أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
قال مركز حصين، المختص في الرد على الشبهات ومحاربة الإلحاد، إِنّ الكُفرَ بِاللَّهِ جَحدٌ لِحَقّ الرَّبِّ الخَالِقِ المُنعِمِ، وَالمَالِكِ المُتَفَضّلِ المُتَكَرِّمِ، الَّذِي جَادَ عَلَى عِبَادِهِ بِآلَائِهِ، مِن غَيرِ أَن يَستَحِقَّ ذَلِكَ مِنهُم أَحَدٌ، ثُمَّ وَعَدَهُم عَلَى شُكرِهِمُ الوَعدَ العَظِيمَ الحَسَنَ، الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَا حَدَّ.
وأضاف في "خطبة الجمعة التي
ينشرها تعبر موقعه كل أسبوع" أن الكُفرُ بِاللَّهِ تَنقُّصٌ لِمَن يَستَحِقُّ
كَمَالَ التَّعظِيمِ، وَإِعرَاضٌ عَمَّن يَستَحِقُّ كَمَالَ المَحَبّةِ،
وَاستِكبَارٌ عَمّن يَستَحِقُّ كَمَالَ الطَّاعَةِ وَالتَّسلِيم.
وتابع: فَكَيفَ لِلإِنسَانِ أَن يَكفُرَ
بِالَّذِي أَوجَدَهُ مِن العَدَمِ، وَأَسبَغَ عَلَيهِ أَلوَانَ النِّعَمِ؟ وَكَيفَ
لَهُ أَن يَتَوَلّى عَن الحَمِيدِ المَجِيدِ، الَّذِي لَهُ أَحسَنُ الأَسمَاءِ،
وَالمُتَفَرّدِ بِالعِزّ وَالكِبرِيَاءِ، فَحَقُّهُ أَن يُذكُرَ فَلَا يُنسَى،
وَيُطَاعَ فَلَا يُعصَى، وَيُعرَفَ فَلَا يُنكَرَ، وَيُشكَرَ فَلَا يُكفَرَ؟
وأشار إلى قول الله: قُل أَئِنَّكُمْ لَتَكفُرُونَ
بِالَّذِي خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ وَتَجعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ
العَالَمِينَ
كَيفَ
تَكفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ
يُحيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيهِ تُرجَعُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي
الأَرضِ جَمِيعًا ثُمَّ استَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبعَ سَمَاوَاتٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ
وبين الكُفرُ
بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا أَعظَمُ الظُّلمِ وَأَشنَعُهُ، فَلَيسَ فِي أَنوَاعِ
الظُّلمِ مَا يُوَازِي إِجرَامَهُ أَو يُقَارِبُهُ، وقج قَالَ سُبحَانَهُ: وَالكَافِرُونَ هُمُ
الظَّالِمُونَ. وقَالَ تعالى: فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ
افتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَو كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفلِحُ
المُجرِمُونَ.
وشدد على أن الكُفرُ بِاللَّهِ سُبحَانَهُ هُوَ
غَايَةُ الفُسُوقِ وَالفَسَادِ، وَنِهَايَةُ اللَّدَدِ وَالعِنَادِ.
وقد قَالَ تَعَالَى: ولَقَد أَنزَلنَا
إِلَيكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكفُرُ بِهَا إِلَّا الفَاسِقُونَ.
ولفت إلى أن الكُفرُ بِاللَّهِ تَكذِيبٌ
لِلبَرَاهِينِ الظَّاهِرَةِ، وَمُدَاحَضَةٌ لِلأَدِلَّةِ وَالحُجَجِ البَاهِرَةِ،
الَّتِي دَلّتْ عَلَى وَحدَانِيّةِ اللَّهِ، وَصِدقِ رَسُولِهِ ﷺ، وَصِحَّةِ دِينِ
الإِسلَامِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَا يَجحَدُ
بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ، أَي غَدَّارٍ كِثيرِ الكُفرِ.
