، ثم ما هذه
الصدفة التي قسمت هذه الشجرة نصفين وجعلت نصفا على البر ونصفا على البحر؟ ثم كيف
يسير هذا القارب من غير قبطان يقوده و لا رجل يوجهه؟ أنت مجنون!.
فقال لهم أبو
حنيفة: سبحان الله! الآن لم تصدقوني بأن قاربا واحدا وجد هكذا صدفة وصنع هكذا من
غير صانع، وأنتم تقولون إن السموات و الأرض والجبال والشمس والقمر وما في الكون
كله تدَّعون أن هذا الكون كله وجد صدفه! فحجهم رحمه الله -تعالى-.
وفي تصريحات سابقة، أكد الدكتور محمد داود الباحث الشهير في ملف الإلحاد، أن من يرغب في مناقشة والحديث مع الملحدين، أن يكون ملما بالعلوم الدنيوية، وأن يخاطبهم بشيء من العقل والمنطق، وأن يحتويهم بقدر المستطاع، ولا يسخر منهم ولا يحتقرهم على الإطلاق هنا تنجح المناقشة .