أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
أكد مركز "حصين" المختص في الرد على الشبهات، ومحاربة الإلحاد، أن خَيرُ مَا اكتَسَبَتْهُ النُّفُوسُ، وَأَعظَمُ مَا حَصَّلَتْه القَلُوبُ: مَعرِفَةُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفعَالِهِ، فَمَعرِفَةُ اللَّهِ أَصلُ العُلُومِ وَأَوَّلُهَا، وَأَشرَفُ الـمَعَارِفِ وَأَعلَاهَا وَأجَلُّهَا، قَالَ تَعَالَى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِرْ لِذَنبِكَ.
وتابع (في موضوع
خطبة الجمعة الذي ينشره كل أسبوع): كَيفَ لَا يُعَظَّمُ اللهُ سُبحَانَهُ وَكُلُّ
شَيءٍ يَدعُو إِلَى تَعظِيمِهِ وَإجِلَالِهِ، وَيُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَكَمَالِهِ: أَلَم
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماواتِ وَمَن فِي الأَرضِ
وَالشَّمسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيهِ العَذابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ
فَما لَهُ مِن مُكرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفعَلُ ما يَشاءُ.
كَيفَ لَا
يُعَظَّمُ وَهُوَ المَعبُودُ بِحَقٍّ وَلَا مَعبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَهُوَ
الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرضِ إِلَهٌ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ؟
كَيفَ لَا يُعَظَّمُ وَمِن عَظَمَتِهِ أَنَّ السّمَوَاتِ السَّبعَ
وَالأَرَضِينَ فِي يَدِهِ كَحَبَّةِ خَردَلٍ فِي يَدِ أَحَدِنَا؟ وقَالَ ﷺ: (يَطوِي اللَّهُ
السَّمَاوَاتِ يَومَ القِيَامَةِ ثُمَّ يَأخُذُهُنَّ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:
أَنَا المَلِكُ، أَينَ الجَبَّارُونَ؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطوِي
اللَّهُ الأَرَضِينَ، ثُمَّ يَأخُذُهُنَّ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَينَ
الجَبَّارُون؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟).
كَيفَ لَا
يُعظَّمُ وَالكُرسِيُّ خَلقٌ مِن مَخلُوقَاتِهِ، وَقَد وَسِعَ السّمَوَاتِ
وَالأَرضَ، بَل إِنّ السّمَوَاتِ وَالأَرضَ فِي الكُرسِيِّ كَحَلقَةٍ أُلقِيَتْ
فِي أَرضِ فَلَاةٍ؟
كَيفَ لَا يُعظَّمُ وَقَد (أَطَّتِ السَّماءُ وحُقَّ لَها أَن
تَئِطَّ؛ ما فِيهَا مَوضِعُ أَربعِ أَصَابِعَ إلا ومَلَكٌ واضِعٌ جَبهَتَهُ
سَاجِدًا للهِ)، ويَقُولُ ﷺ: (أُذِنَ لِي أَن أُحَدِّثَ عَن
مَلَكٍ مِنَ مَلَائِكَةِ اللهِ مِن حَمَلَةِ العَرشِ، مَا بَينَ شَحمَةِ أُذُنِهِ
إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبعِ مِائَةِ عَامٍ).
