محمد جاد الزغبي يكتب: فالناس موتى... وأحمد خالد توفيق في الأحياء!

  • جداريات Jedariiat
  • الإثنين 09 يناير 2023, 01:26 صباحا
  • 783
أحمد خالد توفيق

أحمد خالد توفيق

كلنا يتذكر بيت الشعر الشهير

ففز بعلمِ تعش به أبدا * فالناس موتى وأهل العلم أحياءُ

وما ينطبق على العلم ينطبق أيضا على الفكر، وينطبق على شتى أنواع النفع العام على الناس.

وقد تابعنا جميعا هذه الحملة الإعلامية على أستاذنا الراحل أحمد خالد توفيق، بعد أن كشفت روايته يوتوبيا عن أنه توقع بشكل مذهل ما ستكون عليه الحياة في عام 2023 تحديدا إذا استمر ت الأوضاع بنفس الطريق والطريقة.

ومن بين المهاجمين مذيع هادئ لا يبدو كغيره في الشكل وإن اتفق معهم في المضمون وهي شلة إعلاميي آخر الزمان القابعة في القنوات، لهذا اكتفى بالتساؤل الاستنكاري عن سبب هذه الغضبة الشعبية الرهيبة لأحمد خالد توفيق، ولماذا يتمتع بهذا القدر والاحترام بين محبيه!

وقد تكفل بالرد عليه تلاميذ الراحل، ولكني سأتناول الرد من باب آخر لعله يفهم.

أولا:

أحمد خالد توفيق ونبيل فاروق تحديدا بلغا من نسب التوزيع والتأثير ما لم يبلغه كاتب عربي في العصر الحالي قط، فكتاباتهم وزعت ولا زالت توزع ملايين النسخ حول العالم، وشعبيتهم ساحقة بالمعنى الحرفي للكلمة، ولعل هذا ما يثير الإعلام لأنهم لم يعتادوا على وجود أقلام يهملها الإعلام ولا يفخمها ومع ذلك تكون هي الأكثر تأثيرا.

فالفارق بينهم وبين غيرهم كالفارق بين الزعماء الشعبيين الكبار وبين أصحاب المناصب من السلطة، فسلطة أصحاب المناصب يكتسبونها بعطايا الحاكم أما سلطة الشعبية فمن الناس وحدهم.

ثانيا:

بسبب جهل المهاجمين بأحمد خالد تورطوا في نفس المأزق التقليدي وهو أنهم تعاملوا مع أحمد خالد ونبيل فاروق على أنهم روائيين وكتاب قصص، ولو كان الأمر كذلك لصاروا بنفس شعبية الكتاب الذين كتبوا للناشئين الروايات والكوميكس.

لكن أحمد خالد توفيق ونبيل فاروق مختلفان تماما، لأن صفتهم الروائية مجرد جزء من قيمتهم الفكرية، فكل منهم كان مفكرا حقيقيا بالمعنى الحرفي للكلمة.

وذلك لأن كل منهم كان لديه مشروع فكري متكامل يوجهه للشباب وحدهم، ويعمق معاني هذا الفكر في سلاسل رواياته، ثم يشرحها بشكل أوسع في سلاسل المقالات والبحوث العلمية التي واظب عليها كلاهما وتمثل قيمة فكرية أعلى بكثير من قيمتهم الروائية والأدبية.

فمن الطبيعي أن من انتقدوهما لم يعرفا قيمتهما أصلا

ثالثا:

كان المشروع الفكري لنبيل فاروق يدور حول مفهوم الوطنية والتجرد، والأخلاق العامة، وتكريس التعامل باللغة العربية الفصيحة والجزيلة وإعلاء قيمة العروبة والعرب وحضارتهم.

وكان المشروع الفكري لأحمد خالد نفس الخط الفكري لإعلاء اللغة العربية، مع خط سياسي واضح انحاز فيه للشباب ومستقبلهم وحقهم المهدور في أوطانهم، فضلا على النقد الاجتماعي اللاذع للمجتمع وأيضا الإعلاء من قيمة الوطنية عن طريق إظهار عيوب الغرب كما في كتابه (الحلم الأمريكي) ودعوته للشباب ألا يغتروا بالمثالية الزائفة في الخارج وألا يستسلموا للانبطاح في الداخل

وبالطبع فإن الإعلاميين المهاجمين لهما يسيران على الخط العكسي ومن الطبيعي أن يشعرا بالحقد تلقائيا تجاه هذه الشعبية

رابعا:

من عوامل النجاح الساحق للراحلين الكبيرين، أن كلا منهما كان موسوعة متحركة في الثقافة العامة والفنون والآداب والترجمة، بينما شلة الإعلاميين المهاجمين عبارة عن كائنات وحيدة الخلية لو تم قياس معدل ذكائها أو معدل ثقافتها فربما يبلغ درجة ثقافة الشمبانزي أو أقل قليلا!

وأكبر دليل على هذا أنهم جميعا دون استثناء استضافوا الدجالين والمشعوذين ليسألوهم عن الطالع في العام الجديد وعن سعر صرف الدولار وكيف سيكون مستقبل الحكم!

وبالتالي فلا علاقة لهؤلاء بالثقافة ولا بالإعلام قطعا.

وصلتهم الوحيدة بالإعلام هي دعوة أمهاتهم ذات يوم (روح يبني ربنا يفرج عليك خلقه)

فاستجاب الله وأصبحوا إعلاميين كما ترون!

تعليقات