عشر ذي الحجة.. أهمية اغتنام العمر في الخيرات وحكمة الله في المفاضلة بين الأزمنة

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 17 يونيو 2023, 03:00 صباحا
  • 197

قال مركز حصين المختص في الرد على الشبهات ومحاربة الإلحاد، إن الله جَعَلَ الأَيَّامَ مُستَودَعًا لِلطَّاعَاتِ، وَمَحَلًّا لِلقُرُبَاتِ، وَجَعَلَ اللَّيلَ وَالنّهَارَ خِلفَةً لِمَن أَرَادَ ان يَذّكّرَ أَو أَرَادَ شُكُورًا.

وأوضح (في خطبة الجمعة التي ينشرها كل أسبوع عبر موقعه)  أنّ مِن مِنّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبدِهِ المُؤمِنِ أَن يُوَفّقَهُ لِاغتِنَامِ فُرَصِ العُمُرِ، فَالعُمُرُ يَمضِي وَيَنصَرِمُ، وَلَيسَ لِابنِ آدَمَ مِنهُ إِلَّا مَا استَودَعَهُ فِيهِ مِن صَالِحِ العَمَلِ، قَالَ تَعَالَى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدّتْ لِلمُتَّقِينَ.

 وتابع: فَالسّعِيدُ مَن استَغَلَّ الأَوقَات، وَازدَادَ فِي مَوَاسِمِ الخَيرِ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَتَعَرَّضَ فِيهَا لِنَفَحَاتِ الرَّحَمَاتِ، فَاللَّيلُ وَالنَّهَارُ لَا يَنتَظِرَانِ، بَل يَتَعَاقَبَانِ وَلَا يُفتَرَانِ، وَالعُمُرُ أَمَانَةٌ سَيُسأَلُ العَبدُ عَنهَا يَومَ القِيَامَةِ، كَمَا قَالَ ﷺ: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عَن عُمُرِهِ؛ فِيمَ أَفناهُ؟ وعَن عِلمِه؛ فِيمَ فَعَلَ؟ وعَن مَالِه؛ مِن أَين اكتَسَبَه؟ وفِيمَ أَنفَقَه؟ وعَن جِسمِهِ؛ فِيمَ أَبلاهُ؟». رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ ﷺ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: «اغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

وبين أنَّ مِن حِكمَةِ اللَّهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ فَاضَلَ بَينَ الأَيَّامِ، فَمَنَّ عَلَينَا بِمَوَاسِمَ لِلعِبَادَةِ، ضَاعَفَ فِيهَا الأُجُورَ، وَشَرَعَ فِيهَا أَنوَاعَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ، لِيَزدَادَ المُؤمِنُونَ رِفعَةً فِي دَرَجَاتِهِم، وَيَستَدرِكَ المُقَصِّرُونَ مَا فَاتَ مِن زَلَاتِهِم، وَمِنَ الأَيَّامِ الفَاضِلَةِ الَّتِي أَعلَى اللَّهُ شَأنَهَا، وَعَظَّمَ أَمْرَهَا: أَيَّامُ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ، فَهِيَ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ مُبَارَكَةٌ، لَيسَ فِي الأَيَّامِ مَا يُمَاثِلُهَا، وَلَا فِي أُجُورِ الأَعمَالِ مَا يَعدِلُهَا.

 وواصل: أَقسَمَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا بِهَا فَقَالَ: وَالفَجرِ وَلَيَالٍ عَشرٍ. جَاءَ عَن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَنّهَا عَشرُ ذِي الحِجَّةِ، وَهِيَ الأَيَّامُ المَعلُومَاتُ الَّتِي أَخبَرَ اللَّهُ عَنهَا بِقَولِهِ: لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: أَيَّامُ العَشرِ.

 

وذكر أن الله قَد خَصَّ اللَّهُ هَذِهِ الأَيَّامَ بِأُجُورٍ كَبِيرَةٍ، وَرَتّبَ عَلَى الطَّاعَاتِ فِيهَا خَيرَاتٍ كَثِيرَةً، فَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنهُ فِي غَيرِهَا، قَالَ ﷺ: «مَا مِنْ أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِن هَذهِ الأيَّامِ العَشرِ. قَالوا: يا رَسُولَ اللهِ! ولا الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ: ولا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرجِع مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ». رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا مِن عَمَلٍ أَزكَى عِندَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا أَعظَمَ أَجرًاً مِن خَيرٍ يَعمَلُهُ فِي عَشرِ الأَضحَى». رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

 واستكمل: وَقَد خُصَّتْ هَذِهِ الأَيَّامُ الفَوَاضِلُ بِهَذِهِ الفَضَائِلِ لِاجتِمَاعِ أُمَّهَاتِ العِبَادَةِ فِيهَا؛ مِن صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ، وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي غَيرِهَا، وَلِأَنَّ فِي أَيَّامِهَا مَا لَيسَ فِي مِثلِهَا، فَاليَومُ الثَّامِنُ مِنهَا هُوَ يَومُ التَّروِيَةِ، مُبتَدَأُ أَعمَالِ الحَجِّ، فِيهِ يُهِلّ الحُجَّاجُ وَيُلَبُّونَ، وَمِنهُ إِلَى مِنَى وَعَرَفَةَ يَنطَلِقُونَ.

وأكمل: وَاليَومُ التَّاسِعُ مِنهَا هُوَ يَومُ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَومٌ عَظِيمٌ، قَالَ عَنهُ ﷺ: «مَا مِنْ يَومٍ أَكثَرُ مِن أَنْ يُعتِقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَبدًا مِن النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟»، رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ ﷺ: «خَيرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، وَلَهُ الحَمدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ». رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَصِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، يُكَفّرُ سَنَتَينِ: المَاضِيَةَ وَالقَادِمَةَ.

 وتابع: وَاليَومُ العَاشِرُ مِن هَذِهِ العَشرِ هُوَ يَومُ النَّحرِ، وَقَد قَالَ ﷺ: «إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَومُ النَّحرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

فَهِيَ -كَمَا نَرَى- أَيَّامٌ مُبَارَكَةٌ، وَأَوقَاتٌ بِالخَيرِ عَامِرَةٌ، فَاَللَّهَ اللَّهَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوبَةِ وَالِاجتِهَادِ فِي هَذِهِ الأَزمِنَةِ المُبَارَكَةِ الفَاضِلَةِ: وَتَزَوّدُوا فَإِنّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى.

تعليقات