لماذا لا نرى الله؟.. كيف تجيب طفلك على هذا السؤال
- الإثنين 07 أكتوبر 2024
قصر ثقافة روض الفرج
هناك دائما من
يسير عكس الاتجاه أو من يعزف نشازا متجاهلا العزف الجماعي للفرقة الموسيقية فيثير
الانتباه والتلفت ويكثر حوله اللغط وعبارات الاستنكار وهذا الوصف أراه وصفا مناسبا
لذلك الطلب الذي تقدم به أحد نواب البرلمان يطالب فيه بإغلاق قصور الثقافة ضغطا
للنفقات وترشيدا للمال العام كما جاء في حيثيات طلبه وكأن قصور الثقافة أو وزارة
الثقافة نفسها بأنشطتها وفاعلياتها لها النصيب الأكبر من موازنة الدولة وناتج
الدخل القومي وهو بالطبع كلام غير صحيح ويشهد به الواقع.
وهنا يجب أن نشير إلى الدور الذي قامت به الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز عضو مجلس الشيوخ في عرقلة وتعطيل النقاش حول هذا الطلب وهذا الموقف ليس غريبا على فنانة واعية ومثقفة تؤمن بأن الثقافة هي الدرع الحامي لعقل المجتمع في أي وطن ولا تقل في أهميتها عن الدرع العسكري الذي يحمي الحدود.
ولأهمية الأمر
وحيويته كان لابد من التوجه إلى نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين لاستطلاع
رأيهم حول مطالبة النائب بإغلاق قصور الثقافة من ناحية ورؤيتهم لأداء هذه القصور
ودورها في الحراك الثقافي وسبل تطويرها من ناحية أخري.
في هذا الإطار،
قال الأستاذ الدكتور حسام عقل، أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بجامعة عين شمس ورئيس
ملتقي السرد العربي: "أرى أن هنالك دوائر كثيرة معادية للثقافة المتنوعة
الطيفية، تتربص بمؤسساتها، وتعرقل رموزها، وتضع في مجرى نهرها عشرات العراقيل
البيروقراطية، التي تسد المجرى تماما، ولا جدال أن تقدم بعض النواب بطلب إحاطة
لغلق قصور الثقافة، وبتر تجربتها، هو امتداد، لهذه الاستراتيجيات المتربصة،
بالثقافة ورموزها، بعد الضرر الذي لحق بنادي القصة ودار الأدباء وأتيليه
الإسكندرية.. وغيرها من المؤسسات التي تم غلقها _ بأسباب متنوعة _ ولم تجد عوامة
إنقاذ".
وتابع:
"كما أرى أن على النخبة الفاعلة، التحلي بواجب التلاحم المدني وخلقه، لخلق
البدائل والمنابر الثقافية المدنية، التي تحتضن أقلام المبدعين، وتزكي أحلامهم،
وتوطد الطريق لمواهبهم ومشروعاتهم الإبداعية، بما يقتضيه ذلك من تصفية الصراعات
الصغيرة، والتركيز على الأهداف الاستراتيجية الكبرى، للثقافة المصرية.
ولم يبتعد
المفكر والناقد والصحفي حاتم سلامة، عن رؤية الأستاذ الدكتور حسام عقل، حيث أشار
إلى المقارنة بين ميزانية قصور الثقافة الضئيلة وميزانيات جهات أخري أقل أهمية
والإنفاق ببزخ على أنشطة ومشروعات غير ثقافية وتأتي بنتائج عكسية على الشباب
والمجتمع وترهق موازنة الدولة بلا فائدة.
ويضيف سلامة أن
قصور الثقافة هي الرئة والمتنفس للمواهب والمبدعين وأنها بمثابة حائط صد أمام
الأفكار المتطرفة وتفاهات وغثاء أغاني المهرجانات وأفلام البلطجة التي أفسدت معظم
الشباب هذه الأيام.
وقد أكدت
الشاعرة والإعلامية إلهام عفيفي، على أهمية قصور الثقافة بالنسبة للمبدعين (الكبار
سنا) وللشباب في نفس الوقت بقولها: "قصور الثقافة هي المكان الوحيد حاليا
الذي يتحقق فيه امتزاج الشباب بالثقافة ، مكان يستطيع فيه الموهوبون أن يظهروا موهبتهم
ويمارسوها".
