باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
أجاب تقرير
نشرته صفحة "الحقيقة المطلقة" والمهتمة بالرد على الشبهات ومحاربة
الإلحاد، على سؤال هل يتعارض حديث القاتل والمقتول في النار مع وجود قتلى من
المبشرين بالجنة في الفتنة الكبرى بين الصحابة؟
وجاء في التقرير
أن هناك حادثتين في التاريخ الإسلامي فتحت للأمة باب فتنة لم يُغلق إلى يومنا هذا،
وهي من أكثر المواضيع التي كتبت فيه الأقلام الكاذبة لكن؛ لأن الدين الإسلامي
متميز دائما بعلم الإسناد فيستطيع التميز بين الروايات وأخذ الصحيح منها والموثوق، الأولى هي "معركة الجمل "،
والثانية هي "معركة
صفين".
وفي معركة الجمل
"إثبات نبوة الرسول محمد" فقلد تنبأ النبي ﷺ بموت الخليفة عثمان بن
عفان رضي الله عنه مظلوماً وشهيداً وبشره بالجنة ، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرَ
رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- فِتْنَةً فَمَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ « يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا
الْمُقَنَّعُ يَوْمَئِذٍ مَظْلُوماً ». قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ
بْنُ عَفَّانَ. (مسند أحمد مخرجا ١٠/١٦٩)، وعَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِىَّ - ﷺ - صَعِدَ
أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ « اثْبُتْ
أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِىٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ » . (صحيح البخاري
٥/٩)
كما تنبأ
أيضاً بحدوث هذه المعركتين حيث قال ﷺ : "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّى
تَقْتَتِلَ فِئَتانِ، دَعْواهُما " (صحيح البخاري ٩/١٧)، ودعواهما واحدة تعني أن كل فئة تسعى
للانتصار للحق والدفاع عنه بالاجتهاد والتأويل.
وقد أخبر النبي ﷺ
زوجاته بأن واحدة منهن ستنبحها كلاب الحوأب، حينها يجب عليها أن تعود وهذا ما حدث
مع أم المؤمنين عائشة، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه: أن عائشة رضي الله
عنها لما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء
الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا:
"كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب". فقال لها الزبير: ترجعين!! عسى
الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس. (صحيح ابن حبان - مخرجا ١٥/١٢٦)
سبب قتل الخليفة
عثمان بن عفان:
كان الخليفة
عثمان رضي الله عنه يعلم بأنه سيموت مقتولاً من حديث الرسول ﷺ، فأثناء خلافته
انتشرت الفتن بشكل كبير جداً في المدينة المنورة بسبب الأعراب والسبئيين، وحدث انقلاب
ضده، فحاصروا الخليفة عثمان حتى استطاعوا قتله وسقط شهيداً مظلوماً.
رد فعل الإمام
علي رضي الله عنه وموقفه من القصاص :
قال (ولَقَد طاش عَقْلِي يَوْم قت-ل عُثْمان وأنْكرت نَفسِي وجاؤوني
لِلْبيعَةِ فَقلت والله إنِّي لأستحيي أن أبايع قوما قتلوا عُثْمان وإنِّي لأستحيي
من الله أن أبايع وعُثْمان لم يدْفن بعد فانصرفوا فَلَمّا رَجَعَ النّاس فسألوني
البيعَة قلت اللَّهُمَّ إنِّي مُشفق مِمّا اقدم عَلَيْهِ ثمَّ جاءَت عَزِيمَة
فَبايَعت فَقالُوا يا أمِير المُؤمنِينَ فَكَأنَّما صدع قلبِي وقلت اللَّهُمَّ خُذ
مني لعُثْمان حَتّى ترْضى). رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين في ( المستدرك على
الصحيحين للحاكم ٣/١١١) ووافقه الذهبي، وهذا الحديث يوضح لنا أن كل الإشاعات
بأن الإمام علي كان مسروراً بالخلافة، ولم يطبق القصاص لعثمان متعمداً كانت كاذبة ،
وفق "التقرير".
فتمت مبايعة
الإمام على برضى جميع الصحابة في المدينة المنورة، فجاء عبد الله بن الزبير إلى
الإمام علي يطالبونه بالقصاص من قتلة عثمان لكن رد الإمام علي عليهم وقال."
كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم " (تاريخ الطبري ٤/٤٣٧)
فلم يستطع الإمام علي تطبيق القصاص ؛لعدم علمه بأعيانهم ولاختلاطهم
بجيشه وكثرتهم واستعدادهم للقتال، فكان يخاف من أن تحدث حرب أهلية في المدينة
وتزيد الأمور سوء، فقرر أن ينتظر حتى يهدأ الوضع ..
رد فعل بعض
الصحابة
:
سمعوا كلام علي
رضى الله عنه وصبروا أربعة أشهر بعد المبايعة، وشعروا أن القصاص لو تأخر أكثر
سيضيع دم خليفة المسلمين عثمان بن عفان، فقرروا الذهاب الى زوجات النبي ﷺ في مكة
المكرمة، وتحديداً إلى عائشة رضي الله عنها وطلبوا منها أن تخرج معهم إلى البصرة؛
لتحفيز المسلمين للمطالبة بالقصاص والإصلاح بين المسلمين؛ لأنها أمهم، ولها
مكانتها في قلوب جميع المسلمين فوافقت على الخروج معهم إلى البصرة...
