باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
كتاب القرآن والسنة
قدم مركز الأزهر العالميّ للفتوى الإلكترونية حكاية كتاب «القرآن والفلسفة» لفضيلة الدكتور محمد يوسف موسى، وذلك في ذكرى وفاته التي توافق 8 أغسطس 1963م.
مؤلف الكتاب في
سُطور
ـ ولد
فضيلة الدكتور محمد يوسف موسى في شهر يونيو من عام 1317هـ/ 1899م.
ـ تُوفي
والده وهو ما يزال في عامه الأول من عمره، فتولَّت أُمُّه رعايته وأَعدَّته
للدراسة في الأزهر الشريف؛ فحفظ القرآن الكريم بكتاب القرية في سن صغيرة، ثم التحق
بالأزهر حتى حصل على شهادة العالمية عام 1343هـ/ 1925م.
ـ عُيِّنَ
مدرسًا بمعهد الزقازيق الأزهري، إلا أن ضَعْف بَصره الشديد حال دون استمراره في
وظيفته؛ فاتَّجه إلى دراسة اللغة الفرنسية ليتمكن من دراسة الحقوق والعمل
بالمحاماة، وقد تمَّ له ذلك حتى نافس أكبر المحامين آنذاك.
ـ استثناه
الإمام محمد المراغي فعاد للتدريس مرة أخرى، وعُيِّن بمعهد طنطا، ثم عُيِّن
مُدرِّسًا للفلسفة والأخلاق بكلية أصول الدين عام 1356هـ/ 1937م.
ـ اختار «ابن رشد» ليكون موضوع بحثه لنيل
درجة الدكتوراة من فرنسا تحت عنوان: «الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر
الوسيط» عام 1367هـ/ 1948م.
ـ عُيِّنَ
أستاذًا مساعدًا لتدريس الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة -جامعة فؤاد الأول
آنذاك-، وصار رئيسًا لقسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس، وظلَّ بها حتى
أُحيل إلى المعاش عام 1378هـ/ 1959م، ثم طلب منه وزير الأوقاف العمل كمستشار للدين
والثقافة بوزارة الأوقاف.
ـ قضى
فضيلة الدكتور محمد يوسف موسى عمره في خدمة العلم وقضايا الإصلاح والتجديد، وكان
يرى أن دور الفلسفة هو وضع حلول للمشكلات الحياتية.
ولم يألُ جهدًا
في خدمة قضايا الدين وإصلاح التعليم والنشر والتأليف والترجمة إلى أن وافته
المنيَّة في 18ربيع الأول 1383هـ، الموافق 8 أغسطس 1963م.
وصف الكتاب
طُبِعَ كتاب
«القرآن والفلسفة» ضمن مشروع إعادة إصدار كتب التراث الإسلامي الحديث، والذي
تَبنَّته مكتبة الإسكندرية للمحافظة على التراث الفكري، وللتأكيد أن إسهامات
العلماء والمفكرين في الفكر النهضوي والتنويري لم تنقطع في عصر من العصور.
ويمثل كتاب
«القرآن والفلسفة» الجزء الأول من أطروحة الدكتوراة التي قدمها الدكتور محمد يوسف
موسى، وكتبها أولًا باللغة الفرنسية ثم ترجمها إلى العربية، وقد طبع هذا الكتاب
للمرة الأولى في شهر ربيع الآخر من عام 1378هـ/ نوفمبر 1958م، وطبعته دار المعارف
في 164 صفحة، ويمثل الجزء الثاني من الدكتوراة كتابه «بين الدين والفلسفة في رأي
ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط».
سبب تأليف الكتاب
ذكر المؤلف سبب
تأليف هذا الكتاب، فقال في المقدمة: "فإن هذا بحثًا أردت منه بيان أن القرآن
كان من أهم العوامل التي دفعت المسلمين إلى التفلسف، وبيان ما اشتمل عليه من فلسفة".
