كيف كان سيدنا يوسف مسلما مع أن الإسلام لم ينزل في عصره؟.. هشام رميح يرد

  • جداريات Jedariiat
  • الأربعاء 22 فبراير 2023, 9:06 مساءً
  • 1996

رد الدكتور هشام رميح، الباحث في مركز الفتح لنقد الإلحاد، على سؤال، طرحه بعض المتشككين، يقول فيه: إزاي سيدنا يوسف كان في الأية ٢٤ التي تقول ( ورأي برهان ربه ) مع إنه لم يكن فيه قرآن نزل وقتها لأن الإسلام لم ينزل، وكيف كان مسلما ويعبد الله؟ وكيف نقول على موسى وعيسى خصيصاً من الرسل، ولن أ قول الأنبياء ما قبلهم إنهم مسلمين مع إن رسائلهم كانت للمسيحية واليهودية؟ وثالثاً: أنا مسلم وهذه مجرد اسئلة حتى تقتل الشك بداخلي.

وفي إجابته على الأسلئة السابقة، قال "رميح": إن الأنبياء والرسل هم صفوة الله من البشر والله يخلق ما يشاء و ويختار سبحانه، وجميع الأنبياء والرسل أتوا بدعوة التوحيد (عبادة الله واجتناب الطاغوت وترك عبادة غير الله)، وفي ذلك يقول القرآن (وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَیۡهِ ٱلضَّلَـٰلَةُۚ فَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِینَ) [سورة النحل 36]

وتابع:  لذلك كلهم أتوا بعقيدة الإسلام وإن اختلفوا في الشرائع (مثل الفقه) وتابع هذا الرصد السريع لذلك في القرآن، إبراهيم وأبناؤه ويعقوب وأبناؤهما(وَوَصَّىٰ بِهَاۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ بَنِیهِ وَیَعۡقُوبُ یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ۝  أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰحِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ) [سورة البقرة 132 - 133]

يوسف عليه السلام كان مسلما (تَوَفَّنِی مُسۡلِمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ)، وموسى يقول لقومه (وَقَالَ مُوسَىٰ یَـٰقَوۡمِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَیۡهِ تَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّسۡلِمِینَ)، وعيسى مع الحواريين (فَلَمَّاۤ أَحَسَّ عِیسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِیۤ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ).

وأردف: ولأني أعلم أن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك لزدت، ودونك القرآن تجد على ذلك أمثلة كثيرة، فالأنبياء كالإخوة لأب دينهم وعقيدتهم واحدة بمثابة الأب وشرائعهم شتى بمثابة الأمهات؛ كما ورد حديث بمعنى ذلك (الأنبياءُ إخوةٌ لعَلَّاتٍ؛ أمَّهاتُهُم شتَّى ودينُهُم واحدٌ..) حديث صحيح، لذلك لماذا حكم الله بكفر اليهود والنصارى مع أنهم ينسبون أنفسهم لهؤلاء الأنبياء ؟ لسببين رئيسيين:

ـ لأنهم حرفوا عقيدة الإسلام التي يتفق عليها الأنبياء: (إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۗ وَمَن یَكۡفُرۡ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ) [سورة آل عمران 19]

ـ لأنهم كذبوا النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، ومن كذب به كفر فلا بد أن تؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين حتى يصح إيمانك فهو إيمان بمن أرسلهم جميعا وإن كانوا متفاوتين في الفضل؛  لذلك عقيدتنا نحن المسلمين أننا لا نفرق بين أحد من رسله كما نص القرآن، أي في أن الله بعثهم وأنهم صفوة البشر نحبهم ونتشبه بصفاتهم، ولا يصح لأحد أن يترك شريعة محمد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم  حتى لو تصورنا أحد الأنبياء أنفسهم أدركه فيلزمه اتباعه ولا يسعه إلا ذلك فهو سيد الأنبياء ويعرفون فضله وقد أخذ الله عليهم الميثاق بذلك(وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَ ٰلِكُمۡ إِصۡرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ) [سورة آل عمران 81]

وأكمل: وبعد هذا التفصيل أجيب سريعا .. برهان فيها خلاف بين العلماء وأرجح الأقوال أن الله لم يخبرنا بنوع هذا البرهان وصفته، فالقرآن يوقفنا على التفاصيل المهمة التي تحيي القلب ويعرض عما لا فائدة كبيرة منه، فالبرهان هو آية، الله أعلم بها كانت سببا في ثبات يوسف عليه السلام في هذا الموقف الصعب...

ـ قلنا كلهم أتوا بعقيدة الإسلام وإن اختلفت الشرائع ثم حرف أتباعهم بعد ذلك الدين فبعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ليبين لهم هذا الانحراف ويدعوهم للصراط المستقيم مرة أخرى ، كما نُسخت هذه الشرائع برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكانت هي الشريعة الخاتمة التي هي صلاح لنا في كل زمان ، فأقرت بعض ما كان في الشرائع السابقة ونسخت كثيرا من الأحكام وزادت أحكاما وشرائع عظيمة من الحكيم الخبير سبحانه..

إذًا فلا يقال عن موسى عليه السلام إن دينه اليهودية، بل دينه الإسلام، وأتباعه سُموا باليهود إما لقولهم : هدنا إليك ، أي: تبنا ورجعنا، أو نسبة ليهوذا أكبر أولاد يعقوب عليه السلام، وكذلك عيسى عليه السلام دينه الإسلام وليس النصرانية، والنصارى هم أتباعه الذين نصروره وآزروه. وحصل التحريف في هذه العقيدة كما سبق ذكره.

 

تعليقات