هيثم طلعت يكشف القصة الكاملة للملحد طالب العبدالمحسن.. ويؤكد: المد الإلحادي طوفان فاجر
- السبت 21 ديسمبر 2024
هشام عزمي
منذ أكثر من عشر سنوات كان لي لقاء مع شاب ملحد
يدرس -وقتها- في كلية العلاج الطبيعي بإحدى الجامعات الإقليمية في مصر، كان اللقاء
وديًا بشكل كبير، وأبدى الشاب تجاوبًا كبيرًا معي، مما شجعني على أن أسأله عن سبب
إلحاده، وكيف صار إلى هذا الطريق. وكنت شديد الاهتمام في هذه الفترة بالتنقيب عن
أسباب وقوع الشباب العربي في الإلحاد.
انطلق الشاب يحكي لي قصة إلحاده، لكن ما
استوقفني فيها بشدة، وكنت دومًا أقصه في محاضراتي، هو بداية تعرفه على الإلحاد.
قال لي إن لديه في الكلية التي يدرس بها زميل ملحد، وكان الإلحاد في هذا الوقت يعتبر
أمرًا غاية في الغرابة والشذوذ، وقد اعتاد هذا الشاب على التحرش بهذا الزميل
الملحد بكلمة هنا أو عبارة هناك، لأنه كان يرى الإلحاد غباوةً ما بعدها غباوة،
وبالتالي فإن هذا الملحد لابد أن يكون عبارة عن غباوة محضة في صورة إنسان، هكذا
صوّر له ذهنه الأمر!
وكان هذا الزميل الملحد يتجاوز عن إساءات زميله
المؤمن -وقتها- حتى فاض به الكيل في آخر مرة، فاندفع يرد عليه ويجابهه بالشبهة تلو
الأخرى، فألجمه وأفحمه!!
في هذه اللحظة اكتشف هذا الشاب أسئلة لم يكن
يعلم إجابتها، وأطروحات لا يعرف عنها شيئًا، وكان هذا هو أول الخيط الذي قاده في
نهايته إلى الإلحاد!
هذه الحكاية التي حكاها لي هذا الشاب قادتني
إلى معرفة سبب هام من أسباب وقوع الشباب في الإلحاد، وفي الانحرافات الفكرية
عمومًا، وهو أن كثيرًا من هؤلاء الشباب تكون معرفته ودرايته بدينه ضعيفة وهشة،
ليست قائمة على كبير علم أو عميق معرفة! لكنه رغم هذه المعرفة الهشة يكون لديه
ثقةٌ مبالغٌ فيها في معارفه وعلومه الدينية، ويتصور أنه يعلم عن دينه كل شيء، وأنه
لا شيء يغيب عن علمه ومعرفته!
هذا الصنف من الشباب المفعم بالغرور المعرفي
والثقة في غير محلها إذا صادفه سؤال عسير في الدين، أو شبهة مستعصية عليه، ولم يجد
للسؤال إجابةً أو للشبهة ردًا، ووجد أنه عاجزٌ عن الرد والإجابة، لا يعترف عندها
بجهله وقصوره المعرفي، بل يعتقد أنه طالما لا يعلم هو إجابة السؤال، فإنه لا توجد
إجابة للسؤال! فقصوره المعرفي في الدين تحول في نظره إلى قصور وجودي حقيقي في الدين
نفسه! فبدلاً من أن يلوم نفسه على جهله، يلوم الدين على خلوه -بزعمه- من الإجابات!
وهذا هو ما وقع للشاب الذي حاورته، فهو عندما جابهه الملحد بالشبهات، أسقط في يده ولم يتمكن من الرد عليه، بسبب محدودية علمه وقصور معرفته، لكنه لم يعترف بهذا! بل ظنّ أن هذه الشبهات ليس لها رد، وبالتالي تسلل إلى قلبه الشك في صحة دينه حتى وقع في الإلحاد!