باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
من الذي قال إن العقوبة تكون مدتها مدة الذنب؟ من الذي قال عاقبوا القاتل خمس دقائق كما قتل في خمس دقائق؟.. هل هذا السؤال (خلود الكافر في النار) صحيح؟
أولا : إذا أردت
معرفة صحة سؤالك فلتنظر إلى الواقع حولك.
قاتل يشرع في
قتل إنسان، في خلال بضع دقائق فقط، فيعاقب بالسجن خمس وعشرون سنة، ورغم هذا لم
يعترض أحد في كونه ظلم!
سارق لا تستغرق
جريمته سوى دقائق معدودة، فيعاقب بالسجن خمسة عشر أو عشرون سنة، ورغم هذا لم يقل
أحد أنه ظلم!
كذلك الاغتصاب،
والزنى، وغيرها من الجرائم، لا تستغرق وقتا طويلا، ورغم ذلك تكون العقوبات لسنوات
طويلة للجناة، ولا يجرؤ أحد على قول أن هذا ظلم.
إذن وفقاً لما
جاء، فإن مقياسك في قصر مدة الذنب، وطول زمن العقاب، خطأ منذ البداية.
وهناك ما يعرف
بنظرية التماثل فلكل جريمة عقاب يساويها بين شخصين، أما كفرك بالله فأنت هنا كفرت
بالخالق وهنا يختلف العقاب، فجرمك في حق شخص مثلك يختلف عن جرمك في حق صانعك
وخالقك عز وجل فبالطبع يجب أن يختلف العقاب، فلو أنك أهنت رئيس دولة أو ملك -ولله
المثل الأعلى- ممكن أن يكون عقابك الموت فكيف بمن خلقك ولله المثل الاعلي ؛مع من أنت
أيها الضعيف تجرأت وكفرت وأجرمت مع مولاك الله العظيم.
فان كانت غاية
العذاب لتحقيق الحقّ ودحض الباطل، فلن تحققّ الغاية إلّا بالمكوث في العذاب أبداً؛
فما إن خرج الكافر من العذاب فسيعود الى باطله، ولن يُدحض ذاك الباطل عنده إلّا
بخلوده في ذاك العذاب، فسيتحقق الحقّ، ويبطل الباطل أبداً؛ فالعذاب إنما هو كاشف
الحقّ ومخزيّ الباطل لأهل الباطل: (بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن
قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).
قد أُنذر الظالم
بالعذاب وأنّه سيردّ الى محكمة الإله، لكنّه كذّب بها ولم يبالي للعذاب الذي وعد
به المكذبون: (وَقالوا إِن هِيَ إِلّا حَياتُنَا الدُّنيا وَما نَحنُ بِمَبعوثينَ
* وَلَو تَرى إِذ وُقِفوا عَلى رَبِّهِم قالَ أَلَيسَ هـذا بِالحَقِّ قالوا بَلى
وَرَبِّنا قالَ فَذوقُوا العَذابَ بِما كُنتُم تَكفُرونَ).
إن كفر المكذبين
بالمُنعم الذي منه تنال النعم، فلماذا يرتجي منه نعمة أن ينجو من عقوبة تكذيبه
إياه!
أما
إن كفر الإنسان بربّه الحاكم، وأشرك معه شركاء، إذاً فليدعوا الشركاء الذين زعمهم؛
فهم الذين أتخذهم آلهة من دون الله، فليكونوا هم من ينجيه من ذاك المصير، فإن لم
يستجيبوا فذلك جزاء القوم الكافرين بالله الذي له أمر الآخرة.
وأيضا خلود
الكافر في النار هو نتيجة علم الله عز وجل بأن هذا الكافر لو عاش خالداً في الدنيا
لظل خالداً في الكفر ومنه قول الله عز وجل (ولو ردوا لعادوا لما نُهوا عنه) اي لو
اعادهم الله الى الدنيا لعادوا للكفر مرة ثانية .
ثانياً قد ترى
أن عدم الإيمان بالله أو الأنبياء شيء بسيط.
لقد من عليك
الخالق سبحانه بالحياة، وفضلك على جميع خلقه، وسخر لك ما في الأرض من طعام، وشراب،
وماء، وهواء، ووهب لك السمع، والبصر، والفؤاد، وأرسل إليك الأنبياء والرسل
لهدايتك، وأنزل القرآن حجة عليك، ورغم هذا لا تؤمن به! بل تحيا في الكفر متعمداً
ستين أو سبعين سنة؟
فلتعلم أن من
يخلد في النار هو العاقل البالغ الذي وصلته رسالة الإسلام صحيحة فلم يؤمن بها، أما
من وصلته رسالة الإسلام مشوهة - ولم يستطع التحقق - فلا يخلد في النار ويختبر يوم
القيامة لأنه يعذر بجهله.
إذن فمن يخلد في
النار هو الكافر المتعمد العنيد، فلا يمكن أن نستنكر عذابه وخلوده في النار، لأنه
استكبر على خالقه، وأختار بإرادته -بعد أن وصلته رسالة الإسلام صحيحة ورغم
التحذيرات- أن يخلد في النار، فلا ظلم هنا في الأمر، لأنه إختياره عن اقتناع
وإرادة.
وفي النهاية يجب
أن تعلم أنه مادمت قد آمنت بالخالق، فإن كل أفعاله عادلة، فهو الذي علمك معنى
العدل.
وفقاً للتفكير
الإلحادي، الإنسان أصله من المادة، والمادة أصلها محايد، لا تعرف خيراً أو شراً.
فإذا قمت بفحص
نسيج من جسدك تحت الميكروسكوب لن تجد أي من معاني الخير والشر، والظلم والعدل،
فتلك المعاني متجاوزة للمادة المحايدة، وإنما تم اكتسابها من خلال إيمانك بالله
تعالى، فهو سبحانه ومن وضعها فيك.
وعدم إيمانك
بالخالق بمثابة معضلة كبرى لك كملحد؛ فكيف تكون تلك المعاني أو المفاهيم
داخلك، والمادة التي يتكون منها جسدك لا تدل عليها؟!
إذن فمعرفة أن
تلك المعاني مكتسبة من الخالق، ومن الإيمان به، يجعل الإنسان على يقين بأن كل
أفعاله سبحانه عادلة.
إذن هناك فهم
خاطئ لديك أنت وليس لدى الخالق.