محمد سيد صالح يكتب: حوار مع صديقي الملحد

  • جداريات Jedariiat
  • الأربعاء 23 أغسطس 2023, 03:49 صباحا
  • 797

سألني صديقي الملحد؛ لماذا تؤمن بالإسلام؟

وما الذي يميز الإسلام عن باقي الأديان؟

فهناك أديان كثيرة لعلها أصح من الإسلام!

قلت : قبل أن تسألني عن سبب إيماني بالإسلام  - كدين ودستور - رضيته لنفسي ، فهل أنت تؤمن بمن رضاه لنا ديناً ودستوراً ؟

هل أنت تؤمن بوجود إله خلق الكون وما من فيه ، والأرض وما ومن عليها قبل أن تسأل عن دينه ؟

قال : أنا لا أؤمن به ولا بوجوده بالأساس ..

قلت : إذن ؛ سؤالك عن سبب إيماني بالإسلام وصحته ليس منطقياً الآن ؛ لأنني لو أثبت لك صحة الإسلام وحجيته قبل أن أثبت لك أن هناك إله خلق الكون ومن فيه والأرض ومن عليها ووضع لنا ديناً ودستوراً .. فلمن ستنسب هذا الدين ؟!

قال : وماذا تريد الآن ؟

قلت : تعال نبحث عن الحقيقة - سوياً - إما أن أثبت لك وجود إله ، وإما أن تنفي لي وجوده !

قال - متكبراً متعالياً - : من الصعب أن تثبت وجوده لي، أما أنا فمن السهل نفي ذلك.

متبسماً - رغم علمي المسبق بدليله الساذج - أجبته : وكيف ستنفي وجوده ؟

قال : بمنتهي البساطة كيف هناك إله ولم نره؟!

واستطرد : أنا لا أؤمن بصحة الشئ إلا بعد رؤيته؛ فإذا أردت إثباته فأخرجه لى أو يخرج لنا!

قلت : وهل ستؤمن بوجود الإله لو جعلتك تراه بعينك؟

قال : نعم.

قلت : ولك هذا، لكن بشرط.

قال : وما هو؟

قلت : أن تخرج لي عقلك الآن أمامي لأتأكد من صحة وجوده، وبعدها أعدك برؤيه الإله.

نظر يمنة ويسرة فى حيرة من أمره، ثم قال: ما هذه السفسطة؟ أنا موجود وأمامك الآن أتناقش معك ؛ وهذا دليل على وجود عقلي.

قلت : بنفس منظورك ؛ فنقاشك معي ليس عقلك بعينه!

قال : وهذا يكفي.

قلت : تريد أن تثبت لي أن عقلك موجود بمجرد أثر واحد له  وهو نقاشك معي ، وبالوقت ذاته تنكر وجود الإله رغم كل هذه الآثار التي ملأت الكون بما فيه!

ارتبك قليلاً، ثم قال: دعك من كل هذا، هل تمتلك أدلة على وجود الإله كما تدعى أم أنه مجرد كلام مرسل لا دليل علية؟

قلت: نعم، أمتلك أدلة كثيرة ولكن قبل أن أقدمها لك أريد أن أعرف ما هي مصادر تلقي المعرفة لديك؟

قال: ماذا تقصد؟

قلت: أقصد ما هو المنبع الذي تؤمن بصحة أدلته؟ هل تؤمن بالعقل كمصدر للمعرفة، أم العلم التجريبى أم ….

قاطعني قائلاً: فهمتك، نعم أنا أؤمن بالأدلة العقلية والعلمية.

قلت - مبتسماً - : عقلك الذي لا تراه؟! وقبل أن يبدي انفعاله أخبرته: مهلاً عليك أمزح معك، والآن سأقدم لك أدلة عقلية علمية، وسأزيدك حتى بالأدلة الفطرية.

قال: جميل جداً تفضل.

قلت: فلنبدأ بالأدلة العقلية الفطرية، ولكن قبل أن نبدأ بها فنحن بحاجة إلى حكم أمين عادل منصف يحكم بيننا، فكلانا يملك عقلاً وانا آمنت بعقلي لكنك أنكرت وألحدت بعقلك؛ فأى العقول أصح فى هذه المسألة؟! إذن نحن بحاجة إلى حكم منصف!

قال: ومن هذا الحكم الذي تريد؟

قلت: المنطق .

قال: لماذا اخترت المنطق؟

قلت: لأنه قانون التفكير الصحيح، وعلم الميزان الذي توزن به الحجج والبراهين، لا سيما وأن العقل يفكر بأكثر من طريقة؛ فالمنطق سيحدد لنا أي الطرق أسلم.

قال: وما هي طرق تفكير العقل؟

قلت: للعقل ثلاث طرق للتفكير وهي: ( الفكر المكتسب، الفكر المباشر، والفكر البديهي ).

١- الفكر المكتسب: هو ما تكتسبه من خبرات وما تبدعه، وهذا النوع من الفكر قد يصيب وقد يخطئ، فاحياناً يكتسب الإنسان مهارة، أو يبدع شيئاً ما، ثم قد تناسب هذه المهارة أو الإبداع فى مكان دون آخر أو فى زمان دون زمن، فبالتالي لا يجب علينا التفكير بهذا الشكل لأننا نريد فكراً قاطع الدلالة.

٢ - الفكر المباشر: هو ما ترصده أنت بعينك، وهذا النوع أيضا قد يصيب وقد يخطئ، فأحياناً يرصد الإنسان شيئاً ما ثم يفاجأ أن هذا الشئ علي عكس ما كان يتوقع ، وغالباً كل منا وقع فى مثل هذه الحالة ، كأن نجد على بعد مسافة ما شخصاً يشبة صديقاً لنا نفس الهيئة ونفس طريقة الملبس ، لكن عندما نقترب منه أكثر نجده شخصاً آخر ، وأحياناً يمر البعض منا بتجربة السراب تلك حيث يرى بالصحراء بركة ماء بعيدة تبدو وكأنها واحة ، وحين يصل لموقعها لا يجد سوى الرمال الجافة ، وهذا ما يسمى بالوهم البصرى ، إذا ليس كل شئ ترصده العين حقيقة !

٣- فيبقى لنا الفكر البديهي وهو : الذي ينم عن المسلمات العقلية ، وهذا النوع من الفكر لا يخطئ أبداً كما قال " إقليدس " حيث اعتبر البديهيه دوماً صحيحة ، وذكر أمثلته بأن " الكل أكبر من الجزء ، والطفل الرضيع حتماً جاء - فى الزمن - بعد أمه .

ونتاجاً لما سردته ، سيحكم بيننا المنطق ، ثم سألته هل تتفق معى على هذا التحليل ؟

أجابني : نعم ، أتفق .

من كتاب ( لماذا الإسلام وسط الزحام؟! ).

وللحوار بقية بإذن الله،،،

تعليقات