رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

باحث في ملف الإلحاد يرد على شبهة «أن القرآن فيه أخطاء لغوية»

  • جداريات Jedariiat
  • الثلاثاء 11 يوليو 2023, 8:25 مساءً
  • 296
القرآن الكريم

القرآن الكريم

رد محمد سيد صالح، الباحث فى ملف الإلحاد، على شبهة أن القرآن الكريم فيه أخطاء لُغوية، وأن هذه الأخطاء تُعد دليلاً على أن القرآن ليس وحياً إلهياً إنما هو صناعة بشرية !

وقال ـ في منشور عبر حسابه الرسمي على فيس بوك ـ إن بعض ملاحدة اليوم يدعى أن القرآن الكريم فيه أخطاء لُغوية كثيرة مما يجعله كتاب بشرى كتبه محمد صلى الله عليه وسلم وليس من عند الله.

وذكر أن هناك شُبهات تحتاج لتوضيح حقاً لأن ظاهرها قد يبدو مُشكلاً، أما شبهة أن القرآن الكريم فيه أخطاء لغوية تُخالف قواعد اللغة العربية هذا يدل على أن قائلها لا يعرف شيئاً عن القرآن الكريم أو اللغة العربية إنما يردد كالبغبغاء كلاماً أجوفاً لا أصل له.

وبين أن الرد على تلك الشبهة الساذجة من عدة وجوه:

أولاً: مما لا شك فيه أن أفهم الناس بالعربية هم العرب، وأفهم العرب بالعربية هم قريش، والنبى صلى الله عليه وسلم عربياً بلا شك ومن قريش الذين وصلوا باللغة العربية إلى منتهاها، فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى كتب القرآن الكريم لما وقع فى الأخطاء اللغوية لأنه من العرب الخلص الأقحاح، ولو أخطأ فى بعضٍ من آيات القرآن ابتداءاً وهذا مُحال كان حتماً سيتدارك تلك الأخطاء أثناء قراءته للقرآن فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن كثيراً وكان يصلى بالمسلمين بالقرآن الكريم.

ثانياً: الصحابة العرب الذين تركوا دين آبائهم وأسلموا لله وآمنوا بكل ما جاء به القرآن الكريم كان سبب إسلامهم ما سمعوه من آيات القرآن الكريم، مثل عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى كان قبل إسلامه من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين.

وفى يومٍ حمل عمر سيفه وهم لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو فى طريقه لقتل رسول الله قابله الصحابى نعيم بن عبدالله النحام وكان قد أسلم وقتها، ولما رأى علامات الغضب على وجه عمر بعدما علم أنه ذاهب لقتل رسول الله فأراد نعيم رضى الله عنه أن يصرفه عن الذهاب لقتل رسول الله فأخبره أن أخته وزوجها قد أسلما.

ولما سمع عمر رضى الله عنه هذا الخبر ذهب مُسرعاً إلى بيت أخته، ولما وصل عمر على باب بيت أخته سمع خباب بن الأرت رضى الله عنه يقرأ القرآن على أخته وزوجها فدخل عليهم عمر وقد اختبأ خباب،  فسألهم عمر عن الصوت الذى سمعه فأخبروه أنهما كانا يتبادلان الحديث، فقال عمر لهما: ( لعلكما قد صبوتما ) أى تركتا دين آباكما، فقال له سعيد: "أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك"؟ فقام عمر يريد ضربه، فمنعته فاطمة، فضربها على وجهها، فردّت عليه وهي غضبى بقولها: "ياعمر إن كان الحق في غير دينك"، فلمّا يئس منهم عمر، طلب الكتاب الذي كانوا يقرؤون به، فلم تُعطه أخته الكتاب إلا إذا تطهّر، فاستجاب لها وتطهّر، وبدأ بالقراءة، فتعجّب عمر من حُسن الكلام الذي قرأه، وحينها خرج خبّاب، وأخبره أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دعا له بالإسلام.

وحين قرأ عمر الآيات انشرح صدره، فسأل خباب عن مكان رسول الله حتى يذهب إليه و يُشهر إسلامه، فأخبره خبّاب أنه في دار الأرقم بن أبي الأرقم. وكان عمر رضى الله عنه أيضاً من العرب الأقحاح وسماعه للقرآن كان سبباً فى هدايته للإسلام، وحتماً لو كان قد وجد أدنى خطأ فى القرآن لما ازداده ذلك إلا عداءاً وبغضاً لرسول الله والمسلمين لكن نجد العكس تماماً هو الذى حصل معه.

