هشام عزمي يكتب: اضطهاد المرأة

  • جداريات Jedariiat
  • الأحد 30 يوليو 2023, 7:23 مساءً
  • 630
هشام عزمي

هشام عزمي

من فترة طويلة تزيد عن العشر سنوات وردت لي استشارة بخصوص فتاة مصرية من عائلة ثرية جدًا، كان أخوها الأكبر يمارس عليها ألوانًا متعددة من الضرب والإهانة والقهر المعنوي، حتى وقعت في الإلحاد! وكنت أطالع حسابها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فأجد العديد من شباب الملحدين يخاطبونها للتخلص من السلطة الأبوية الذكورية والتحرر منها، حتى أن بعضهم عرض عليها الهروب إلى إحدى دول شمال أوروبا كلاجئة ملحدة هاربة من الاضطهاد الديني في بلدها، ولا يخفى على القارئ الكريم كيف يمكن أن تصبح فتاةٌ مثل هذه فريسةً سهلةً لأي أحد في بلد غريبة!

هذا النموذج من معاناة المرأة في مجتمعاتنا وسعي الأجندات الفكرية المختلفة لاستثمار هذه المعاناة ومحاولة تصويرها على أن سببها هو الإسلام أو سلطة الذكور في المجتمع يشير إلى أهم وأبرز أسباب وقوع الفتيات في عالمنا العربي في براثن زخارف الباطل على اختلافها، من إلحاد وليبرالية ونسوية وغيرها.

فإن صورة المشكلة أن المرأة عندها مشاكل اجتماعية ومعاناة تتعلق بها كامرأة، ثم تقوم بعض التيارات الفكرية بالمتاجرة بهذه المشاكل لجذب البنات والفتيات إليها، عن طريق تصوير أن حل هذه المشاكل يكمن في الإلحاد أو العلمانية أو الليبرالية أو النسوية أو غيرها، فتنخدع الفتاة بهذه الشعارات البراقة والزخارف الملونة والباطل المتزين! وللأسف تلقى هذه الزخارف رواجًا وشيوعًا لأنها تلامس واقع النساء وتدغدغ مشاعرهن وتتقرب إليهن بما يحبون!

وأسوأ من هذا الاستقطاب الفكري والاستدراج العاطفي بواسطة هذه التيارات أن يتم تصوير معاناة المرأة في مجتمعها بأن سببه هو الإسلام، فيكون هذا داعيًا إلى تركها له وبغضه والثورة عليه.

يحكي الأستاذ منير أديب قصة طبيبة مصرية ملحدة كان أول ما دفعها للإلحاد هو أن زوجها المتدين ضربها على وجهها، فلما شكت لوالدها أخبرها أن الله أعطى لزوجها هذا الحق وتلا الآيات القرآنية في ذلك، تقول الطبيبة: ((كنت في غاية العجب من تفسير كلام والدي إن صح، أن تكون وصية الخالق ضرب وإهانة المرأة، خاصة وأن الإسلام يحرم ضرب الحيوان ذاته؛ فهل المرأة هنا أقل من الحيوان ؟)) . وأنا في الحقيقة أشارك هذه الطبيبة تساؤلها وتحيرها!

فإنه من المعلوم أن الله قد نهى عن الضرب على الوجه أو الضرب المبرح بصفة عامة، سواء لمرأة أو طفل أو أي إنسان، فكيف يبرر الأب ضربها على وجهها بهذه الطريقة؟ فضلاً عن أن ضرب الزوج لزوجته هو رخصةٌ محدودةٌ، وله سياقٌ محدودٌ، وتسبقه بدائلٌ شرعيةٌ عديدةٌ، فليس هو بالأمر الذي يمكن تسويغه بلا حدود، بل لابد أن يكون فعلا في محله وبحقه وبشروطه التي اشترطها الشرع، فلا يصح أن نسوغ للزوج أن يضرب زوجته بشكل مطلق لأن الأمر ورد في الشرع بهذا، بل لابد أن يكون بكل ضوابط الشرع وكل شروطه، وإلا كنا كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ويريد أن يتخذ بين ذلك سبيلاً.

تعليقات