باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
رد الباحث في
ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، على بعض الشبهات حول الجزية في الإسلام.
وبين في منشور
عبر حسابه الرسمي على فيس بوك، أن البعض يدعي أن مسألة الجزية في الإسلام تُعتبر قهرا وإجباراً على دخول الناس إلى الإسلام، لأن
الإسلام أقر الجزية أو القتل: ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ
يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )، وعليه فإن هناك من دخل في
الإسلام خشية دفع الجزية أو القتل ولم يدخل الإسلام عن قناعة، فضلاً عن أن دينكم
يريد إذلالهم وهم يعطون الجزية كما يتضح في قول وهم صاغرون؟!
وفي إجابته قال: نعم الإسلام فرض الجزية على أهل الذمة
ولكن قطعاً فكرة أن هناك من دخل الإسلام خشية دفع الجزية فكرة عارية من الصحة وغير
منطقية تماماً.
وأوضح أن هذا
راجع لأدلة عدة وهي :
أولاً: المشكلة
عند من يستنكر الجزية ليست مع ما يدفعه الفرد من مالٍ للدولة إنما مشكلته مع
المُسمى ليس إلا ولأن مُسمى الجزية جاء في القرآن الكريم وهو في الغالب يكره
الإسلام فاستنكر الجزية ليستنكر من خلالها الإسلام.
وأقول أن من
يستنكر الجزية ليست مشكلته فيما يُدفع للدولة لأن الناس جميعاً حول العالم يدفعون
الجزية بالفعل لكن بمسمى آخر وهو " الضريبة ".
والضريبة هي
مبلغ نقدي تتقاضاه الدولة من الأشخاص والمؤسسات بهدف تمويل نفقات الدولة؛ أي تمويل
كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالجيش، والشرطة، والتعليم أو نفقاتها تبعا
للسياسات الاقتصادية؛ كدعم سلع وقطاعات معينة، أو الصرف على البنية التحتية؛ كبناء
الطرقات والسدود، أو التأمين على البطالة. فضلاً على أنهم يدفعون ضريبة القيمة
المضافة على كل أنواع السلع المستخدمة. فلماذا لم يخرج هؤلاء الذين يستنكرون
الجزية ليستنكروا الضرائب الذين يُلزمون بها؟!
ثانياً: كيف
لرجل يعتنق دين ما ويعتقد به ويجزم على صحته ثم يترك دينه وعقيدته خشية من الجزية
إلا لو كان إنسان ضعيف الإيمان وقدم دنياه على آخرته وقدم حب المال على حب دينه؟!
ولو كان مُحباً لماله وللدنيا ويخشى نقصان ماله بسبب ما سيدفعه من جزية فقرر
الدخول للإسلام هروباً من دفع الجزية سيجد في الإسلام ركناً من أركانه يُسمى
الزكاة يدفع من خلالها أضعاف مضاعفة مقارنة بما كان سيدفعه في الجزية، لأن الزكاة
في الإسلام فُرضت على كل ما يملكه المسلم، ففي الإسلام زكاة على المال وزكاة على
الذهب والفضة وزكاة على التجارة وزكاة على الإبل والأنعام، وزكاة للزروع وزكاة
الفطر وغير ذلك.
ثالثاً: الزكاة
في الإسلام تُفرض على كل مسلمٍ كبيراً كان أو صغيراً، رجل أو امرأة عاقلاً أو
مجنوناً مادام يمتلك مالاً أو تجارة وبلغ ماله أو تجارته النصاب أي الحد الأدنى
الذى يُدفع عليه زكاة، بل حتى الرضيع في بطن أمه قد يُدفع عنه زكاة الفطر من قِبل
من يعول أمه.
أما الجزية فلا
يدفعها إلا رجال غير المسلمين الأشداء الأقوياء القادرين على دفعها، وتسقط عن
الشيخ الكبير غير المسلم والعاجز كالضرير والمجنون ونحوه والفقير والراهب والمرأة
والطفل، حتى الرجل المُكلف بدفع الجزية من غير المسلمين يدفعها بقدر وضعه الاقتصادي.
وليس ذلك فحسب بل حتى الرجل القادر المُكلف بدفع
الجزية من غير المسلمين لو انضم إلى صفوف الجيش المسلم تسقط عنه الجزية، أما
الزكاة فلا تسقط على المسلم حتى وإن كان منضماً لصفوف الجيش.