وبين أن القرآن
الكريم قد مثَّل حصنًا لعقول المسلمين من الانسياق وراء أفكار الفلسفة الإغريقية،
وكان المصدر الأول الذي استقى منه المتكلمون آراءهم وأدلتهم على اختلاف مذاهبهم،
إلا أنهم لم يفيدوا منه الإفادة الكاملة بعد.
ووضح المؤلف خطأ
المستشرقين الذين زعموا أن القرآن يتعارض مع إعمال العقل.
منهج المؤلف في
الكتاب
عرض الدكتور
موسى آراء العلماء في المسائل الكلامية بشيء من التفصيل، وفنَّدها، ونقد بعضها؛
مبينًا ما رآه حسنًا فيها، ورافضًا لما يتعارض والعقيدة الصحيحة، ثم ذكر ما ترجح
لديه في كل مسألة منها؛ محاولًا التوفيق بين المذاهب.
بين يدي الكتاب
بدأ الكاتب
بتعريف القرآن الكريم ووصف البيئة التي نزل فيها، والقضايا التي كانت تشغل الأذهان
آنذاك، وبيان أن العرب كان لهم لونٌ من النظر العقلي قبيل نزول القرآن الكريم فيما
يتصل بالألوهية والعالم والبعث، والقضايا التي كانت مثار خلاف بين أرباب النحل
المختلفة، فجاء القرآن الكريم بالكلمة الفصل فيها.
وأن غاية القرآن
وموضوعاته قضايا فلسفية تحتاج لإعمال العقل والتدبر، وتثير نزعة الجدل والتفكر،
وأنه بطبيعته يدعو للتفلسف.
فقد كفا الوحي
الشريف المسلمين مؤنة تشكيل الفلسفات والمفاهيم حول وجود الله، وكثير من ظواهر
الطبيعية، والكون والإنسان، فصرف جهدهم بكلماته البليغة وأطروحاته الفريدة إلى شرح
آياته واستنباط ما فيها من حِكَمٍ وأخلاق، مع بيان أن الفلاسفة قديمًا وحديثًا قد
أتعبوا أنفسهم في البحث عن المبدأ الأول للوجود، في حين أن القرآن قد جاء بالحق
ودلل عليه بالحُجج العقلية والوجدانية التي يؤمن بها العقل والقلب معًا.
أما فيما يتعلق
بالفلسفة الإنسانية فقد سلَّط المؤلف الضوء على أن القرآن الكريم اعتنى بالإنسان
كعضوٍ مؤثر في المجتمع، فنظَّم جميع أدواره المجتمعية ليبني مجتمعًا سليمًا.
ويصل الشيخ في
النهاية إلى إثبات أن القرآن الكريم بما اشتمل عليه من أصول فكرية عن الإيمان
بالخالق سبحانه والكون والإنسان والأخلاق قد دفع المسلمين إلى التفلسف بمعناه
الواسع.
وقد شغلت قضية
التوفيق بين الدين والفلسفة قسطًا كبيرًا من كتابات الدكتور موسى الفلسفية، وتتبع
مناهج الفلاسفة في ذلك بالنقد والتحليل، ورأى أن الذي يفهم روح الإسلام وتعاليمه
التي تأخذ بالوسط من الأمور وتدعو للإصلاح بين المتخاصمين، يدرك أن روح التوفيق
بصفة عامة كانت طابعًا للمسلمين في الفروع النظرية.
كما عَرَضَ
المؤلف في هذا الكتاب لبعض القضايا الكلامية التي كانت مثار خلاف بين العلماء
كالقول بالقدر، ورؤية الله سبحانه، وكلامه، والوعد والوعيد، وغيرها من المسائل
التي ثارت بين علماء الكلام.
ويخلص الدكتور يوسف موسى في نهاية بحثه إلى ضرورة النظر في القرآن الكريم ليس كمصدر للأدلة على مسائل العقيدة فقط كما فعل المتكلمون؛ بل يجب أن نعرف كيف نصل بالقرآن إلى معرفة الله المعرفة الحقة، التي يؤمن بها القلب قبل العقل، أي إلى المعرفة التي لا يصل إليها العقل وحده.