أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
ألقى خطبة الجمعة اليوم على منبر الجامع الأزهر الشريف، الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، وجاء موضوع الخطبة: «وقفات نورانية لصلاح الإنسانية بين سورتي الإسراء والنجم».
وأكد الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أنَّ المولى -عز وجل- قد ربط آيات القرآن الكريم كلها ببعضها، فتحدثت سورة الإسراء عن معجزة الإسراء، قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، ثم تحدثت سورة النجم عن معراجه ﷺ، قال :{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى۞ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى۞ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}، وما رآه خلال رحلته، وما بين السورتين هناك تأملات قرآنية وإعجازات بلاغية لصلاح الإنسانية.
وأضاف مدير الجامع الأزهر أنَّ الله سبحانه وتعالى قد شبّه الحبيب المصطفى ﷺ بالنجم في الهداية، فهو ﷺ يهدي البشرية إلى صراط الله الحميد قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، كما تهدي النجوم الضالين إلى سواء السبيل، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، ثم إن الله جل علاه وصف حبيبه المصطفى ﷺ في سورة النجم بأن ما يقوله ليس من تلقاء نفسه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن بين سورتي الإسراء والنجم علاقة وثيقة، فبدايات السورتين تؤصل للعقيدة الصحيحة التي يُبنى عليها ما جاء بعدها من الأحكام والتشريعات والجوانب العقدية، ثم العلاقة بين الأنبياء والشرائع السماوي؛ قال تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ}، سيدنا موسى عليه السلام الذي ظل يراجع نبينا محمد ﷺ ليسأل ربه التخفيف حتى جعلها خمسًا، خمسٌ في العمل وخمسون في الأجر، وعليه فالأنبياء جميعا من لدن آدم عليه السلام وحتى خاتمهم سيدنا ﷺ قد جاءوا من أجل صلاح وإصلاح البشرية جمعاء، ثم خُتمت السورتين بركن العبادة الأعظم وهي الصلاة.
ولفت مدير الجامع الأزهر إلى أنَّ صلاح العباد يكمن في طاعة الله -عز وجل- وإخلاص العبادة له، وفي الابتعاد عن هوى الإنسان وتمنيه قال تعالى: {أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأولَى}، فصلاح العبد ليس بكثرة المال؛ فاللهُ تعالى يعلم ما يضر الإنسان وما ينفعه، فقد تؤدي كثرة الأموال إلى الإفساد في الأرض، كما قال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}، فيجب على الإنسان أن يؤمن باللهِ ويتوكل عليه حق توكله ويعبده حق العبادة، فيؤدي صلاته التي تحميه من الشرور والتي تؤمنه من الجزع والهلع، قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا۞ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا۞ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا۞ إِلَّا الْمُصَلِّينَ۞ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}.
ونوَّه الدكتور عودة إلى أنَّ المتأمل في آيات الذكر الحكيم سيجد ترابطًا فيما بينها ووصايا وحلولا لجميع مشاكل الفرد والأسرة ومن ثم المجتمع؛ فمثلًا لو تحدثنا عن الفقر سنجد أنَّ الله تعالى تكفَّل بالرزق، فمن توكل على الله حق توكله، كفاه رزقه وهمه، قال تعالى في سورة الإسراء: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}، فاللهُ -سبحانه وتعالى- يريدنا أن نتوكل عليه ونتبع منهج القرآن، حتى نكون عبادًا ربانيين ويتحقق لنا الصلاح والفلاح.