«زَوَالُ النِّعَمِ وَحُلُولُ المَصَائِبِ».. مركز حصين يحذر من آثار الذنوب.. ويؤكد: الإنسان خلق للعبادة

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 27 أبريل 2023, 03:19 صباحا
  • 572

قال مركز حصين، والمختص في الرد على الشبهات، ومحاربة الإلحاد، إن الله مَا خَلَقَنَا فِي هَذِهِ الدُّنيَا إِلَّا لِعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْتُ الجِنّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ، فَمَتَى استَقَمْنَا عَلَى هَذِهِ العِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ فُزْنَا بِخَير الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ خَرَجْنَا عَن هَذِهِ العِبَادَةِ بِالمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ فَتَحْنَا عَلَى أَنفُسِنَا أَبوَابَ الشَّقَاءِ وَالعَذَابِ، قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ أَنّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِن كَذّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ.

 

وحذر المركز في موضوع خطبة الجمعة، والذي نشره عبر موقعه الرسمي من خطورة الذنوب، مشيرا إلى أن الذُّنُوبُ تَنقَسِمُ إِلَى أَربَعَةِ أَنوَاعٍ - كَمَا ذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَلَكِيَّةٍ، وَشَيطَانِيَّةٍ، وَسَبُعِيَّةٍ، وَبَهِيمِيَّة.

فَالذُّنُوبُ الـمَلَكِيَّةُ: أَن يُحَاوِلَ العَبدُ الاتّصافَ بمَا لا يجُوز لَهُ مِن صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ: كَالعَظَمَةِ، وَالكِبرِيَاءِ، وَالجَبَرُوتِ، وَالقَهرِ، وَالعُلُوِّ، وَاستِعْبَادِ الخَلقِ، وَنَحوِ ذَلِكَ. وَيَدخُلُ فِي هَذَا: الشِّركُ بِالرَّبِّ تَعَالَى، وَالقَولُ عَلَيهِ بِلَا عِلمٍ. فَمَن كَانَ مِن أَهلِ هَذِهِ الذُّنُوبِ فَقَد نَازَعَ اللَّهُ سُبحَانَهُ رُبُوبِيَّتَهُ وَمُلكَهُ، وَجَعَلَ لَهُ نِدًّا، وَهَذَا أَعظَمُ الذُّنُوبِ عِندَ اللَّهِ، وَلَا يَنفَعُ مَعَهُ عَمَلٌ.

 

وَأَمَّا الذُّنُوبُ الشَّيطَانِيَّةُ: فَالتَّشَبُّهُ بِالشَّيطَانِ فِي الحَسَدِ، وَالبَغيِ، وَالغِشِّ، وَالأَمرِ بِمَعَاصِي اللَّهِ وَتَحسِينِهَا، وَالنَّهيِ عَن طَاعَتِهِ وَتَهجِينِهَا، وَالِابتِدَاعِ فِي دِينِهِ، وَالدَّعوَةِ إِلَى البِدَعِ وَالضَّلَالِ. وَهَذَا النَّوعُ يَلِي النَّوعَ الأَوَّلَ فِي المَفسَدَةِ، وَإِن كَانَت مَفسَدَتُهُ دُونَهُ.

 

وَأَمَّا الذُّنُوبُ السَّبُعِيَّةُ: فَأَن يتشبّهَ العبدُ بالسِّباع الضّارية، وذَلكَ بِالعُدوَانِ وَالغَضَبِ، وَسَفكِ الدِّمَاءِ، وَالتَّوَثُّبِ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالعَاجِزِينَ، وَالجُرأَةِ عَلَى الظُّلمِ وَالعُدوَانِ.

 

وَأَمَّا الذُّنُوبُ البَهِيمِيَّةُ: فَمِثلُ الشَّرَهِ، وَالحِرصِ عَلَى قَضَاءِ شَهوَةِ البَطنِ وَالفَرْجِ، وَمِنهَا يَتَوَلَّدُ الزِّنَى، وَالسَّرِقَةُ، وَأَكلُ أَموَالِ اليَتَامَى، وَالبُخلُ، وَالشُّحُّ، وَالجُبنُ، وَالهَلَعُ، وَالجَزَعُ، وَغَيرُ ذَلِكَ. وَهَذَا القِسمُ أَكثَرُ ذُنُوبِ الخَلقِ؛ وَمِنهُ يَدخُلُونَ إِلَى سَائِرِ الأَقسَامِ، فَالشَّيطانُ يَجُرّهُم إِلَيهَا بِالزِّمَامِ، فَيَدخُلُونَ مِنهُ إِلَى الذُّنُوبِ السَّبُعِيَّةِ، ثُمَّ إِلَى الشَّيطَانِيَّةِ، ثُمَّ إِلَى مُنَازَعَةِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالشِّركِ فِي الوَحدَانِيَّةِ.

