كيف نعرف الله؟.. هيثم طلعت يرد

  • جداريات Jedariiat
  • الأحد 16 يوليو 2023, 02:59 صباحا
  • 305
هيثم طلعت

هيثم طلعت

رد الدكتور هيثم طلعت، الباحث في ملف الإلحاد على سؤال يطرحه البعض، وهو: كيف نعرف الله؟

وقال في كتابه "مناعة إيمانية" نعرف الله بطرق كثيرة جدًا، وهناك 4 طرق للإجابة على هذا السؤال.

الطريق الأول: نعرف الله عن طريق الفطرة السليمة، فالإنسان بفطرته يعلم أنَّ له خالقًا، فأنت بالفطرة تعرف أنَّ لك خالقا خلقك بهذه الهيئة وهذه الأعضاء وهذه الخِلقة وهذا الصنع والإتقان المدهش، وأيضًا الإنسان بفطرته يعلم أنه مُطالب باللجوء إلى خالقه بالعبادة، ويعلم أيضًا بفطرته أنه مفتقرٌ لخالقه سبحانه ومحتاجٌ إليه في كل وقت، ويزداد هذا الشعور بالحاجة لله في الشدائد.

وبين أن فطرة معرفة الله فُطِر عليها كل البشر، قال الله تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ﴿٣٠﴾ سورة الروم، وقال سبحانه {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ} ﴿١٧٢﴾ سورة الأعراف.

وأوضح أنه فقبل أن نُخلق فُطِرنا على معرفة الله وفُطرنا على العبودية له سبحانه (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: ما مِن مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فكلنا نُولد على هذه الفطرة، وهذه الفطرة تكفي كل إنسان يريد الحق أن يستدل على الحق وأن يستسلم لهذا الحق متى تبين له.

وشدد على أنه هذه الفطرة لا يستطيع أن ينكرها حتى أشد الناس كفرًا وخاصةً في الأوقات العصيبة، فالناس كلهم يلجأون لله في أوقات الشدائد وينسون ما يشركون {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا} ﴿٦٧﴾ سورة الإسراء.

وذكر أنه إذا كان الإنسان في كربٍ شديدٍ وشعر بالهلاك، فإنه لن يدعو إلا الله، وسينسى كل شركياته؛ وهذا الإخلاص لله في الدعاء وقت الشدائد دافعه الفطرة السليمة الموجودة بداخل كل إنسان.

ولفت إلى قول أحد رؤساء أمريكا -أيزنهاور- وكان قائدًا للقوات الأمريكية في الحرب العالمية الثانية يقول بعد أن شاهد كيف أنَّ القوات تعود للفطرة وقت الخطر الشديد: "لا يوجد ملاحدة في الخنادقففي الخندق وقت الحرب لا يوجد منكرٌ لله، الكل يعود لله، فهذه حقيقة الفطرة التي يعترف بها كل البشر وقت الشدائد.

وبين أن الطريق الثاني لمعرفة الله هو العقل، فنحن نعرف الله بالعقل {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ﴿٣٥﴾ سورة الطور، وبالعقل هناك ثلاثة احتمالات لا رابع لها.. الأول: أن نكون خُلقنا من غير خالق (أم خلقوا من غير شيء) وهذا مستحيل، إذ كيف نُخلق من غير خالق؟، والثاني: أن نكون خَلقنا أنفسنا (أم هم الخالقون) وهذا محال أيضًا، إذ كيف أَخلق نفسي قبل أن أُخلق؟ فإذن بالعقل يبقى الاحتمال الثالث وهو الذي سكتت عنه الآية الكريمة لأنه هو البديهة، وهو أنّ لنا خالقًا خلقنا.

وأشار إلى أن الطريق الثالث لمعرفة الله هو النظر في مخلوقات الله، فالنظر في خلق الله يضعنا أمام عظمة الله عز وجل {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ﴿١٠١﴾ سورة يونس، فكلما نظرنا إلى دقيق خلق الله وعجيب الإتقان ازددنا معرفةً بالله.

أما الطريق الرابع لمعرفة الله هو من خلال الرسل، وبحسب هيثم طلعت، فهذا هو الطريق الأعظم لمعرفة الله عز وجل، وهو أن نعرف اللهَ من خلال رسلِه وأنبيائه، فالرسل أخبروا عن الله وأخبروا عن صفاته وأخبروا عن ذاته سبحانه، فمن خلال الأنبياء عرفنا الله بأسمائه وصفاته، وعرفنا كيف نعبد الله وكيف نتقرب إليه، وعرفنا كيف ننجو يوم الحساب من عذاب الله، فالرسل دعوا الناس لعبادة الله أو بمعنىً آخر: دعوا الناس للعودة لفطرهم التي فُطروا عليها وأن يَعبدوا الله كما أمر.

فالرسل أرشدوا الناس إلى طريق الحق والنجاة {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} ﴿١٦٥﴾ سورة النساء.

وبين أن إخبار هؤلاء الأنبياء والرسل عن الله وتأييد الله لهم بالمعجزات، لا يجعل لأحدٍ حجة على الله يوم القيامة، فالله عز وجل أعطاك الفطرة التي تعرف بها خالقك، وأعطاك العقل وأعطاك النظر في مخلوقاته وأرسل لك الرسل، فلم يبق لك عند الله حجة.

تعليقات