أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
قال مركز حصين المختص في الرد على الشبهات، أن الله جعل للعقل حدا محدودا، ولم يعطه إدراكا شاملا للشاهد والحاضر والمستقبل، بل جعله قاصرا على المشاهدات الحسية الحاضرة والغائب والسابقة، بالفهم والاستنباط منها فحسب، وذلك ليعرف الإنسان ضعفه وعجزه، فلا يطغى بعقله كما يطغى بماله وجاهه.
وأوضح أنه كان من الخطأ العظيم والسفه الكبير إقحام العقل فيما لا يدركه، أو تحكيمه فيما لا يستوعبه، وأهم ذلك أمران: الأول: الغيب المطلق، الذي لا يعلمه أحد من البشر: فلا دخل للعقل في إدراك ما غاب عنا، ومن ذلك معرفة كيفية ذات الله وكيفيات صفاته سبحانه، ومعرفة غايات أقدار الله وعللها، وكذلك معرفة ما يحصل في المستقبل، فهذه أبواب موصدة أمام العقل، لا عمل له فيه.
وأوضح أن الثاني: معارضة الوحي الرباني: فإن العقل البشري خلق من خلق الله، لا يرتقي إلى معارضة شرع خالقه سبحانه، وليس من صلاحياته أن ينتصب حكما لقبول ما ورد في كتاب الله أو صح من سنة رسول الله ﷺ، بل غايته أن يفهم شرع الله ليسلم له، ويعمل به.
وأشارت الخطبة إلى نصيحة جليلة من حبر الأمة وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، لمن أعمل عقله فيما لا مجال للعقل فيه، فكثرت عليه الشبهات، وهجمت عليه الوساوس، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: (امدد بصرك يا ابن أخي، ما السواد الذي ترى؟) قال: فلان، قال: (صدقت، قال: فما الخيال المسرف من خلفه)؟ قال: لا أدري، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (يا ابن أخي، فكما جعل الله لإبصار العيون حدا محدودا من دونها حجابا مستورا، فكذلك جعل لإبصار القلوب غاية لا يجاوزها، وحدودا لا يتعداها). أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى.
وتابع: الله أكبر، قاعدة عظيمة يجب أن نحفظها ونفهمها وتكون نصب أعيننا جميعا: (كما جعل الله لإبصار العيون حدا محدودا من دونها حجابا مستورا، فكذلك جعل لإبصار القلوب غاية لا يجاوزها، وحدودا لا يتعداها).
وشدد على أن السعيد من عرف بعقله كمال ربه، واهتدى بالتدبر في آيات كونه وشرعه إلى الإيمان بوحيه، ثم سلم له التسليم التام، وأذعن له بالانقياد المطلق، وسكن قلبه بكمال الطمأنينة، فحاز الأمان والفوز في الدنيا والآخرة: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.