باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
من أقسى المواقف التي قد يمر بها الشاب أن تكون لديه أسئلة وشكوك في الدين لا يجد لها جوابًا، ثم إذا توجه بهذه الأسئلة إلى غيره قوبل بالصدود والتعنيف الشديد، وبردود أفعال من قبيل:
- كيف تقول هذا الكلام؟!
- كيف تجرؤ أن تسأل هذا السؤال؟!
- هل تشكك في الإسلام؟!
- هل كفرت؟!
هذا الكبت والنهي عن السؤال يمثل تجربة عنيفة صادمة للشاب تؤدي به إلى شيئين:
أولًا: رد فعل نفسي سلبي يتمثل في مشاعر السخط والحنق من ها الكبت والانتهار الغليظ، مما يدفعه إلى بغض وكراهية الدين ومن يمثلونه في المجتمع، خصوصًا إذا كان من واجهه بهذا الكبت للأسئلة أحد الرموز الدينية كأن يكون شيخًا معروفًا أو إمام المسجد أو حتى شخص يبدو عليه التدين الظاهر. فتكون نتيجة هذا أن تنمو داخله مشاعر البغض للدين ولكل من يتكلمون باسمه، ويصبح من الصعب بعد ذلك عليه أن يتقبل منهم أي كلام أو حديث في الدين، حتى لو كان حقًا مبينًا!
ثانيًا: رد فعل فكري سلبي يتمثل في نشوء قناعة عقلية لديه بأن الدين عاجز عن إجابة الأسئلة، وأنه لا توجد ردود على الشبهات، مما يضعف إيمانه وثقته بأصل الدين نفسه؛ فإذا كان الدين يمنع السؤال والاستفسار، ويمارس كبت الأسئلة، فهذا يعني أنه لا يملك أجوبة على هذه الأسئلة، والدين الذي لا يملك أجوبة على الأسئلة هو دينٌ باطلٌ قطعًا. فينتهي به المطاف إلى نبذ الدين وتركه بالكلية، والبحث عن إجابات الأسئلة في مذاهب فكرية أخرى تقدم نفسها كبديل للدين.
والحقيقة أن الإسلام لا ينهى عن السؤال ولا يكبت الأسئلة، بل يدعونا إلى السؤال ويأمر بذلك، يقول تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ، وفي الحديث: ((إنما شفاء العيّ السؤال)) ، والعيّ هو الجهل، وشفاء الجهل هو السؤال، فإذا ابتلى الإنسان بالجهل في مسألة ما، فإن دواء هذا الجهل وعلاجه هو أن يسأل.
لكن أحيانًا يقع الشاب صاحب الأسئلة في يد من لا يملك الجواب، وليس لديه الدراية الكافية أو الحكمة اللازمة للتعامل مع أسئلة الشباب، كأن يكون مجرد مقيم للشعائر في المسجد لا يدري شيئًا عن الأسئلة والشكوك والشبهات التي تعصف بشباب اليوم، فينكرها قلبه بشدة ويكون رد فعله أعنف من اللازم!
بل الصواب أن يتم احتواء صاحب السؤال، طالما هو يسأل مستفسرًا باحثًا عن الحق، لا معاندًا ولا متحديًا ولا مسيئًا الأدب، فينبغي التلطف وتقديم الإجابة. فإن كان المسئول لا يدري، أحاله على من هو أعلم منه وأقدر على إجابة السؤال، أو أن يقول: لا أدرى، وسأسأل غيري. وكل هذا بدون عصبية وبدون تشنج وفي إطار من الود والرحمة بالسائل.
فإنه من الأولى لنا أن نستوعب أسئلة الشباب البريئة بدلاً من أن نحولهم إلى ذئاب شرسة تنهش في الأمة بسبب سوء تصرفنا وافتقارنا إلى الحصافة والحكمة.