رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

عائشة محمد تكتب: نشأة الخلية الأولى

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 09 فبراير 2023, 00:57 صباحا
  • 601

الكائن العملاق على اليمين هو خلية حقيقية النواة eukaryotic cell، وعلى اليسار صديقتنا المفيدة المضرة (البكتيريا)؛ الخلية بدائية النواة prokaryotic cell، هناك بالطبع نطاق آخر بدائي النواة يسمى العتائق archaea، وهناك خلاف حول تصنيفه، ولكن ليس هذا موضوعنا الآن!

 

الفروقات بين الخليتين مذهلة! وبالتأكيد الفرق ليس في الحجم فقط، الأمر كما لو كنا نقارن مركبة فضائية بسيارة صناعة عشرينات القرن الماضي!

 

لم تستطع نظرية التطور تفسير نشأة الخلية الأولى، ولا تفرعها لنطاقي البكتيريا والعتائق، ولا تحولها إلى الخلايا حقيقية النواة، ولا اكتساب الخلايا حقيقة النواة إلى عضياتها التي لا نعرف في أي مرحلة تحديدا ظهرت، ولا نشأة الماكينات الجزيئية المعقدة كالـ kinesin والـ atp synthase والـ hexokinase والـ rhodopsin وغيرهم...

 

فما الذي استطاعه أنصار المنطق التطوري في التفكير؟

 

استطاعوا أن يخبرونا أنه لو افترضنا حدوث تعايش جواني endosymbiosis بين خليتين بكتيريتين في مرحلة مبكرة من تاريخ الحياة، فيمكننا بهذه الطريقة تفسير نشأة الميتوكوندريا والبلاستيدات الخضراء الموجودة بداخل الخلايا حقيقية النواة، ومن ثم يمكن الادعاء أن نظرية التطور قادرة على تفسير نشأة الخلية حقيقة النواة eukaryotic cell!!!

 

هل لو افترضنا فعلا صحة التفسير الذي طرحته لين مارجوليس المعروف بالـ symbiogenesis، فهل هذا يفسر لنا بالفعل اكتساب الإبداعات البيولوجية الجديدة التي نراها في الخلايا حقيقية النواة (كالنواة وغشائها والريبوسوم وجهاز غولجي والشبكة الإندوبلازمية... إلخ)؟

 

لا نود الانخراط في التعقيدات التقنية، ولكن بدون طرح آلية طبيعية مادية لاكتساب الكائنات الحية لتلك الإبداعات المعلوماتية الجديدة، فنحن لسنا أمام شيء!

 

ليس أمامنا تفسير حقيقي، أمامنا فقط wishful thinking أو مجرد أمنيات أن تعكس لنا الحياة صحة التصورات الطبيعانية، ولكن إن عدنا للواقع، سنجد أن الطبيعانية تفشل بامتياز أمام ظهور تلك الإبداعات المتكررة عبر تاريخ الحياة.

 

يقول البيولوجي (ألبرت دي روز)، والذي لا يتبع الخلقوية ولا التصميم:

"حينما نحاول أن نقحم سيناريو ميكانيكي بناء على نظرية التعايش الجواني endosymbiotic theory فسريعا ما نواجه المشاكل.

 

الطفرات الجينية التي ستسمح للبكتيريا بالازدهار في السيتوبلازم (العصارة الخلوية) لن تكون عملية للبقاء على المدى الطويل. الخلايا اللاهوائية عادة لا تنجو في بيئة تحتوي على الأكسجين، بينما الـمُعايش الـجَوّاني endosymbiont سيحتاج إلى الأكسجين لكي يعكس أفضلية في الكفاءة. كلا الكائنين في البداية سيتنافسان على مصادر الطاقة؛ حيث أن البكتيريا مستهلكة لأدينوسين ثلاثي الفوسفات ATP وليست مصدرة له.

 

الانتقال المكثف للجينات الذي تطلبه النظرية سيعيث فسادا في جينوم معقد، ذلك لأن الإدخال المتكرر لقطع عشوائية من دنا الميتوكوندريا mtDNA سيعطل الوظائف الموجودة. علاوة على ذلك، انتقال الجينات هي عملية متعددة الخطوات، حيث يجب أن تنتقل الجينات فيها إلى النواة، وأن يتم التحايل على الاختلافات الجينية للميتوكوندريا، وأن تتم عملية التعبير الجيني بشكل صحيح، وأن تعاد أيضا إلى الميتوكوندريا لكي تكون وظيفية.

 

اختصارا؛ السيناريوهات الآلية لنظرية التعايش الجواني تتضمن أشكالا وسيطة غير وظيفية أو ضارة تماما للكائن".

 

وليس هذا فحسب! والعديد من المشاكل تواجه الافتراضات التي طرحتها لين مارجوليس، ولكن ما يهمني في المقام الأول هو، أين هي تلك القدرات الخارقة لنظرية التطور على تفسير نشأة كل شيء بالآليات الطبيعية؟

 

رجاءا لا تخبرونا أن النظرية لا تفسر كل شيء، فهذا حتما ليس كل شيء!

نحن نتحدث عن أكثر المستويات الأساسية في عالم الحياة!

 

عن الخلية!

 

عدم استطاعة نظرية التطور تفسير نشأة الخلية، أي خلية!، لا بد أن يكون له تبعات كارثية على قدراتها التفسيرية، ولكن الواقع مختلف، ولنا عودة.

 

عائشة محمد

مديرة الشؤون الإدارية في مركز براهين

 

تعليقات