ما هي ملة إبراهيم عليه السلام؟

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 25 فبراير 2023, 01:16 صباحا
  • 634

أكد مركز"حصين" أن مِن حِكمَةِ اللَّهِ وَرَحمَتِهِ بِالخَلقِ، أَنّهُ أَرسَلَ إِلَيهِم الرُّسُلَ الكِرَامَ، يَدعُونَهُمْ إِلَى الهُدَى وَالِاستِقَامَةِ، وَيَأخُذُونَ بِأَيدِيهِم إِلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ وَالسَّلَامَةِ، فَاصطَفَاهُم سُبحَانَهُ مِن خِيرَةِ الخَلقِ، وَاصطَنَعَهُم لِنَفسِهِ لِيَكُونُوا قَوّامِينَ بِالحَقِّ.

 وبين في خطبة الجمعة التي نشرها اليوم، أن مِن خِيرَةِ الرُّسُلِ نَبِيُّ اللَّهِ إِبرَاهِيمُ عليه السلام، الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، وَجَعَلَهُ لِلأَنبِيَاءِ أَبًا وَلِلنَّاسِ إِمَامًا، وَأَمَرَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِأَن يَتّبِعَ مِلَّتَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ إِبرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنعُمِهِ اجتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ * وَآتَينَاهُ فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوحَينَا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشرِكِينَ، وَسَفّهَ اللَّهُ تَعَالَى مَن أَعرَضَ عَن هَذِهِ المِلّةِ، فَقَالَ: وَمَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إِبرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفسَهُ.

 وشدد على أن مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ عليه السلام مِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ جَلِيّةٌ، بَيّنَهَا رَبّنَا سُبحَانَهُ فِي كِتَابِهِ، حَتَّى لَم يَدَعْ لِأَحَدٍ بَيَانًا بَعدَ بَيَانِهِ، فَمِلّتُهُ عليه السلام هِيَ الحَنِيفِيّةُ الَّتِي أَعلَنَهَا بِقَولِهِ: إنِّي وَجهتُ وَجهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السَّمَواتِ والأَرضَ حَنِيفاً وَمَا أنَا مِنَ المُشرِكِينَ.

 

فَالحَنِيفِيّةُ مِلّةُ إِبرَاهِيمَ: هِيَ العُبُودِيَّةُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالتَّسلِيمُ لِشَرعِهِ، وَعَدَمُ الِاستِكبَارِ أَو الِاعتِرَاضِ عَلَى أَمرِهِ، فَلَقَدْ أَسلَمَ إِبرَاهِيمُ وَجهَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاستَسلَمَ لِأَمرِهِ حَتَّى فِي ذَبحِ ابنِهِ، وَابتَلَاهُ اللَّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ؛ طَاعَةً لِلَّهِ وَاطمِئنَانًا لِحُكمِهِ.

 

والحَنِيفِيّةُ مِلّةُ إِبرَاهِيمَ: هِيَ تَوحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادَتِهِ، وَإِخلَاصُ الدِّينِ لَهُ وَحدَهُ، وَالإِعرَاضُ عَن كُلّ مَعبُودٍ سِوَاهُ، فَلَا يُدعَى غَيرُ اللَّهِ، وَلَا يُلتَجَأُ إِلَى غَيرِ اللَّهِ، لِأَنّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَم يَلِدْ وَلَم يُولَدْ، وَلَم يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَلِأَجلِ ذَلِكَ جَادَلَ إِبرَاهِيمُ عليه السلام قَومَهُ فِي عِبَادَتِهِم لِلكَوَاكِبِ، ثُمّ حَطّمَ أَصنَامَهُم لِيُقِيمَ الحُجّةَ عَلَيهِم فِي ضَعفِهَا وَبُطلَانِ عِبَادَتِهَا، حَتَّى أَلقَوهُ فِي النَّارِ، فَكَانَ اللَّهُ وَلِيَّهُ وَنَاصِرَهُ.

الحَنِيفِيّةُ مِلّةُ إِبرَاهِيمَ: هِيَ البَرَاءَةُ مِن الكُفرِ وَأَهلِهِ، فَهُوَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أُسوَةً لِلمُؤمِنِينَ فَقَالَ سُبحَانَهُ: قَد كَانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذ قَالُوا لِقَومِهِم إِنَّا بُرَآءُ مِنكُم وَمِمَّا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرنَا بِكُم وَبَدَا بَينَنَا وَبَينَكُمُ العَدَاوَةُ وَالبَغضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَحدَهُ.

 فَهَذِهِ مِلَّةُ إِبرَاهِيمَ عليه السلام الَّتِي كَانَ عَلَيهَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ﷺ، وَكَانَ عَلَيهَا جَمِيعُ الأَنبِيَاءِ، فَهِيَ مِلَّةُ يَعقُوبَ الَّتِي وَصّى بِهَا بَنِيهِ، وَهِيَ مِلّةُ مُوسَى وَهَارُونَ، وَدَاوُدَ وَسُلَيمَانَ، وَيَحيَى وَعِيسَى عليهم السلام، فَالأَنبِيَاءُ وَإِن اختَلَفَت شَرَائِعُهُم التَّفصِيلِيَّةُ، إِلَّا أَنّ مِلّتَهُم وَدِينَهُم وَاحِدٌ، كَمَا قَالَ ﷺ: «الأَنبِيَاءُ إِخوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمّهَاتُهُم شَتّى وَدِينُهُم وَاحِدٌ»، رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وأردف: مِلَّةُ إِبرَاهِيمَ عليه السلام مِلّةٌ بَرِيئَةٌ مِن الكُفرِ وَالبُهتَانِ، وَإِنّ مِن قَلبِ الحَقَائِقِ وَتَحرِيفِهَا، أَن يُنسَبَ إِبرَاهِيمُ إِلَى الرِّضَا بِالكُفرِ بِاَللَّهِ، وَالتَّسوِيَةِ بَينَ الحَقّ وَالبَاطِلِ، أَو أَن يَدّعِيَ المُشرِكُ والكَافِرُ، أَنّهُ يَنتَسِبُ إِلَى إِبرَاهِيمَ عليه السلام، كَمَا نَسمَعُ اليَومَ مِن أَصحَابِ الدَّعَوَاتِ الهَدّامَةِ، الَّتِي تَبتَغِي هَدمَ الإِسلَامِ وَتَقوِيضَ أُصُولِهِ، وَالعَبَثَ بِمُسلّمَاتِهِ وَثَوَابِتِهِ، وإِذابَةَ حُدودِه ومَعالـِمِه.

تعليقات