رابعاً: قرر
الإسلام دفع الجزية على غير المسلم نظير حمايته وحماية أسرته من الغزو الخارجي والاعتداء
الداخلي، وإذا قصر المسلمون في حماية غير المسلمين وهم تحت حكمهم يرد إليهم ما
دفعوه من جزية مرة أخرى ويثبت ذلك ما صنعه أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه فحين
فتح أبو عبيدة بن الجراح الشام، وأخذ الجزية من أهلها الذين كانوا يومئذٍ ما
يزالون على دِينهم، اشترطوا عليه أن يحميهم من الروم الذين كانوا يَسومونهم
الخَسْف والاضطهاد، وقَبِل "أبو عبيدة" الشرط، ولكن "هرقل"
أعدَّ جيشًا عظيمًا لاسترداد الشام من المسلمين، وحين بلغ "أبا عبيدة"
رضى الله عنه ذلك ردَّ الجزية إلى الناس، وقال لهم: لقد سمعتُم بتجهيز هرقل لنا،
وقد اشترطتم علينا أن نحميكم، وإنا لا نقدِر على ذلك، ونحن لكم على الشرط إن نصرنا
الله عليهم. ( الخراج؛ لأبي يوسف، ص: ١٣٩ بتصرف، وفتوح البلدان؛ للإمام أبي الحسن
البلاذري، ص: ١٣٧، ١٤٣ بتصرف، والدعوة إلى الإسلام، توماس أرنولد ص: ٥٣، ٥٤.
خامساً: مصطلح
الجزية حينما يقع على أسماعنا فمنه نعرف أن الإسلام دين احتواء يحتوي غير المسلمين
كما يحتوي المسلمين، وأن الإسلام يراعي مصالح غير المسلمين كما يراعى مصالح
المسلمين تماماً، بل وإذا كان غير المسلم فقيراً محتاجاً فإنه يأخذ من بيت مال
المسلمين الذي شمل زكاة المسلمين وجزية غيرهم فيظهر من ذلك أن الجزية تؤخذ منهم
وقت قدرتهم وتعاد إليهم مجدداً وقت حاجتهم.
وقد روى غير واحد من أهل العلم أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يسير يوماً في الطريق فرأى رجلاً يتسول، فقال له مالك يا شيخ؟ فقال الرجل: أنا يهودي وأتسول لأدفع الجزية، فقال عمر: والله ما انصفناك نأخذ منك شاباً ثم نضيعك شيخاً والله لأعطينك من مال المسلمين، وأعطاه عمر ـ رضي الله عنه ـ من مال المسلمين
سادساً: أما عن
إعطاءهم الجزية عن يدٍ وهم صاغرون فهنا لابد أن ننتبه أنها حالة حرب بين مؤمنين
بالله وكافرون به جاحدون بآياته منكرون لرسوله، وهم يحاربون لأجل باطل ولأجل دنيا
زائلة، والحرب قائمة بينهما ولو كانوا هم من انتصروا لأذلوا المسلمين وقهروهم. ومن
الطبيعي أن المغلوب على أمره حينما يُلزمه من غلبه بعقوبة فهو يقوم بها وهو غير
راضٍ مكروه على ما يفعله، كما نرى في القضاء حينما يعاقب إنساناً لجريمة ارتكبها
فهو يفرض عليه حكماً شاقاً يسمى بالأشغال العقابية أو الأشغال الشاقة وهذا الحكم
الشاق يكون بجوار الحكم عليه بالسجن، وهذا يرجع لحجم ما قام به من جريمة، ولله
المثل الأعلى فإنه لا يوجد جريمة أكبر من جريمة إنكار الله ودينه ورسوله لذا جاء
الأمر بالصغار بجوار الجزية أي بالإكراه وبالخضوع لنظام الدولة.
وهذا أيضاً يشمل
المسلمين أنفسهم إذا رفضوا دفع الزكاة يقوم المسؤول على شؤونهم بإلزامهم وخضوعهم
لنظام الدولة كما حدث مع أبو بكر لما أرسل خالد بن الوليد رضى الله عنهما لمحاربة
مانعي الزكاة من المسلمين وهذا حتى لا يختل نظام الدولة فضلاً على أن الزكاة هي حق
الفقراء والمساكين والمرضى وغيرهم. كما أن الجزية هي حق الدولة لما تقوم به من
حماية خارجية وداخليه وتوفير الأمن والأمان وغير ذلك من خدمات.
وأكد محمد سيد صالح، أن الشاهد أن الجزية ما هي إلا مبلغ بسيط من المال
يدفعه غير المسلم القادر الذي يعيش تحت راية الإسلام مُقابل حمايته في الدرجة
الأولى وسد حاجته في الدرجة الثانية وتسقط عن العاجز والمرأة والطفل ومن ينضم لجيش
المسلمين.
واختتم: المسلمون
يدفعون صنوفاً من الزكاة وهى كثيرة ومتنوعة ولا تسقط على أي مسلم إلا لو لم يكن
لديه مالاً يبلغ النصاب وهو الحد الأدنى الذى يُدفع عليه الزكاة، ويدفع غير المسلمين الجزية وهم صاغرون أي
مكرهين خاضعين لنظام الدولة بعدما ارادوا العبث والعيش في بلاد المسلمين
والاستمتاع بخدمات الدولة دون مقابل.