وشددت على أن إلغاء
قصور الثقافة كبت للمواهب وفي المقابل يقفل باب ابداع لشباب
وأطفال كثيرين.
وقدمت الكاتبة
إيمان حجازي شهادتها عن تجربتها مع قصور الثقافة وأندية الأدب،
قائلة إن "قصور
الثقافة في السنوات الأخيرة وهي السنوات التي انخرطت فيها في الأدب كانت تعاني من إهمال
جسيم غير أن للحق بعض من هذه القصور قد وجدت أيادي ورعاة وأصبحت جديرة بأن يجتمع
تحت سقفها المبدعون وكان مثال هذه القصور مثلا قصر ثقافة مصر الجديدة وقصر ثقافة
روض الفرج وقصر ثقافة أبو قير وطبعا من القصور التي لاقت الاهتمام قصر ثقافة روض
الفرج ومن وجدت بعض الاهتمام قصر ثقافة مصر الجديدة أما قصر ثقافة البرلس وقصر
ثقافة أبو قير ما زالا يعانيان كثيرا من الإهمال".
وتابعت: "لو
تكلمنا عن أندية الأدب فعلى اعتبار أني سكرتير نادي أدب قصر ثقافة الجيزة فسوف
أقول إن أندية الأدب تعاني إهمال رهيب جدا وعلى سبيل المثال نادي أدب قصر ثقافة
الجيزة الذي بالأساس ليس على خطة على خريطة الثقافة الادبية والفنية والثقافية
وهذا كان طوال المدة التي كنت أداوم على إعداد الندوات الاسبوعية والتجهيز لها".
وأكملت: "للأسف الشديد أندية الأدب لا تجد المساندة من مديري القصور وهذا بالإشارة لتجربتي الشخصية مع نادي أدب قصر ثقافة الجيزة، وفي النهاية أقول إن أندية الأدب بصفة خاصة وبعض قصور الثقافة بصفة عامة تحتاج إلى دعم كبير لمساندة الأدباء ومساندة كل من هو قادر على إضافة حرف جديد أو جملة شعرية مميزة أو قصة أو رواية أو أي عمل يضيف لرصيد الأدب".
في سياق متصل،
فقد وجه الشاعر إبراهيم دسوقي رسالة إلى النائب الذي طالب بإغلاق قصور الثقافة،
خلال حديثه إلى "جداريات" قائلا: لقد سمعت أن سيادتكم تطالبون بإغلاق
قصور الثقافة في البلاد لترشيد الاستهلاك، عفوا وهل أنت تعرف معنى قصور الثقافة؟!
هل تدري أن هذه
البيانات لا تنظر إليها وزارة الثقافة، إلا أنه يربطها بهذا الاسم والموظفون فقط!!
لم يتبق من
الثقافة إلّا القليل نحاول أن نمسك به ليس من أجلنا نحن.. فنحن قد هرمنا ومررنا
بكل وضع، في صغرنا كان هناك مكتبات في المدرسة، في الحي، في الشارع.. هذا بجانب
دار الكتب، وعفوا كل هذا ذهب فأخرج جيلًا بعدنا لا يعرف سوى القليل عن الثقافة.
وأخبرك سرًا إن
لم تمر به وهو كنا نخرج من المكتبات ونذهب إلى قصور الثقافة التي تريد أن تغلقها لنطبق
ونتداول ما وجدناه في الكتب.
ضاعت المكتبات
ولم يبق للطلاب ثقافة، وأنت تريد غلق قصور الثقافة لتكمل القضاء على الأجيال
القادمة.
ماذا ستفعل بتلك المباني بعد غلقها، أقترح عليك أن تؤجرها إلى تجار المخدرات بمبالغ كبيرة وسوف يوافقون على أي مبلغ، ووداعًا للأمة وشبابها وسلامًا على ثقافة تم إضاعتها من زمن.
