أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
قال مركز حصين إِنَّ العُبُودِيَّةَ الكُبرَى لِلمُؤمِنِ فِي هَذِهِ العَشرِ المُبَارَكَاتِ هِيَ قِيَامُهُ فِي اللَّيلِ بَينَ يَدَي رَبِّهِ وَمَولَاهُ، حَيثُ يَقرَأُ كَلَامَ رَبِّهِ، فَيَنفَتِحُ لَهُ قَلبُهُ، وَيَتَوَاطَأُ القَلبُ وَاللِّسَانُ عَلَى فَهمِهِ وَتَدَبّرِهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطئًا وَأَقوَمُ قِيلًا، أَي: أَشَدُّ مُوَاطَأَةً بَينَ القَلبِ وَاللِّسَانِ، فَيَقرَأُ اللِّسَانُ وَيَتَفَهّمُ القَلبُ.
وتابع في (خطبة الجمعة التي ينشرها
كل أسبوع عبر موقعه الرسمي): أَهلُ قِيَامِ اللَّيلِ حَقًّا هُمُ الَّذِينَ يَقرَؤُونَ القُرآنَ
وَهَمُّ أَحَدِهِم -كَمَا يَقُولُ الآجُرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:- «الفَهمُ لِمَا أَلزَمَهُ
اللَّهُ: مِنَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ، وَالِانتِهَاءِ عَمَّا نَهَى، هِمَّتُهُ:
مَتَى أَستَغنِي بِاللَّهِ عَن غَيرِهِ؟ مَتَى أَكُونُ مِنَ المُتَّقِينَ؟ مَتَى
أَكُونُ مِنَ المُحسِنِينَ؟ مَتَى أَكُونُ مِنَ المُتَوَكِّلِينَ؟ مَتَى أَكُونُ
مِنَ الخَاشِعِينَ؟ مَتَى أَكُونُ مِنَ الصَّابِرِينَ؟ مَتَى أَعقِلُ عَنِ اللَّهِ
الخِطَابَ؟ مَتَى أَفقَهُ مَا أَتلُو؟ مَتَى أَغلِبُ نَفسِي عَلَى مَا تَهوَى؟
مَتَى أُجَاهِدُ فِي اللَّهِ حَقَّ الجِهَادِ؟ مَتَى أَكُونُ بِزَجْرِ القُرآنِ
مُتَّعِظًا؟ مَتَى أَكُونُ بِذِكرِهِ عَن ذِكرِ غَيرِهِ مُشتَغِلًا؟».
وشدد على أن النَّبِيُّ ﷺ وَأَصحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحسَانٍ كانوا يَتَدَبّرُونَ
القُرآنَ فِي قِيَامِهِم بِاللَّيلِ، وَيُحَرّكُونَ بِهِ قُلُوبَهُم فَعَن أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنهُ قَالَ: «قَامَ النَّبِيُّ ﷺ بِآيَةٍ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصبَحَ، وَهِيَ
قَولُ اللَّهِ تَعَالَى: إِن تُعَذِّبهُم فَإِنَّهُم عِبَادُكَ الآية». رواه
النسائي وابن ماجه، وَقَالَ إِسحَاقُ بنُ إِبرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ: «مَا رَأَيتُ أَحَدًا أَخوَفَ عَلَى نَفسِهِ وَلَا أَرجَى
لِلنّاسِ مِنَ الفُضَيلِ [بنِ عِيَاضٍ]، كَانَت قِرَاءَتُهُ حَزِينَةً، شَهِيَّةً،
بَطِيئَةً، مُتَرَسِّلَةً، كَأَنّهُ يُخَاطِبُ إِنسَانًا، وَكَانَ إِذَا مَرَّ
بِآيَةٍ فِيهَا ذِكرُ الجَنَّةِ، يُرَدِّدُ فِيهَا وَيَسأَلُ».
وَقَالَ
التَّابِعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لَأَن أَقرَأَ
فِي لَيلَةٍ حَتَّى أُصبِحَ: إِذَا زُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزَالَهَا، والقَارِعَة،
لَا أَزِيدُ عَلَيهِمَا، وَأَتَرَدّدُ فِيهِمَا وَأَتَفَكّرُ، أَحَبُّ إِلَيّ مِن
أَن أَهدِرَ القُرآنَ هَدْرًا».
وَقَالَ عَبدُ الرَّحمَنُ بنُ عَجلَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «بِتُّ
عِندَ الرَّبِيعِ بنِ خُثَيمٍ ذَاتَ لَيلَةٍ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَمَرَّ بِهَذِهِ
الآيَةِ: أَم حَسِبَ الَّذِينَ اجتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَجْعَلَهُم
كَالّذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاءً مَحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَاءَ
مَا يَحكُمُون. فَمَكَثَ لَيلَتَهُ حَتَّى أَصبَحَ مَا جَاوَزَ هَذِهِ الآيَةَ
إِلَى غَيرِهَا، بِبُكَاءٍ شَدِيدٍ».
وَقَالَ
مُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «صَلَّيتُ خَلفَ عُمَرَ بنِ عَبدِ
العَزِيزِ، فَقَرَأَ: وَقِفُوهُم إِنَّهُم مَسئُولُونَ، فَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا،
لَا يَستَطِيعُ أَن يُجَاوِزَهَا»، يَعنِي: مِن البُكَاءِ.
وَقَامَ
الحَسَنُ البَصرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِن اللَّيلِ يُصَلِّي، فَلَم يَزَل
يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى أَسحَرَ: وَإِن تَعُدُّوا نِعمَتَ اللَّهِ لَا
تُحصُوهَا، فَلَمَّا أَصبَحَ قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ لَم تَكُن تُجَاوِزُ
هَذِهِ الآيَةَ سَائِرَ اللَّيلَةِ! قَالَ: «إِنَّ فِيهَا مُعتَبَرًا، مَا تَرفَعُ
طَرَفًا وَلَا تَرُدُّ إِلَّا وَقَعَ عَلَى نِعمَةٍ، وَمَا لَا نَعلَمُ مِن نِعَمِ
اللَّهِ أَكثَرُ!».
واختتم: فَاعتَبِرْ
بِأُولَئِكَ الصَّالِحِينَ فِي تَدَبُّرِهِم، وَتَشَبّهْ بِأَحوَالِهِم، وَسِرْ
عَلَى دَربِهِم، تَحمَدِ العَاقِبَةِ فِي الدُّنيَا، وَتَكُن مِنَ الفَائِزِينَ
فِي الآخِرَةِ.