عزة عز الدين تكتب: شعاع من الماضي القريب

  • عزة عز الدين
  • الإثنين 10 أبريل 2023, 04:25 صباحا
  • 731

كنتُ أعتقد أن المنعطفات في حياة الإنسان ناتجة فقط عن الصدمات أو ربما الأزمات، حتى أطلتُ النظر فيما أصبحت عليه البيوت الآن، فأدركتُ أننا في منعطفٍ من أقسى المنعطفات، لست أدري منتهاه، فقط أدركُ قسوتَه في هذا التفرق  بين فروع العائلة، بل في أفراد الأسرة الواحدة، نادراً ما تجمعهم حلقة نقاشية، أو مائدة طعام أو حتى جلسة سمر،  ازدادت الفجوة حد الهلع بين ما كانت عليه بيوت آبائنا وما صارت عليه البيوت الآن، المقارنة لن تحسم لصالح أحد حسب رأي أبنائنا الذين غمرتهم طفرة مختلفة في كل شئ، بدءاً من الخطوة الأولى في الشارع بكلِّ سلبياتِه من تشوه الطرقات، ، والتلوث السمعي بالشتائم والألفاظ البذيئة، والأغاني الهابطة، والبصري بكتل القمامة بل وأشكال الملابس المستفزة،  مروراً بأساليب المعاملة بين الناس، تحفز واستفزاز وإساءة أدب، ثم انتهاءً بما أفسدَ البيوت من دراما تليفزيونية تفرض على البيت المصري مبادئ وتقاليد مغايرة تماماً لديننا وأعرافنا وكل ما تربينا عليه.

 

أما نحن " الجيل السابق" فالمقارنة محسومة بلا جدال لصالحنا، نحن الجيل الذي تربى على الأدب  والدفء والطاعة والود  وأشياء أخرى كثيرة، جميلة، أزعم أننا أسعد حظاً بكل تفاصيلنا، لو تذكرت فقط  هذا الترابط العائلي واحترام الكبار ودفء الشوارع والبيوت، وود الجيران، أو لو انتقلتُ للدراما الهادفة التي ارتقت بالوجدان وأثارت في النفسِ عناوين الجمال، ربّت وجمّلت وأسعدت وارتقت، أو التعليم واحترام المدرس وقدسية المنظومة التعليمية و و و.   نحن فعلاً أسعد حظاً.

 

كم تؤلمني البيوت الباردة التي انفصل كل فرد فيها واستقل في غرفتِه الخاصة حاملاً هاتفه، محدقاً في شاشتِه، حتى غابَ في عالمِه الافتراضي الذي استقطب كل ذراته فلم يتبقى منها حتى ما يلبي النداء.

وكم تغمرني الحيرة وأنا أبحثُ عن أمل في استدعاء ولو شعاع _ فقط شعاع_ من الماضي القريب.

تعليقات