أمين "البحوث الإسلامية": تفسير القرآن حسب «الرؤى» غاية مسمومة تسعى لضياع هيبته وإسقاط أحكامه
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
أكد مركز حصين المختص في الرد على الشبهات، إن خَيرُ مَا اكتَسَبَتْهُ النُّفُوسُ، وَأَعظَمُ مَا حَصَّلَتْه القَلُوبُ هو مَعرِفَةُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفعَالِهِ، فَمَعرِفَةُ اللَّهِ أَصلُ العُلُومِ وَأَوَّلُهَا، وَأَشرَفُ الـمَعَارِفِ وَأَعلَاهَا وَأجَلُّهَا، قَالَ تَعَالَى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِرْ لِذَنبِكَ.
وذكر (في خطبة الجمعة) التي نشرها
اليوم أن مَعرِفَةُ
اللَّهِ وَعِبَادَتُهُ هِيَ الغَايَةُ مِنَ الخَلقِ وَالأَمرِ، فقَالَ سُبحَانَهُ:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرضِ مِثلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ
الأَمرُ بَينَهُنَّ لِتَعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ
اللَّهَ قَد أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمًا.
وأوضح أنه بِمَعرِفَتِهِ سُبحَانَهُ تَنشَرِحُ الصُّدُورُ، وتَأنَسُ
النُّفُوسُ، وَيَتَحَقَّقُ اليَقِينُ، وَتَعمُرُ القَلُوبُ، وَتَمتَلِئُ مَحَبَّةً
وَإجِلَالًا لِرَبِّ العَالَمِينَ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ بِجَمَالِهِ
وَجَلَالِهِ، وَأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، أَحَبَّهُ وَعَظَّمَهُ لَا مَحَالَةَ.
وتابع: وَقَد كَانَ أَنبِيَاءُ اللَّهِ
أَعرَفَ النَّاسِ بِرَبِّهِم، وَأَكثَرَهُم تَعظِيمًا لَهُ، فَهَذَا إِبرَاهِيمُ
عَلَيهِ السَّلَامُ يُعلِنُهَا فِي قَومِهِ: قَالَ أَفَرَأَيتُم مَا كُنتُم
تَعبُدُونَ * أَنتُم وَآبَاؤُكُمُ الأَقدَمُونَ * فَإِنَّهُم عَدُوٌّ لِي إِلَّا
رَبَّ العَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطعِمُنِي
وَيَسقِينِ * وَإِذَا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ
يُحيِينِ * وَالَّذِي أَطمَعُ أَن يَغفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَومَ الدِّينِ، وَهَذَا
نُوحٌ عَلَيهِ السَّلَامُ يُعَرِّفُ قَومَهُ بِرَبِّهِ، وَيَدعُوهُم إِلَى
تَعظِيمِهِ: مَا لَكُم لَا تَرجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَد خَلَقَكُم أَطوَارًا
* أَلَم تَرَوا كَيفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ
القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِنَ
الأَرضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُم فِيهَا وَيُخرِجُكُم إِخرَاجًا * وَاللَّهُ
جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ بِسَاطًا * لِتَسلُكُوا مِنهَا سُبُلًا فِجَاجًا، وَهَذَا
مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ يُعَرِّفُ فِرعَونَ بِرَبِّهِ حِينَ سَأَلَهُ عَنهُ:
قَالَ فِرعَونُ وَمَا رَبُّ العَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ
وَمَا بَينَهُمَا إِن كُنتُم مُوقِنِينَ، وَنَبِيُّنَا ﷺ أَعظَمُ مَن عَرَّفَ
بِاللَّهِ، فَلَم يَأتِ تَفصِيلٌ لِبَيَانِ كَمَالَاتِ الرَّبِّ أَعظَمَ مِمَّا
جَاءَ بِهِ، وَالقُرآنُ مِن أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ شَاهِدٌ بِذَلِكَ.
وأوضح أن لِرَبِّنَا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى
العَظَمَةُ وَالكَمَالُ المُطلَقُ مِن كُلِّ وَجهٍ، فَهُوَ العَظِيمُ فِي ذَاتِهِ،
العَظِيمُ فِي أَسمَائِهِ، العَظِيمُ فِي صِفَاتِهِ وَأَفعَالِهِ، العَظِيمُ فِي
شَرعِهِ وَخَلقِهِ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا
تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَومٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ مَنْ
ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذنِهِ يَعلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا
خَلفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ
كُرسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ
العَظِيمُ.
وأردف: كَيفَ لَا يُعَظَّمُ اللهُ سُبحَانَهُ
وَكُلُّ شَيءٍ يَدعُو إِلَى تَعظِيمِهِ وَإجِلَالِهِ، وَيُسَبِّحُ بِحَمدِهِ
وَكَمَالِهِ: أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماواتِ وَمَن
فِي الأَرضِ وَالشَّمسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبالُ وَالشَّجَرُ
وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيهِ العَذابُ وَمَن
يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُكرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفعَلُ ما يَشاءُ، وكَيفَ لَا يُعَظَّمُ وَهُوَ المَعبُودُ
بِحَقٍّ وَلَا مَعبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ
وَفِي الأَرضِ إِلَهٌ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ؟ وكَيفَ لَا يُعَظَّمُ وَمِن عَظَمَتِهِ
أَنَّ السّمَوَاتِ السَّبعَ وَالأَرَضِينَ فِي يَدِهِ كَحَبَّةِ خَردَلٍ فِي يَدِ
أَحَدِنَا؟
وكَيفَ
لَا يُعظَّمُ وَالكُرسِيُّ خَلقٌ مِن مَخلُوقَاتِهِ، وَقَد وَسِعَ السّمَوَاتِ
وَالأَرضَ، بَل إِنّ السّمَوَاتِ وَالأَرضَ فِي الكُرسِيِّ كَحَلقَةٍ أُلقِيَتْ
فِي أَرضِ فَلَاةٍ؟ وكَيفَ لَا يُعظَّمُ وَقَد (أَطَّتِ السَّماءُ
وحُقَّ لَها أَن تَئِطَّ؛ ما فِيهَا مَوضِعُ أَربعِ أَصَابِعَ إلا ومَلَكٌ واضِعٌ
جَبهَتَهُ سَاجِدًا للهِ)، ويَقُولُ ﷺ: (أُذِنَ لِي أَن أُحَدِّثَ
عَن مَلَكٍ مِنَ مَلَائِكَةِ اللهِ مِن حَمَلَةِ العَرشِ، مَا بَينَ شَحمَةِ
أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبعِ مِائَةِ عَامٍ).
واختتم: فَإِذَا كَانَت هَذِهِ عَظَمَةَ بَعضِ مَخلُوقَاتِهِ فَكَيفَ بِعَظَمَةِ العَلِيِّ العَظِيمِ سُبحَانَهُ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ؟