لذلك نستنتج أن
عائشة وبعض الصحابة خرجوا للبصرة لا يريدون حرباً مع علي إنما الإصلاح والمطالبة
بالقصاص لعثمان رضي الله عنه
كيف حدثت معركة
الجمل:
عندما علم
الإمام علي بذلك، شعر بأنه نوع من الخروج عن الطاعة، وخشي تمز-ق الدولة الإسلامية
فجهز جيشه وسار إليهم ليردهم، وعندما وصل الإمام على الى البصرة، أرسل
القعقاع بن عمرو إلى طلحة والزبير يدعوهما إلى الألفة والجماعة، فذهب لعائشة رضى
الله عنها
حيث قال: أماه
ما أقدمك هذا البلد ؟ فقالت:
الإصلاح بين الناس، فرجع إلى علي وأخبره، فأعجه هو ذلك وأشرف القوم
على الصلح، فقام الإمام علي بالناس خطيباً، فذكر الإسلام
وسعادة أهله بالألفة والجماعة وقال "إني مرتحل غداً فارتحلوا، ولا يرتحل معي
أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس ( البداية والنهاية ط الفكر ٧/٢٣٧ )
فعندما علم
المنافقون من السبئيين وقتلة عثمان بأن الجيشين اجتمعوا على الصلح والألفة شعروا
بالهلع؛ لأن ذلك سيقويهم ويستطيعون بعد ذلك الانتقام منهم وأخذ قصاص الخليفة عثمان، وكان رئيسهم "عبد الله بن سبأ
المعروف بابن السوداء" حيث وصل عددهم الفين وخمسمائة وليس فيهم صحابي واحد
ولله الحمد
..
اجتمعوا وقالوا:
فإن كان علي اصطلح معهم فإنما اصطلح على دمائنا، فقال ابن السوداء (انشبوا الحرب
والقتال بين الناس ولا تدعوهم يجتمعون ). ( البداية والنهاية ط الفكر ٧/٢٣٧) فإذا بنفس الليلة قبل طلوع الفجر
تقسموا نصفين نصف ذهب لجيش عائشة ونصف لجيش علي رضي الله عنهما ،فبدأوا بالقتل
فيهم حتى يظن جيش عائشة أن جيش علي نقض الصلح وغدر بهم ،ويظن جيش علي بأن جيش
عائشة نقض الصلح وغدر بهم ! فحدثت حرب مفزعة ومرعبة وكان الجميع دعواهم واحدة
أحدهم يقول ( الله اكبر ) يقاتل أخاه الآخر الذي يقول ( الله اكبر أيضاً ) ؟
للدفاع عن النفس، فإنا لله وإنا إليه راجعون ..
حتى إذا رأتهم
عائشة رضى الله عنها ركبت الهودج على الجمل ومشيت بينهم بساحة القتال، لتحاول
إيقاف هذه الحرب؛ لأن كلاً من علي وعائشة لم يأتوا للحرب ولا يريدون إلا الصلح وما
ينفع المسلمين ،لكن لم يسمع لها أحد حتى أنتهت المعركة ،وكانت خسائر كثيرة من
المسلمين والصحابة رضوان الله عليهم جميعاً ..
رد فعل الإمام
علي من معركة الجمل:
لقد تمنى الموت
وترحم على الجميع ولم يرد أن أحدهم تجرأ بأن يكفر الآخر " ورد أن طلحة رضي الله عنه، قد أصيب
بسهم في ركبته فمات منه، وقد وقف عليه علي رضي الله عنه، فجعل يمسح عن وجهه
التراب، وقال: (رحمة الله عليك أبا محمد، يعز علي أن أراك مجدولاً تحت نجوم
السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري، والله لوددت أني كنت مت قبل لهذا اليوم
بعشرين سنة). ( البداية والنهاية ط الفكر ٧/٢٤٧ )
وقد ترك الزبير
القتال ونزل وادياً فتبعه عمرو بن جرموز فقتله وهو نائم غيلة، وحين جاء الخبر إلى
علي رضي الله عنه قال:" بشر قاتل ابن صفية بالنار. وجاء ابن جرموز معه سيف
الزبير، فقال علي: إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله"
(الجامع الكبير ١٧/٧٠١)
وعندما أرادت
عائشة الخروج من البصرة، بعث إليها علي بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع، واختار
لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسيرَّ معها أخاها محمد بن أبي
بكر - وكان في جيش علي - وسار علي معها مودعاً ومشيعاً أميالاً، وسرَّح بنيه معها
بقية ذلك اليوم.
ومن هذا نستنتج
أنه لا يوجد اي غل أو كره بين هؤلاء الصحابة وعلي رضى الله عنهم جميعاً، ولم يقصد
أحد أن تحدث هذه الحرب..
رد فعل أم
المؤمنين عائشة من معركة الجمل:
قد سألت عائشة
رضي الله عنه عمن قتل معها من المسلمين، ومن قت-ل من عسكر علي، فجعلت كلما ذكر لها
واحداً منهم ترحمت عليه ودعت له.
وودعت عائشة
الناس وقالت: يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في
القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتي لمن الأخيار، فقال علي:
صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في
الدنيا والآخرة. ( البداية والنهاية ط هجر ١٠/٤٧٢)
رأي أهل السنة
والجماعة:
ما حصل لم يكن
عن قصد لذلك الإمساك عن جميع الصحابة رضوان الله عليهم وأمنا عائشة حبيبة حبيب
الله، ونعلم جيداً أن كل منهم كان يريد مصلحة المسلمين ولم يقصدوا الضرر، والإسلام
دين يهتم بالنية قبل العمل، ولذلك لا يوجد تعارض بين حديث القا-تل
والمق-تول في النار وبين قتل احد المبشرين بالجنة في هذه المعارك لأنها كانت فتنة
ولم يتعمد أحد قت-ل الآخر حيث أن تكملة الحديث توضح سبب دخول المقتول في النار
فيقول (لأنه كان حريصاً على قت-ل أخيه) وهذا لم يتحقق في هذه الواقعة.