مركز حصين: الإِسلَامُ جاء بِتَكرِيمِ العَقلِ وَالدَّعوَةِ إِلَى إِعمَالِهِ لِيَكُونَ دَلِيلًا لِصَاحِبِهِ إِلَى الإِيمَانِ

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 20 يوليو 2023, 8:49 مساءً
  • 251
إعمال العقل

إعمال العقل

أكد مركز "حصين" المختص في محاربة الإلحاد والرد على الشبهات، في حديثه بموضوع "خطبة الجمعة" والذي ينشره بشكل أسبوعي عبر موقعه الرسمي، أن الله خَلَقَ اللَّهُ الإِنسَانَ أَوّلَ مَا خَلَقَهُ لَا يَعلَمُ شَيئًا، ثُمَّ أَعطَاهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالعَقلَ لِيَستَدِلَّ بِهَا عَلَى رَبِّهِ، فَيُؤمِنَ بِهِ، وَيَعبُدَهُ، وَيَشكُرَهُ عَلَى نِعمَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ ‌أَخرَجَكُمْ مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصَارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ.

وقال: إِنَّ مِن أَكبَرِ النِّعَمِ الَّتِي أَنعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الإِنسَانِ نِعمَةَ العَقلِ، الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ عَن سَائِرِ الحَيَوَانَاتِ، وَلِأَجلِ هَذِهِ النِّعمَةِ الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ كَلّفَهُ اللَّهُ بِحَمْلِ الأَمَانَةِ، فَأَرسَلَ إِلَيهِ الرُّسُلَ، وَأَنزَلَ عَلَيهِ الكُتُبَ، وَأَظهَرَ لَهُ الآيَاتِ، وَشَرَعَ لَهُ الشَّرَائِعَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالتَّفَكّرِ فِيمَا جَاءَهُ مِن رَبِّهِ، لِيَقُودَهُ عَقلُهُ إِلَى الإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّقوَى، قَالَ تَعَالَى: إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعقِلُونَ، وَقَالَ تَعَالَى: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ.

 وتابع: لَقَد جَاءَ الإِسلَامُ بِتَكرِيمِ العَقلِ وَالدَّعوَةِ إِلَى إِعمَالِهِ، لِيَكُونَ دَلِيلًا لِصَاحِبِهِ إِلَى الإِيمَانِ، وَقَائِدًا لَهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَالبِرِّ وَالإِحسَانِ، فَكَمْ نَقرَأُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِن مِثلِ قَولِهِ تَعَالَى: أَفَلَا تَعقِلُونَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ، كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعقِلُونَ، أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكرَى لِأُولِي الأَلبَابِ.

 وأردف: لِذَلِكَ كَانَت عُبُودِيَّةُ التَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ وَمَخلُوقَاتِهِ مِن أَعظَمِ العُبُودِيّاتِ، لِمَا تُثمِرُهُ مِن صَلَاحِ القَلبِ، وَزِيَادَةِ إِيمَانِهِ، وَتَثبِيتِ يَقِينِهِ، قَالَ تَعَالَى فِي وَصفِ حَالِ أَصحَابِ العُقُولِ السَّلِيمَةِ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلبَابِ * الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

وأكمل: لَقَد بَيّنَ اللَّهُ سُبحَانَهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ لَا يَستَفِيدُ مِن آيَاتِهِ وَبَرَاهِينِهِ وَدَلَائِلِهِ وَأَمثَالِهِ إِلَّا أَصحَابُ العُقُولِ السَّلِيمَةِ الَّذِينَ لَم يَتَلَطَّخُوا بِعَصَبِيَّةٍ وَلَا هَوًى، وَلَا عِنَادٍ وَلَا استِكبَارٍ، وَإِنَّمَا يَبحَثُونَ عَنِ الحَقِّ بِتَجَرُّدٍ وَإِنصَافٍ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ.

وذكر أنه لمَّا كَانَ البَشَرُ مُتَفَاوِتِينَ فِي مَقَادِيرِ عُقُولِهِم، وَدِقَّةِ إِدرَاكَاتِهِم، وَحُسنِ فُهُومِهِمْ نَوَّعَ اللَّهُ حُجَجَهُ وَآيَاتِهُ، حَتَّى يَفهَمَهَا أَضعَفُ النَّاسِ عَقلًا، وَيَستَوعِبَهَا أَقَلُّهُمْ فَهمًا، رَحمَةً مِنهُ سُبحَانَهُ، وَفَضلًا مِنهُ وَإِحسَانًا. فَلِذَلِكَ كَانَ كُلُّ مَنِ استَعمَلَ عَقلَهُ لِلبَحثِ عَنِ الحَقّ وَالهُدَى بِتَجَرُّدٍ وَإِنصَافٍ هَدَاهُ عَقلُهُ إِلَى الإِيمَانِ بِرَبِّ العَالَمِينَ، وَالتَّصدِيقِ بِسَيِّدِ المُرسَلِينَ، وَالإِيقَانِ بِيَومِ الدِّينِ، وَمَنِ استَكبَرَ وَعَانَدَ وَأَبَى أَنْ يَستَعمِلَ عَقلَهُ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَخَسِرَ خُسرَانًا مُبِينًا، وَلِأَجلِ ذَلِكَ عَاتَبَ اللَّهُ الكُفَّارَ كَثِيرًا فِي كِتَابِهِ عَلَى عَدَمِ استِعمَالِهِمْ عُقُولَهُم فِيمَا يَنفَعُهُمْ، مِن التَّفَكُّرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكرُكُمْ أَفَلَا تَعقِلُونَ، وَالتَّفَكُّرِ فِي حَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ سُبحَانَهُ: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ، وَكَثِيرًا مَا يُعَاتِبُهُم اللَّهُ بِقَولِهِ: أَفَلَا تَعقِلُونَ.

وشدد على أن الله ضَرَبَ مَثَلًا لِلكُفَّارِ بِالبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَعقِلُ شَيئًا، بَل هُمْ فِي الحَقِيقَةِ أَضَلُّ مِن البَهَائِمِ، قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لَا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لَا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم آذَانٌ لَا يَسمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ. وَقَالَ تَعَالَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنعِقُ بِمَا لَا يَسمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُمْ لَا يَعقِلُونَ، لِذَلِكَ كَانُوا شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ، قَالَ تَعَالى: إِنَّ ‌شَرَّ ‌الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكمُ الَّذِينَ لَا يَعقِلُونَ.

وشدد على أنّ المُؤمِنَ أَكمَلُ النَّاسِ عَقلًا، وَأَرقَاهُمْ تَفكِيرًا، لِأَنَّهُ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا؛ إِذْ كُلُّ مَا يَرَاهُ مِن حَولِهِ يَدُلُّهُ عَلَى رَبِّهِ، وَرَضِيَ بِالإِسلَامِ دِينًا؛ إِذْ رَأَى فِي تَشرِيعَاتِهِ التَّكَامُلَ وَالتَّوَازُنَ وَالعَدلَ الَّذِي تَستَقِيمُ بِهِ الحَيَاةُ، وَرَضِيَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا؛ إِذْ عَلِمَ مِن حَالِهِ صِدقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَزُهدَهُ وَسُمُوَّ أَخلَاقِهِ وَتَأيِيدَ اللَّهِ لَهُ.

تعليقات