ما سبب عدم التأثّر بالقرآن اليوم مع انتشاره؟

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 01 أبريل 2023, 00:13 صباحا
  • 346

قال مركز حصين، والمختص في الرد على الشبهات، ومحاربة الإلحاد، إنه لَيسَ أَعظَمَ فِي وَصفِ تَأثِيرِ القُرآنِ عَلَى القُلُوبِ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ الـمُتَكَلّمُ بِهِ إِذ يَقُولُ: لو ‌أَنزَلنَا ‌هَذَا القُرآنَ ‌عَلَى ‌جَبَلٍ ‌لَرَأَيتَهُ ‌خَاشِعًا ‌مُتَصَدِّعًا ‌مِن ‌خَشيَةِ ‌اللَّهِ، ويقول تعالى: ‌اللَّهُ ‌نَزَّلَ ‌أَحسَنَ الحَدِيثِ ‌كِتَابًا ‌مُتَشَابِهًا ‌مَثَانِيَ ‌تَقشَعِرُّ ‌مِنهُ ‌جُلُودُ ‌الَّذِينَ ‌يَخشَونَ ‌رَبَّهُم ‌ثُمَّ ‌تَلِينُ ‌جُلُودُهُم ‌وَقُلُوبُهُم ‌إِلَى ‌ذِكرِ ‌اللَّهِ. ويقول جلّ وعلا: ‌أَوَلَم ‌يَكفِهِم ‌أَنَّا ‌أَنزَلنَا ‌عَلَيكَ الكِتَابَ ‌يُتلَى ‌عَلَيهِم. ويقول سبحانه: ‌وَإِذَا ‌تُلِيَتْ ‌عَلَيهِم ‌آيَاتُهُ ‌زَادَتهُم ‌إِيمَانًا. ويقول سبحانه: ‌وَإِذَا ‌سَمِعُوا ‌مَا ‌أُنزِلَ ‌إِلَى ‌الرَّسُولِ ‌تَرَى ‌أَعيُنَهُم ‌تَفِيضُ ‌مِنَ ‌الدَّمعِ ‌مِمَّا ‌عَرَفُوا ‌مِنَ الـحَقِّ، إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِن أَوصَافٍ صَدّقَهَا البُرهَانُ وَالعِيَانُ، فَوَافَقَ الـخُبْرُ الـخَبَرَ.

وأوضح (في خطبة الجمعة التي نشرها على موقعه اليوم)، أنّ القُرآنَ الَّذِي صَنَعَ جِيلَ الصّحَابَةِ لَا يَزَالُ يُقرَأُ فِينَا اليَومَ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أُنزِلَ، فَيُتلَى عَلَى مَسَامِعِنَا فِي الصَّلَوَاتِ، وَفِي وَسَائِلِ الإِعلَامِ وَالتَّلفَزَةِ، وَالمَصَاحِفُ تُطبَعُ بِالآلَافِ المُؤَلّفَةِ، لَكِنّ أَثَرَ القُرآنِ فِينَا لَيسَ هُوَ الأَثَرَ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ الجِيلَ الفَرِيدَ.

وبين أنّ الخَلَلَ لَيسَ فِي القُرآنِ، فَإِنَّ المَاءَ الرّاوِيَ هُوَ المَاءُ، لَكِنّ الخَلَلَ فِي الأَرضِ المُنبِتَةِ، الَّتِي كَانَت يَومًا خَصْبَةً، لَكِنْ صَارَ أَكثَرُهَا اليَومَ سَبْخَةً، إِلَّا مَن رَحِمَ اللَّهُ.

وأكد أنّ الخَلَلَ هُوَ فِيمَا رَانَ عَلَى القُلُوبِ مِن الغِشَاوَاتِ، وَخَالَطَهَا مِن الأَدرَانِ وَالآفَاتِ، إِنَّهَا الأَقفَالُ الَّتِي حَجَبَت القُلُوبَ عَن التَّدَبُّرِ، فَصَارَ القُرآنُ عِندَ كَثِيرِينَ أَلفَاظًا تَمُرّ عَلَى اللِّسَانِ، لَكِنّهَا لَا تَبلُغُ الجنَانَ: ‌أَفَلَا ‌يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ ‌أَمْ ‌عَلَى ‌قُلُوبٍ ‌أَقفَالُهَا.

وذكر: إِنّهُ مِنَ الحِرمَانِ أَنْ يَكُونَ فِي الأُمَّةِ مَادّةُ حَيَاتِهَا، وَنُورُ أَبصَارِهَا، وَسَبَبُ فَلَاحِهَا وَعِزّتِهَا، ثُمّ تَظَلَّ غَافِلَةً فِي سُبَاتِهَا، تَائِهَةً فِي حَيرَتِهَا وَظَلَامِهَا، مُتَأَخِّرَةً عَن الأُمَمِ بِفُرقَتِهَا وَضَعفِهَا، ‌لَقَد ‌أَنزَلنَا ‌إِلَيكُم ‌كِتَابًا ‌فِيهِ ‌ذِكرُكُم أَي: عِزُّكُم وَرِفعَتُكُمْ، ‌أَفَلَا ‌تَعقِلُونَ.

وأردف: وَمَعَ ذَلِكَ، فَفِي الأُمَّةِ بَقِيَّةُ خَيرٍ وَلِلَّهِ الحَمدُ، وَلَا يَزَالُ يَهتَدِي بِهَذَا القُرآنِ فِئَامٌ مِن النّاسِ، عَرَبًا وَعَجَمًا، يَستَمِعُونَ إِلَيهِ، فَتَستَبصِرُ بِهِ أَعيُنُهُم، وَتُصغِي لَهُ آذَانُهُم، وَتُقبِلُ عَلَيهِ نُفُوسُهُم، فَيَهدِيهِمُ اللَّهُ وَيُوَفِّقُهُم لِطَاعَتِهِ، جَعَلنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُم مِنهُم.

 واختتم: شَهرُ رَمَضَانَ شَهرُ القُرآنِ، وَهُوَ فُرصَةٌ لِأَن نُصَحِّحَ عَلَاقَتَنَا بِهَذَا الكِتَابِ الكَرِيمِ، لِنَفتَحَ لَهُ أَبصَارَنَا فَنَقرَأَهُ، وَبَصَائِرَنَا فَنَفهَمَهُ، وَقُلُوبَنَا فَنَتَدَبَّرَهُ، وَجَوَارِحَنَا فَنَعمَلَ بِهِ.

 

تعليقات