ولا تبتعد رؤية
الروائي محمد عواد عن رؤية الشاعر إبراهيم دسوقي في السخرية من الواقع المرير، مشيرا
إلى سلبيات قصور الثقافة وانحرافها عن دورها الثقافي في شهادته، التي قال فيها: ماذا تقدم وزارة الثقافة للثقافة والمبدعين سؤال يدور في ذهني منذ أن أدخلت نفسي وبكامل إرادتي لهذا المعترك الغريب!!
لا أخفي عليكم
كنت فرحا بالأمر، ظننت نفسي أنني وضعت قدمي في قدس بيت الله الحرام، وسوف يكون
الرفاق إما نبي، أو ولي، فلم أجد لا هذا ولا ذاك!
بدأت الأمر بـ "نوادي
الأدب"، وجدتهم أربعة أو يزيد، يتحكمون في كل شيء، لا يعنيهم أدبا من نقيضه،
يشغلهم أمر واحد، من سوف يكون عليه الدور رئيسا لهذا الإرث الذي أورثوه إليهم؟،
يحتقرون كل من دونهم، بل يحاربون وجوده وإبداعه، ولا يكتفون بذلك، يشوهونه عمدا
حتى خارج مستنقعاتهم، عرفت بعدها بالندوات الوهمية، وصور بطاقات حضورهم الجاهزة
مسبقا في أدراج مكاتبهم، والتي تمكنهم من الحصول على منحة خمسة جنيهات دعما من
الدولة لكل صاحب هوية قدموها لهم وهو لم يحضر أصلا، بل وهو لم يسمع من قبل لا شعرا
ولا قصص، ولا يعرف معنى كلمة أدب أصلا!! اعرف إحداهن، حرف من شعرها يعدل كل ما
كتبوا، رفضوها عضوا في ناديهم المنكر عشر سنوات متتاليات، لأن أيدولوجيتها الدينية
تختلف عن أيدولوجيتهم.!!
اكتشفت هذا في
كل أمكنتهم، وليس في مكان واحد، إلا من رحم ربي، يقينا هناك من يتحمل تبعة الأمر بإخلاص
منقطع النظير، وأعرفهم اسما ومكانا!!
قس على الأمر ما
يسموه "قصور الثقافة"، تابع مطيع لـ "نوادي الأدب"، يتحكمون
فيه وفي من على مقاعد مكاتبه، كل شيء يدار فيه بالمعارف والعلاقات، و(شيلني
وأشيلك)، نتفق ثم نفعل، مسابقات، جوائز، نشر، ندوات، يتحكمون فيهم لأنهم موظفون
وحسب، لا يدرون شيئا عن شيء، إنه في كوكب مصر وحدها يحدث الأمر، يدير الثقافة من
لا يجيد ان وكان، عينته "القوى العاملة" هناك وطلبت منه أن يفعلها،
فيكتشفوا أن إدارتها ليس إلا مصالحهم التي يحققونها من خلف ستار، واموال يقترفونها
ظلما من دماء هذا الشعب، لتكون النتيجة في النهاية شعب يتراجع فكريا وثقافيا كل
يوم عمن سبقه، كما نري ما نحن فيه الآن
وتابع: الطريف في الأمر، أن الدولة لا تبخل بالمليارات إنفاقا على الثقافة، وكأنها تريدهم أن يكملوا مهاتهم في هدمها على أكمل وجه، الدولة في غياب تام عما يحدث وهي تعرفه وتعيه يقينا، اتعجب حقيقة من الأمر، أما من يطالبون به بأن نغلق قصور الثقافة ونوادي الأدب، فأنا ارفضه، اطالب بإعادة هيكلتهما، تنظيميا ووظيفيا وإعادة تخطيط كل شيء فيهما، أو أن نحولهم لـ "مولات تجارية".
وفي الأخير ربما
كانت هذه الدعوة جرس إنذار للمعنيين بالثقافة والأدب سواء كانوا أعضاء أو مترددين
على أندية الأدب وقصور الثقافة أن يتكاتفوا جميعا للنهوض بالحراك الثقافي والأدبي
ومعالجة السلبيات وأوجه التقصير حتى تسترد الحركة الثقافية عافيتها ويتصدر الحراك
الثقافي المصري المشهد الثقافي العربي كما كان دائما.