كما أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانوا قد وجدوا أى خطأ لغوى فى القرآن لما سكتوا على ذلك بل كانوا سيتكلمون أو على الأقل يستفسرون عن سبب ذلك وكان أغلبهم آن ذاك من العرب الخلص الأقحاح.

ثالثاً: كما هو معروف أن مشركى مكة كانوا أشد عداءاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم من مُلحدى وكارهى الإسلام اليوم، لأن النبى جاء وقد سفه آلهتهم المزعومة وجاء بما يخالف عقائدهم وعاداتهم وأحوالهم.

ثم نجدهم قد بذلوا الغالى والنفيس للتخلص من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحاربوه وهجروه وحاصروه وتطاولوا عليه وساوموه ومع ذلك ما استطاع أحد منهم أن يدعى أن القرآن الكريم فيه خطأ لُغوى، وكان بين هؤلاء أبو جهل وأبو لهب والنضر بن الحارث وغيرهم الكثير ممن كانوا يتمنون القضاء على الإسلام. بل لم يخطر ببالهم أن يتهموا القرآن الكريم بهذا الإتهام الأجوف لعلمهم أنهم لو فعلوا ذلك كان العرب سيسخرون منهم لما فى القرآن الكريم من قوة فى اللغة وبلاغة.

رابعاً: العرب كانوا يتحدثون العربية سليقةً دون قواعد، ولم توضع قواعد اللغة العربية إلا بعد سنوات من إتمام القرآن الكريم، وكان هذا فى عهد الخليفة على بن أبى طالب رضى الله عنه، لما اتسع الإسلام وانتشر ودخل فيه الأعاجم والتحموا بالعرب وأصبح الناس يُلحنون فى القرآن الكريم وهم يقرأونه فأشار على رضى الله عنه لأبى الأسود الدوؤلى أن يضع قواعداً للنحو ليسير وفقها الناس والأعاجم، ثم لبى أبو الأسود الدوؤلى أمر أمير المؤمنين على رضى الله عنه ووضع قواعد اللغة العربية والنحوية، وكان مصدره فى وضع تلك القواعد هو القرآن الكريم نفسه أولاً، والشعر العربى ثانياً.

وهنا أُحب أن أُنوه على أمر فى غاية الأهمية ألا وهو: ( لولا نزول القرآن الكريم لما وضع قواعد للغة العربية وكان سيظل الناس يتحدثون بها دون اللجوء لوضع قواعد لأن العرب والأعاجم كانا سيظلا هكذا كلٍ منهما فى طريقه، إنما القرآن الكريم والإسلام قرب الأمم والشعوب وساوى بينهما وربط بينهما برباط الإخوة، فوضعت تلك القواعد لضبط لغة المسلمين من الأعاجم والذين بدور احتكاكهم بالعرب سيؤثرون في لغة العرب ايضاً إذن فالقرآن الكريم هو الدليل على صحة القواعدِ العربية وليست القواعد هى الدليل عليه ).

فمن يقول أن القرآن فيه أخطاء لُغوية كأنه يدعى أن المياه العذبة لا تروى الظمأ، وإن لم تروى المياه العذبه الظمآن فما يرويه إذن فهل يُعقل هذا؟!

خامساً: العجيب أن من يدعون أن القرآن فيه أخطاء لُغوية هم أناس بعيدين كل البعد عن اللغة العربية وعن وقت نزول القرآن، فضلاً على أنهم استخدموا قواعد اللغة العربية وجعلوها ميزاناً للقرآن الكريم وكما وضحتُ أن أول من وضع قواعد اللغة العربية هو أبو الأسود الدوؤلى وكان مصدره الأساسى فى وضع قواعد اللغة هو القرآن الكريم، وبدوره قرأ القرآن الكريم مراراً وتكراراً بطبيعة الحال، فكيف يا من لا تعرف الفرق بين المبتدأ والخبر أن تظن أنك اكتشفت ما لم يكتشفه مؤسس اللغة والواضع لقواعدها؟

تعليقات