 وبين أن  خَطَرَ الذُّنُوبِ عَلَى العَبدِ كَبِيرٌ، وَعَوَاقِبَهَا وَخِيمَةٌ، وَآثَارَهَا أَلِيمَةٌ، وَضَرَرَهَا فِي القُلُوبِ كَضَرَرِ السُّمُومِ فِي الأَبدَانِ، وَهَل فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ إِلَّا وَسَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالمَعَاصِي؟

 

 

ومِن آثَارِ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي في الدّنيا:

 

أَوَّلًا: قَسوَةُ القَلبِ: فَإِنَّ الذُّنُوبَ إِذَا تَرَاكَمَت عَلَى القَلبِ طُبِعَ عَلَيهِ، وَتَغَطّى بِالرَّانِ، قَالَ تَعَالَى: كَلَّا بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكسبونَ، قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: «وَأَصلُ هَذَا أَنَّ القَلبَ يَصدَأُ مِن المَعصِيَةِ، فَإِن زَادَتْ غَلَبَ الصَّدَأُ حَتَّى يَصِيرَ رَانًا، ثُمَّ يَغلِبُ حَتَّى يَصِيرَ طَبْعًا وَقَفْلًا وَخَتْمًا، فَيَصِيرُ القَلبُ فِي غِشَاوَةٍ وَغِلَافٍ».

 

ثَانِيًا: فُقدَانُ لَذَّةِ العُبُودِيَّةِ وَحَلَاوَةِ الطَّاعَةِ، وَهَذَا المُصِيبَةُ الكُبرَى، وَالبَاقِعَةُ العُظمَى، فَأَيُّ طَعْمٍ لِلحَيَاةِ بِدُونِ ذَوقِ لَذَّةِ العُبُودِيَّةِ لِلَّهِ؟ وَأَيُّ جَمَالٍ لِلعَيشِ بِدُونِ استِشعَارِ حَلَاوَةِ طَاعَةِ اللَّهِ؟ فَكَم مِن عَبدٍ نَظَرَ ببَصَرِهِ إلى الحرامِ فَحُرِمَ البَصِيرَة، أو تكلّمَ بِما لا يُرضي اللهَ فضلَّ سَعيُهُ، أو أكَلَ ما لا يَحِلّ لَهُ فَأَظلَمَ قَلبُهُ وحُرِمَ حَلاوَةَ مُناجَاةِ ربِّه، عِياذًا باللهِ من غَضَبِه وسَخَطِهِ.

 ثَالِثًا: إِلْفُ المَعَاصِي وَمَحَبّتُهَا، وَتَعَلُّقُ القَلبِ بِهَا: فَإِنَّ المَعصِيَةَ تَدعُو أُختَهَا، وَتُزَيّنُ صَاحِبَتَهَا، وَقَد تَقُودُهُ مَعَاصِيهِ شَيئًا فَشَيئًا إِلَى تَركِ دِينِهِ - وَالعِيَاذُ بِاللهِ -. قَالَ بَعضُ السَّلَفِ: إِنَّ مِنْ عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعدَهَا، وَإِنَّ مِنْ ثَوَابِ الحَسَنَةِ الحَسَنَةَ بَعدَهَا.

 

رَابِعًا: نُفُورُ أَهلِ الخَيرِ وَالصَّلَاحِ عَنهُ، وَنُفُورُهُ عَنْهُم: فَلَا يَألَفُونَهُ وَلَا يَألَفُهُم، وَلَا يُجَالِسُونَهُ وَلَا يُجَالِسُهُم، فَيَفقِدُ حَلَاوَةَ مُصَاحَبَتِهِم فِي الدُّنيَا، وَيَفقِدُ دُعَاءَهُم لَهُ وَشَفَاعَتَهُم فِيهِ بَعدَ مَوتِهِ، وَقَد يَفقِدُ مَعِيّتَهُم فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ، فَإِنَّ المَرءَ مَعَ مَنْ أَحَبّ.

 

خَامِسًا: حِرمَانُ العِلمِ الشَّرعِيِّ، فَإِنَّ العِلمَ نُورٌ يَقذِفُهُ اللَّهُ فِي القَلبِ، وَصَاحِبُ المَعَاصِي قَد أَظلَمَ قَلبُهُ، فَلَم يَعُدْ مَحَلًّا لِنُورِ العِلمِ، وَلَمَّا جَلَسَ الشَّافِعِيُّ بَينَ يَدَي مَالِكٍ رَحِمَهُما اللَّهُ وَقَرَأَ عَلَيهِ أَعجَبَهُ مَا رَأَى مِن ذَكَائِهِ وفَهمِهِ؛ فَقَالَ: «إِنِّي أَرَى اللَّهَ قَد أَلقَى عَلَى قَلبِكَ نُورًا، فَلَا تُطفِئْهُ بِظُلمَةِ المَعصِيَةِ».

 

سَادِسًا: زَوَالُ النِّعَمِ وَحُلُولُ المَصَائِبِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ: مِن فَقرٍ، وَمَرَضٍ، وَخَوفٍ، وَتَسَلُّطِ أَعدَاءٍ، وَزَلَازِلَ، وَبَرَاكِينَ، وَأَعَاصِيرَ، وَفَيَضَانَاتٍ، وَخَسفٍ، وَمَسخٍ، وَقَذفٍ، إِلَى غَيرِ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ.

 

تعليقات