مركز حصين: غياب القدوات أدى لضياع القيم والمبادئ لدى شباب الأمة

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 12 أغسطس 2023, 03:26 صباحا
  • 456
تعبيرية

تعبيرية

أكد مركز حصين أن وُجُودُ القُدُوَاتِ فِي حَيَاةِ النَّاسِ أَمرٌ لَابُدَّ مِنهُ، وَضَرُورَةٌ لَا يَنفَكُّونَ عَنهَا، فَالقُدوَةُ الحَسَنَةُ مِفتَاحُ فِعلِ الخَيرَاتِ، وَسَبِيلُ عُلُوِّ الهِمَمِ وَتَحقِيقِ النَّجَاحَاتِ، وَهُوَ سَبَبٌ عَظِيمٌ مِن أَسبَابِ الثَّبَاتِ، وَالتَّرَقّي فِي الكَمَالَاتِ.

وبين في خطبة الجمعة التي نشرها اليوم عبر موقع الرسمي، أن أَبُونَا آدَمُ عَلَيهِ السَّلَامُ، لَمَّا أَكَلَ مِن الشَّجَرَةِ، تَابَ وَأَنَابَ وَاستَغفَرَ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيهِ، وَجَعَلَهُ قُدوَةً لِمَن يُذنِبُ مِن بَنِيهِ، أَن يَتُوبُوا وَيُنِيبُوا، فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيهِم. قَالَ تَعَالَى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، فَمَنْ تَابَ وَأَنَابَ بَعدَ الخَطِيئَةِ كَانَ حَالُهُ كَأَبِيهِ وَأَفلَحَ وَنَجَحَ، وَمَن يُشَابِهْ أَبَاهُ فَمَا ظَلَمَ، وَمَن أَصَرّ وَاستَكبَرَ فَقَدَوَتُهُ إِبلِيسُ.

 وتابع: وهَذَا نَبِيُّ اللَّهِ إِبرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلَامُ جَعَلَهُ رَبُّهُ إِمَامًا لِلنَّاسِ وَقُدوَةً لَهُم، كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُ: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا، فَهُوَ إِمَامُ الحُنَفَاءِ وَقُدوَتُهُم، وَلَنَا فِيهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ فِي تَحقِيقِ التَّوحِيدِ وَالبَرَاءَةِ مِن الشِّركِ وَأَهلِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَومِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُم وَمِمَّا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُم وَبَدَا بَينَنَا وَبَينَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَحدَهُ.

 

وشدد على أن الأَنبِيَاءُ جَمِيعُهُم قُدوَةٌ لِمَن بَعدَهُم، فَقَد أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ بِالِاقتِدَاءِ بِهَديِهِم، فَقَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ، وَأَمَرَهُ أَن يَصبِرَ مِثلَ أُولِي العَزمِ مِنهُم، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا العَزمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ﷺ بِكَمَالِ خِصَالِهِ، وَصَالِحِ أَعمَالِهِ، خَيرُ قُدوَةٍ لِلمُؤمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَقَد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا.

 وأكمل: َشَرَعَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ أَن يَكُونُوا قُدوَةً لِمَن بَعدَهُم فِي الخَيرِ، فَمِنَ الدَّعَوَاتِ العَظِيمَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَولُ عِبَادِ الرَّحمَن: وَاجْعَلْنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا، أَيْ إِمَامًا لِمَن يَقتَدِي بِنَا، وَلَن يَكُونَ العَبدُ إِمَامًا وَقُدوَةً فِي الخَيرِ حَتَّى يَقتَدِيَ بِمَن قَبلَهُ.

 

 

وشدد على أن مِنْ أَعظَمِ مَقَاصِدِ وُجُودِ القُدُوَاتِ بَينَ النَّاسِ ذَلِكَ الأَثَرُ العَظِيمُ الَّذِي يَتـرُكُهُ المُقتَدَى بِهِ فِي الأَتبَاعِ وَالمَدعُوّينَ، فَإِنّ التَّأثِيرَ بِالأَفعَالِ أَبلَغُ مِن التَّأثِيرِ بِالأَقوَالِ، وَرُبَّ فِعلٍ أَغنَى عَن كَثِيرٍ مِن القَولِـ وَلِذَلِكَ لَمّا كَانَ شُعَيبٌ عَلَيهِ السَّلَامُ قُدوَةً مُصلِحًا، كَرِهَ أَن يُخَالِفَ قَولُهُ فِعلَهُ، فَقَالَ مُخَاطِبًا قَومَهُ: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُم إِلَى مَا أَنهَاكُم عَنهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّاَّ الإِصلَاَحَ مَا استَطَعتُ وَمَا تَوفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَإِلَيهِ أُنِيبُ.

وأكمل: وَمِن هُنَا كَانَ مِن أَنفَعِ أَسَالِيبِ التَّربِيَةِ التَّربِيَةُ بِالقُدوَةِ، فَالمُرَبّي الَّذِي لَا يُنَاقِضُ قَولُهُ فِعلَهُ، وَلَا فِعلُهُ قَولَهُ، أَعظَمُ تَأثِيرًا مِن غَيرِهِ، وَالمُتَعَلِّمُ يَزدَادُ تَأَثُّرُهُ بِالمُعَلِّمِ حِينَ يَرَى صَلَاحَ عَمَلِهِ، وَحُسنَ دَلِّهِ وَهَديِهِ، وَدَمَاثَةَ خُلُقِهِ، وَالِابنُ إِنّمَا يَسلُكُ سَبِيلَ أَبِيهِ وَيَقتَدِي بِهِ، وَأَثَرُهُ فِيهِ بِالتَّأدِيبِ وَالتَّعلِيمِ بِالفِعلِ أَنفَعُ وَأَوقَعُ مِن تَأدِيبِهِ بِمُجَرَّدِ القَولِ.

وشدد أن اليَومَ لَمَّا غَابَ عَن شَبَابِ الأُمَّةِ القُدُوَات، وَجَعَلُوا يَتَّبِعُونَ المَشَاهِيرَ وَأَصحَابَ التَّفَاهَاتِ، فَشَتْ آفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي المُجتَمَعَاتِ، وَضَاعَتْ قِيَمٌ وَمَبَادِئُ كَثِيرَةٌ بَينَ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ، وَإِنّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ، فَالوَاجِبُ عَلَى القُدُوَاتِ الحَسَنَةِ اليَومَ عَظِيمٌ مُضَاعَفٌ، فَعَلَيهِمْ أَن يَسْعَوا فِي كُلِّ سَبِيلٍ لِيَكُونُوا خَيرَ سَلَفٍ لِخَيرِ خَلَفٍ.

 

 

تعليقات