رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

اكتشاف علمي جديد يظهر خطر نظرية التطوّر على تقدّم العلوم!

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 10 أغسطس 2023, 02:01 صباحا
  • 231

نشر حساب "العلم يؤكد الدين" اليوم، تقريرا، تحت عنوان اكتشاف علمي جديد يظهر خطر نظرية التطوّر على تقدّم العلوم!

 وجاء فيه  أن الغدة الزعترية أو التيموسية Thymus gland هي كتلة من النسيج الليمفاوي ثنائية الفصوص تقع على القصبة الهوائية أعلى القلب خلف عظمة القصّ، تكون عند الجنين وحديثي الولادة بحجم القلب تقريباً (انظر الصورة)، وتستمر في النموّ حتى سن البلوغ ثمّ يتناقص حجمها تدريجياً بعد ذلك لتصبح على شكل شريحتين تتخلّلهما الأنسجة الدهنية.

وبين أنه في 1887 وضع عالم التشريح الألماني "روبرت ويدرسهايم" قائمة بـ86 عضواً، زعم أنها أثرية وضامرة في كتابه (بنية الإنسان The structure of man )، بعد تأثره بأفكار داروين وإعتبار كلّ عضو لم تعرف وظيفته في ذلك الوقت عضوا بلا أهمية، وقد تضمّنت القائمة عظم العصعص وبعض الأضلاع والزائدة الدودية والغدة الصنوبرية والغدة الزعترية، وجميع هذه الأعضاء تبيّن لاحقاً أنّ لها وظائف لا غنى عنها لبقاء الإنسان على قيد الحياة، فتقلّصت القائمة تدريجيا حتى اختفت تماما.

وتابع: من زمن ويدرسهايم إلى 60 سنة الأخيرة اعتبرت الغدة الزعترية عضواً أثرياً بدون وظيفة، وكان يُعتقد أنها ليست إلا مقبرة لموت الخلايا الليمفاوية، فكانت تتمّ إزالتها أحياناً Thymectomy أثناء جراحة القلب لتسهيل الوصول إليه وإلى الأوعية الدموية الرئيسية، وقال عنها الطبيب الإنجليزي "بيتر ميداور" —الحاصل على جائزة نوبل في الطب لعام 1960— بأنّ وجودها كان نتيجة لـ حادث تطوريّ وليس لها أهمية كبيرة 𝐴𝑛 𝑒𝑣𝑜𝑙𝑢𝑡𝑖𝑜𝑛𝑎𝑟𝑦 𝑎𝑐𝑐𝑖𝑑𝑒𝑛𝑡 𝑜𝑓 𝑛𝑜 𝑣𝑒𝑟𝑦 𝑔𝑟𝑒𝑎𝑡 𝑠𝑖𝑔𝑛𝑖𝑓𝑖𝑐𝑎𝑛𝑐𝑒، ومن الطريف أنه في نفس السنة قدّم عالم الأحياء الفرنسي "جاك ميلر" مؤشرات على أهمية هذه الغدة، فلاحظ أنه بعد استئصالها في الفئران حدية الولادة ماتت مبكّرا، وقال أنها ضرورية جداً لإنتاج الخلايا المناعية وتلعب دوراً حاسماً في إطلاق الاستجابة المناعية.

ومنذ ذلك الوقت، تم نشر أكثر من 50000 مقال علميّ يركز على الغدة الزعترية وتبيّن أنها تلعب دوراً حاسماً في تمايز الخلايا المناعية التائية، فهذه الغدة أشبه بمعسكر تدريب لاختبار قدرة هذه الخلايا التائية —المصنوعة في نخاع العظام— على التعرف على الأجسام الغريبة وفي نفس الوقت التسامح مع خلايا الذات Self tolerance، وتقوم الغدة الزعترية بقتل كلّ خلية مناعية تفشل في هذا الاختبار،  هذا الدور الرائع يسمح بتخريج خلايا مناعية لها كفاءة أمنية عالية وقادرة في نفس الوقت على معرفة الخلايا الذاتية وعدم مهاجمتها، ولولا وجود هذه الغدة لدمّر الجهاز المناعيُ الجسمَ نفسه!

وذكر أن اليون أظهرت دراسة جديدة قادها باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام ونشرت في مجلّة نيو إنجلاند الطبية The New England Journal of Medicine —وهي المجلّة رقم واحد في جودة الأبحاث— أدلّة على أنّ الغدة الزعترية مهمّة في الواقع لصحة البالغين بشكل عامّ ولمنع السرطان وأمراض المناعة الذاتية.

وقد قام الفريق بتقييم مخاطر الوفاة والسرطان وأمراض المناعة الذاتية بين فريقين من المرضى، الفريق الأوّل يمثله 1146 بالغاً خضعوا لإزالة الغدة الزعترية أثناء جراحة القلب، والفريق الثاني يمثله 1146 مريضاً خضعوا لجراحة قلبية مماثلة بدون استئصال تلك الغدة، فوجدوا أنه بعد خمس سنوات من الجراحة توفي 8.1% من المرضى الذين خضعوا لعملية استئصال الغدة الزعترية مقارنة مع 2.8% من أولئك الذين لم يجروا استئصالها، وخلال تلك الفترة أيضاً أصيب 7.4% من المرضى في مجموعة استئصال الغدة الزعترية بالسرطان مقارنة بـ3.7% من المرضى في المجموعة الأخرى، كما أصيب 12.3% من المرضى في مجموعة استئصال الغدة الزعترية بأمراض المناعة الذاتية مقارنة بـ7.9% في المجموعة الأخرى، وهذه الإحصائيات تشير إلى أنّ خطر الوفاة عند الذين خضعوا لاستئصال الغدة الزعترية أرتفع بنسبة 2.9 مرة، واحتمال إصابتهم بالسرطان أعلى بمقدار مرتين، وخطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية أعلى بـ1.5 مرة .

وأكد أن هذه النتائج تؤكد الدور الحاسم للغدة الزعترية عند البالغين رغم تناقص حجمها، والأضرار الجسيمة لإزالتها، وبشكل عام فإنّ هذه الدراسة لها تداعيات مهمّة على رعاية المرضى الذين يخضعون لجراحة القلب والصدر حيث توصى بشدة على تفادي إزالة الغدة الزعترية خلال جراحات الصدر قدر المستطاع.

واختتم التقرير: لقد تغيّرت الغدة الزعترية من كونها بنية عديمة الفائدة إلى أحد أهمّ أعضاء المناعة في الجسم، تنتج الخلايا التائية المتخصصة التي تلعب دوراً محورياً في طيف كامل من العمليات الفيزيولوجية كالالتهاب والعدوى والاستجابة للقاحات وفي الحساسية والمناعة الذاتية وزرع الأعضاء وحتى في تفاعلات قد لا تبدو لأوّل وهلة مناعية، كالحمل والأيض وإصلاح الأنسجة.

هذا البحث يبيّن مرة أخرى أنّ المزاعم الداروينية ليست إلا عقبات في طريق البحث العلمي، فما كان لنا أن نعرف دور هذه الغدة لو أنّ العلماء صدقوا الإدعاءات الواهية للتطوريين أمثال "ويدرسهايم" و "بيتر ميداور"، تماماً كحالة الجينات الخردة والزائدة الدودية وأعضاء أخرى لم نفهم أدوارها إلا بعدما رمينا كلام التطوريين وراء ظهورنا!

 

تعليقات