وقَالَ
سُبحَانَهُ: وَيلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتلَى
عَلَيهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُستَكبِرًا كَأَن لَم يَسمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ
أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ
لَهُم عَذَابٌ مُهِينٌ * مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغنِي عَنهُمْ مَا
كَسَبُوا شَيئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَولِيَاءَ وَلَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ * هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ
عَذَابٌ مِنْ رِجزٍ أَلِيمٌ.
والكُفرُ
بِاللَّهِ غُرُورٌ وَطُغيَانٌ، وَاستِكبَارٌ عَنْ حَقِيقَةِ الإِنسَانِ، الَّذِي
هُوَ كَائِنٌ صَغِيرٌ، مُحتَاجٌ إِلَى رَبّهِ الغَنِيِّ الكَبِيرِ.
ويقول القرآن "قَالَ
لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ
ثُمَّ مِنْ نُطفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا
أُشرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا"
كما أن الكُفرُ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
مَدعَاةٌ إِلَى كُلِّ قَبِيحٍ مِن الأَقوَالِ، وَقَائِدٌ إِلَى كُلِّ رَذِيلٍ مِن
الأَفعَالِ، فَالمُكَذِّبُونَ الكَافِرُونَ هُم المُعتَدُونَ الآثِمُونَ.
"وَيلٌ
يَومَئِذٍ لِلمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَومِ الدِّينِ * وَمَا
يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعتَدٍ أَثِيمٍ"،
ويقول أيضا: "أَرَأَيتَ
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ * وَلَا
يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ" والكُفرُ بِاللَّهِ جَلّ وَعَلَا
مُنَاقِضٌ لِلعُقُولِ السَّلِيمَةِ، وَمُضَادٌّ لِلفِطَرِ القَوِيمَةِ، فَلَا
يَكُونُ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ إِلَّا فَاسِدَ الفِكرَةِ، وَمَنكُوسَ الفِطرَةِ، وقد قَالَ تَعَالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ
كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً
صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُمْ لَا يَعقِلُونَ.
وواصل: إِذَا
كَانَ الكُفرُ بِاللَّهِ العَظِيمِ بِهَذَا الإِجرَامِ وَالسُّوءِ، فَلَا عَجَبَ
أَن يَكُونَ مُحبِطًا جَمِيعَ الأَعمَالِ، مُستَوجِبًا الخَسَارَةَ العُظمَى فِي
الحَالِ وَالمَآلِ: وَمَن يَكفُر بِالإِيمَانِ فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي
الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ.
وَلَا عَجَبَ
أَن يَكُونَ الكُفرُ بِاللَّهِ سَبَبًا لِانقِطَاعِ الأَمَلِ مِن رَّحمَةِ
الرّحمَنِ، وَلاستِحقَاقِ العَذَابِ وَالهَوَانِ، وَلَا عَجَبَ أَن يَكُونَ الكُفرُ
بِاللَّهِ الذَّنبَ الوَحِيدَ الَّذِي لَن يَغفِرَهُ اللَّهُ أَبَدًا لِمَنْ مَاتَ
عَلَيهِ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغفِرُ أَن
يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ.
وأردف: وَلَا
عَجَبَ أَن يَكُونَ شَرُّ الخَلقِ جَمِيعًا هُمُ الكُفّارُ، وَيَكُونَ مَصِيرُهُم
الخُلُودَ الأَبَدِيَّ فِي النّارِ فقَالَ جَلَّ وَعَلَا: إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهلِ الكِتَابِ وَالمُشرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ
فِيهَا أُولَئِكَ هُم شَرُّ البَرِيَّةِ.
وَلَا عَجَبَ أَن يَكُونَ الكُفرُ بِاللَّهِ مُستَوجِبًا عَدَاوَةَ
اللَّهِ وَغَضَبَهُ، وَمُستَحِقًّا كَرَاهِيَتَهُ وَمَقتَهُ، فققَالَ سُبحَانَهُ: فَإِنَّ اللَّهَ
عَدُوٌّ لِلكَافِرِينَ، وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَونَ
لَمَقْتُ اللَّهِ أَكبَرُ مِن مَقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذ تُدْعَونَ إِلَى
الإِيمَانِ فَتَكفُرُونَ.