وأردف: إِذَا
كَانَت هَذِهِ عَظَمَةَ بَعضِ مَخلُوقَاتِهِ فَكَيفَ بِعَظَمَةِ العَلِيِّ
العَظِيمِ سُبحَانَهُ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ؟
وشدد على أن اللَّهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ أَكبَرُ
وَأَجَلُّ وَأَعظَمُ مِن كُلِّ شَيءٍ، يَمتَنِعُ عليهِ النَّقصُ سُبحَانَه، لَا
يُدرِكُ العِبَادُ كُنهَ صِفَاتِهِ، وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ إِلَّا
بِمَا شَاءَ، وَهُمْ أَقَلُّ مِن أَن يَنَالُوا مِن عِزّتِهِ وَكِبرِيَائِهِ،
فَهُوَ سُبحَانَهُ الَّذِي لَا تَنفَعُهُ طَاعَةُ مَن أَطَاعَ، وَلَا تَضُرُّهُ
مَعصِيَةُ مَن عَصَى، وفِي الحَدِيثِ القُدسِيِّ: (يَا عِبَادِي
إِنَّكُم لَن تَبلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَن تَبلُغُوا نَفعِي
فَتَنفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَو أَنَّ أَوَّلَكُم وَآخِرَكُم وَإِنسَكُم
وَجِنَّكُم كَانُوا عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُم مَا زَادَ ذَلِكَ فِي
مُلكِي شَيئًا، يَا عِبَادِي لَو أَنَّ أَوَّلَكُم وَآخِرَكُم وَإِنسَكُم
وَجِنَّكُم كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُم مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن
مُلكِي شَيئًا)، وَمَعَ كَمَالِ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى،
إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِن النّاسِ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ، وَلَا
شَكَرُوهُ حَقَّ شُكرِهِ، وَلَا عَظّمُوهُ حَقَّ تَعظِيمِهِ.
ووصال: فَلَم
يُعَظِّمِ اللَّهَ تَعَالَى مَنِ استَكبَرَ عَن عِبَادَتِهِ، وَأَعرَضَ عَن
طَاعَتِهِ، وَابتَغَى التَّحَرُّرَ عَن شَرِيعَتِهِ، بِاستِحلَالِ المُنكَرَاتِ،
وَالِانفِلَاتِ فِي السِّيِّئَاتِ، ولَم يُعَظِّمِ اللَّهَ تَعَالَى مَن
عَبدَ مَعَهُ غَيرَهُ، فَاتّخَذَ مِن دُونِهِ وَلِيًّا يَتَقَرّبُ إِلَيهِ
وَيَدعُوه، وَيَخَافُهُ وَيَرجُوه، وَمَا هُوَ إِلَّا مَخلُوقٌ ضَعِيفٌ مِن
مَخلُوقَاتِهِ، فَقِيرٌ إِلَى نِعَمِهِ وَمَكرُمَاتِهِ، لَم يُعَظِّمِ اللَّهَ تَعَالَى مَنِ
اعتَرَضَ عَلَى قَضَائِهِ وَتَقدِيرِهِ، وَأَسَاءَ الظَّنَّ فِي حِكمَتِهِ
وَتَدبِيرِهِ، فَلَم يُقَابِلْ أقدارَه بِالرِّضَا وَالاصطِبَارِ، بَل قابَلها
بِالجَزَعِ والسُّخطِ وَالإدبارِ.
واستطرد: لَم
يُعَظِّمِ اللَّهَ مَن ظَنّ أَنَّ دِينَهُ خَاسِرٌ، لَمّا رَآهُ قَد تَمَالَأَ
عَلَيهِ الكُفّارُ بِعَتَادِهِم وقُواهُم، فَتَرَبّصَ بِالإِسلَامِ الدَّوَائِر،
وَذَهَبَ يُوَالِي أَعدَاءَ الدِّينِ ويَطلُبُ رِضَاهُم، ولَم يُعَظِّمِ اللَّهَ تَعَالَى مَنِ
اعتَقَدَ أَنَّ شَرعَهُ لَا يُنَاسِبُنَا اليَومَ، وَأَنَّ فِي كِتَابِهِ
وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ مَا يُخَالِفُ العَقلَ أَو العُلُومَ، فَأَظلَمَت فِي
قَلبِهِ أَخبَارُ اللَّهِ وَأَحكَامُهُ، وَاضطَرَبَ مِنهُ يَقِينُهُ وَإِسلَامُهُ.
واختتم: إِنّمَا
عَظَّمَ اللَّهَ مَنِ امتَلَأَ قَلبُهُ إِجلَالًا لَهُ، وَتَوحِيدًا
لِإِلَهِيّتِهِ، وَتَصدِيقًا بِوَحيِهِ، وَتَسلِيمًا لِشَرعِهِ وَقَدَرِهِ،
وَحُسنَ ظَنٍّ بِوَعدِهِ وَنَصرِهِ، فَصَحَّ مِنهُ الإِيمَانُ، وَاستَقَامَ مِنهُ
اللِّسَانُ وَالأَركَانُ.